شيطنة القطاع العام السوري... وأجندة توزيع الثروة بالمقلوب
يحمل كثير من السوريين صورةً نمطية سلبية عن القطاع العام، مفادها أنه قطاع مترهل وفاشل ومحكوم بالخسائر المزمنة. وتُعزَّز هذه الصورة عبر الخطاب الرسمي والإعلامي الذي دأب لعقود على وصف مؤسسات الدولة بـ«الخاسرة» وعديمة الجدوى. فلا يكاد يُذكر القطاع العام إلا مقروناً بمفردات مثل البيروقراطية والفساد وضعف الإنتاجية، مقابل تمجيد متزايد لدور القطاع الخاص. ومما رسّخ هذه النظرة أن الكثير من شركات ومصانع الدولة شهدت تراجعاً فعلياً في الأداء والخدمات خلال العقود الماضية، وانخفضت قدرتها التنافسية، الأمر الذي عزاه البعض إلى كون الملكية العامة بطبيعتها غير كفؤة اقتصادياً. وهكذا، ترسّخت فكرة أن القطاع العام في سورية عاجز تماماً عن تحقيق النمو أو الربح، وأن الاعتماد عليه مضيعة للموارد، مما ولّد قناعة شعبية بأن الحل هو التخلي عنه لصالح قوى السوق والخصخصة. ويغذي هذه القناعة واقع المعاناة اليومية للمواطن في الدوائر الرسمية المزدحمة والإجراءات الورقية المطوّلة، حيث باتت مفردات الترهل والجمود ملازمة لصورة الموظف الحكومي والمنشأة العامة في الذهن السوري.