نزار ديب نزار ديب

أرقام خلبية للحكومة.. بينما الواقع يزداد سوءاً!

هذه المادة تشكل الجانب الاقتصادي من المداخلة التي قدمها النقابي نزار ديب في المجلس العام لاتحاد العام لنقابات العمال المنعقد في دمشق مؤخراً، وقد ارتأينا نشرها لما لها من أهمية في دحض الأرقام التي تقدمها الحكومة.. المحرر.

بعمليات حسابية متواضعة تظهر الأرقام مدى حالات الارتباك والتقصير والتباطؤ الاقتصادي والتناقض في التصريحات والفساد والخلل في بعض مفاصل السياسة الاقتصادية الحكومية. 

أولاً ـ في مجال التهرب الضريبي:

تدعي الحكومة ووزارة المالية بأن التهرب الضريبي قد تراجع، بينما الأرقام تقول عكس ذلك تماماً، ولنأخذ مثال الأعوام 2008، 2009، 2010 حسب الجدول رقم (1).

نلاحظ أن نسبة التحصيل الضريبي من حجم الموازنة العامة انخفض: من 66.5% عام 2008 إلى 58.3% عام 2009، إلى 53.11% عام 2010.. وإذا لاحظنا الفارق البسيط في الجباية الضريبة نجد أنه:

في عام 2008 كانت قيمة التحصيل الضريبي كزيادة عن عام 2007 /63.376/ مليار ل.س. وفي عام 2009 كانت قيمة التحصيل الضريبي كزيادة عن عام 2008 /14.315/ مليار ل.س. وفي عام 2010 كانت قيمة التحصيل الضريبي كزيادة عن عام 2009 /21.194/ مليار ل.س.. وهي أرقام مخجلة لا تعبر عن قيادة حكيمة في التحصيل الضريبي، فالمهرب منه يقدر بـ/200/ مليار ل.س حسب الإحصائيات الرسمية، وإن هذا التحصيل أكثر من /80%/ منه هو من القطاع العام، فأين هي خطة وزارة المالية؟ وأين هو القطاع الخاص وضرائبه التي يجب أن تساهم في التنمية الشاملة حسب التقارير الحكومية؟ إن التهرب الضريبي هو خيانة وطنية كبرى. 

ثانياً ـ بالنسبة للإنفاق الجاري:

الحكومة تقول إنها حققت أرقاماً ممتازة في قطاعات الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم ودعم رواتب وأجور وغيرها، والأرقام الموجودة لدينا تخالف هذه الرؤية الحكومية حسب الجدول رقم (2).

حيث نلاحظ من خلال الجدول أن الإنفاق الجاري انخفض من 68.44% عام 2008 إلى 63.07% عام 2009، إلى 56.63% عام 2010، وهذا يؤكد عدم الاهتمام في القطاعات الخدمية الرئيسة من صحة وتعليم، وعدم وجود زيادة حقيقية في الإنفاق لهذه القطاعات، وأيضاً مؤشر على نزوح اليد العاملة وازدياد حجم البطالة. 

ثالثاً ـ بالنسبة للإنفاق الاستثماري:

ارتفع الإنفاق الاستثماري بالنسبة لحجم الموازنة العامة من 31.55% عام 2008 إلى 36.92% عام 2009، إلى 43.36% عام 2010، وهذه الزيادة في الإنفاق الاستثماري يجب أن تعطي زيادة في الإيرادات الاستثمارية وهنا نجد أن الإيرادات الاستثمارية تتناقص أو تتساوى مع بعضها، وهذه معادلة علمية تؤكد قضية وجود فساد وإثراء على حساب المشاريع الاستثمارية، فالقاعدة الاقتصادية تقول إن أي زيادة في الإنفاق الاستثماري يؤدي إلى زيادة في الإيرادات الاستثمارية، وهذا التناقض يدل على أمرين:

الأول: حالات فساد ونهب المال العام.

الثاني: عدم وجود جدوى اقتصادية من هذه المشاريع الاستثمارية. 

رابعاً ـ بالنسبة لعجز الميزان التجاري:

 ارتفع العجز في الميزان التجاري السوري من /26/ مليار عام 2008 إلى /131/ مليار عام 2009، وعجز الميزان التجاري للقطاع الخاص بست سنوات متتالية بلغ /599/ مليار ل.س وهذا يدل على أمرين:

الاستيراد أكبر من التصدير للقطاعين معاً، وهو مؤشر على ضعف الصناعة السورية.

اعتماد القطاع الخاص على الاستيراد مما يؤكد عدم جدواه الاقتصادية، خصوصاً إذا علمنا أن معظم مستورداته هي من الصناعات التحويلية كالأغذية والكيماوية والفلزات وغيرها، وهذا الأمر قد يؤدي إلى فقدان مدخراتنا الوطنية من القطع الأجنبي، ويحق لنا في الحركة النقابية أن نضع إشارات الاستفهام والتعجب لمساهمة قطاع الصناعة التحويلية في الناتج المحلي، فقبل صدور قانون الاستثمار رقم /10/ لعام 1991 كانت مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي /5%/ وبعد صدور القانون أصبح /7.8%/ أي بنسبة زيادة /2.8%/، فأين ذهبت المليارات من أرباح هذا القطاع؟ وأين هو القطاع الخاص الذي تتسابق الحكومة في تسهيل مهمته؟ لقد أثرى القطاع الخاص على حساب الشعب وعلى حساب الوطن.

خامساً ـ بالنسبة لتراجع مؤشرات الزراعة:

تراجع الإنتاج الزراعي عام 2007 كما تراجعت المساحات المزروعة مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث بلغ معدل نمو ناتج الزراعة نحو /-10%/ والمقرر في الخطة الخمسية العاشرة للعام نفسه /5.5%/، وانخفضت مساهمة الإنتاج الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من /23%/ عام 2005 إلى /17%/ عام 2008. 

سادساً ـ بالنسبة للبطالة:

الرقم الرسمي للعاطلين عن العمل هو /1.382.162/ مواطناً والمسجلون في مكاتب الشؤون /1.522.288/ مواطن، والمشتغلون /140.126/ أي نحو /9.2%/ من عدد المسجلين بالشؤون حازوا على فرصة عمل، أما النسبة الحقيقية للبطالة فهي تتجاوز /25%/ حيث زادت نتيجة قرارات وقوانين اتخذت من القانون /59/ القاضي بعدم أو منع البناء في الأحياء الشعبية أو ما يسمى بالسكن العشوائي حجة. يوجد اليوم مئات الآلاف من الشباب يعملون في ورش البناء جميعهم توقفوا عن العمل، يضاف إليهم توقف العديد من السائقين الذين كانوا يعملون على سيارات السرفيس نتيجة دخول الرأسمال الخاص لقطاع النقل في المحافظات. وهذه النسب تعكس بشكل واضح العجز الحكومي في تحقيق تنمية شاملة، تكون قادرة على تشغيل جيش العاطلين عن العمل. 

سابعاً ـ الأجور والرواتب:

إن ما تتحدث عنه الحكومة من نمو اقتصادي بين /4 ـ 5%/ خلال تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة، لم ينعكس على الرواتب والأجور قياساً بالأسعار الرابحة للسوق وحسب الأرقام الإحصائية فإن متوسط الأجور الشهرية للقطاع الغير منظم تقارب/9000 ل.س/ مع العلم أنه يشكل نسبة /40%/ من قوة العمل السورية، وإن رفع را تب المتقاعدين إلى /6010 ل.س/ هو اعتراف الحكومة بوجود أكثر من /53/ ألف متقاعد يعيشون تحت خط الفقر، وأما رواتب العاملين في الدولة فلم تصل! ولن تصل بمتوسطها للرقم الذي طرحه رئيس الحكومة /24/ ألف ليرة سورية، وهي في جميع الأحوال متدنية ولا تكفي العامل لسد رمقه من تعب الحياة وأسواقها المنفلتة. 

أخيراً أؤكد على الورقة الإصلاحية الواردة في تقرير المجلس مع التأكيد على المقترحات التالية:

إصلاح القطاع العام الصناعي والإنشائي ورصد الاعتمادات له.

تحقيق نسب النمو الواردة في الخطة الخمسية العاشرة وأن تنعكس على الواقع المعيشي للمواطن.

مراقبة الإنفاق الاستثماري وتوجيهه نحو تنمية حقيقية ورصد اعتمادات جديدة لمشاريع جديدة.

زيادة الإنفاق الجاري في قطاع الصحة والتعليم والخدمات العامة.

مكافحة التهرب الضريبي ومحاسبة المتهربين وفضح أسمائهم عبر الصحف والقنوات الإعلامية.

مكافحة الفساد وبأشكاله المختلفة وفي كل المواقع وعلى كافة المستويات.

إعادة النظر بالقانون /17/ لعام 2010 الناظم لعمل القطاع الخاص وخاصة المادة /65/ منه.

تفعيل اللجان الدارسة للحقوق العمالية الواردة في القانون الأساسي للعاملين في الدولة من طبيعة عمل ومخاطره والجهد والاختصاص الفني...

إيجاد الحلول المناسبة لتقليص حجم البطالة السورية والاستفادة من قوة العمل السورية كرافد لواردات الدولة.

زيادة الرواتب والأجور بما يتناسب مع أسعار السوق ومع الوضع المعيشي.

 الابتعاد في التنظيم النقابي عن حماية الفاسدين والمقصرين لأننا حين ننتقد الأداء الحكومي فعلينا أن ننقد أداءنا ونعترف بتقصيرنا وظهور حالات الفساد بين بعض النقابيين، مع التركيز على محاربة المركزية الشديدة في اتحاداتنا، والتأكيد على وجود المحسوبية والوصولية والخلل في الكثير من مستويات الحركة النقابية السورية.

• نقابي بارز

عضو المجلس العام لاتحاد نقابات العمال