أداء المصارف السورية الخاصة.. تحت المجهر
أكد د. أيمن الميداني خلال محاضرة خصصتها جمعية العلوم الاقتصادية السورية لعرض «موقع وأداء المصارف الخاصة في النظام المصرفي السوري»، أن إجمالي ودائع القطاع المصرفي في سورية نمت من 670 مليار ليرة عام 2004 إلى 1.191 مليار ليرة نهاية 2009، أي بنسبة 77.76%، وفي التفصيل أوضح أن ودائع المصارف الخاصة ارتفعت خلال هذه السنوات الخمس من 20 إلى 340 مليار ليرة، أي نحو 17 ضعفاً، ما أدى إلى ارتفاع حصتها من إجمال الودائع المصرفية من 3% عام 2004 إلى 29% نهاية 2009، وأشار الميداني إلى أن ودائع المصارف الخاصة نمت عام 2009 بمعدل 25.46%. أما ودائع المصارف الحكومية فبيّن الباحث أنها ارتفعت خلال الفترة نفسها من 650 إلى 795 مليار ليرة، أي بنسبة 22% فقط، بينما ازدادت ودائع المصارف الإسلامية من 35 إلى 56 ملياراً ما بين 2008 و2009، أي بنسبة 60%.
وفيما يتعلق بودائع العملة الأجنبية في القطاع المصرفي أوضح الميداني أن هذه الودائع ازدادت في القطاع المصرفي ككل من 64 ملياراً في 2004 إلى 193 ملياراً في 2009، بنسبة 3%، ولاحظ الباحث أن انخفاضاً واضحاً طرأ على حجم ودائع العملة الأجنبية في القطاع المصرفي خلال 2009 حيث انخفضت من 211 ملياراً في 2008 إلى 193 ملياراً في 2009، وقدر الانخفاض بنسبة 8.55% عازياً سببه إلى التراجع الكبير في ودائع العملات الأجنبية في المصارف الحكومية التي انخفضت من 84 إلى 50 مليار ليرة، موضحاً أن ذلك قلّص حصة المصارف الحكومية من إجمالي ودائع العملة الأجنبية من 40% إلى 26% عام 2009.
وفي السياق أوضح الميداني أن ودائع العملة الأجنبية في المصارف الخاصة ازدادت 12 ضعفاً خلال خمس سنوات، حيث قفزت قيمتها من 10 إلى 127 مليار ليرة وفاقت بحجمها حجم العملات الأجنبية المودعة في المصارف الحكومية ابتداءً من 2006، وبذلك حسب قوله ارتفعت حصة المصارف الخاصة في ودائع العملات الأجنبية من 15% عام 2004 إلى 66% عام 2009، ولاحظ الباحث أن دخول المصارف الإسلامية إلى السوق المصرفية حدّ قليلاً من نمو ودائع العملات الأجنبية في المصارف التجارية الخاصة، حيث انخفض معدل نمو هذه الودائع من 29% عام 2007 إلى 12.74% عام 2008 ثم إلى 10.8% في 2009، موضحاً أن المصارف الإسلامية حصلت عام 2008 على 11.6 مليار ليرة وعلى 15.61 ملياراً عام 2009، وهو ما يمثل 8% من إجمالي ودائع العملات الأجنبية في المصارف السورية.
واستفاض د. الميداني في موضوع فائض السيولة لدى المصارف الخاصة، موضحاً أن مسألة السيولة العالية التي تعاني منها المصارف الخاصة في سورية يمكن أن تتوضح بشكل جلي عبر استعمال بعض النسب المصرفية التحليلية التي تشير إلى ارتفاع هذه السيولة، على أنه يمكن تتبع مستوى السيولة العالية في المصارف الخاصة السورية عبر تفحص نسب مالية مصرفية مؤشرة مثل نسبة القروض إلى الودائع، ونسبة الأرصدة والإيداعات لدى مصارف أخرى إلى الودائع، ونسبة الودائع بالعملة الأجنبية، وفيما يتعلق بنسبة القروض إلى الودائع (بالعملة السورية والأجنبية) بيّن الباحث أن وسطي هذه النسبة بلغ 43.53% في 2009، مرتفعةً قليلاً من 40.59% عام 2008، وتابع أن هذه النسبة تزداد عند استبعاد ودائع العملة الأجنبية غير المسموح إقراضها داخلياً إلاّ في حالات معينة (تمويل التجارة الخارجية أو المشروعات المرخصة على قانون الاستثمار)، فتصل إلى 69.48% في 2009 منخفضةً قليلاً من 70.51% عام 2008.
أما نسبة الأرصدة والإيداعات لدى مصارف أخرى إلى الودائع، فتكمن أهميتها حسب قول د. الميداني في أنها توضح النسبة من الودائع التي استمالتها المصارف من الزبائن ووظفتها مع مصارف مراسلة في الخارج ومع البنك الأم، وهذه النسبة يجب أن تكون مساويةً أو قريبةً من نسب الودائع بالعملة الأجنبية لدى المصارف، وأوضح الميداني أن هذه التوظيفات قد تراجعت بنسبة 4% لقطاع المصارف الخاصة وسطياً لتصل عام 2009 إلى 41.61% مقارنةً مع نسبة 45.85% عام 2008.
وحول نسبة الودائع بالعملة الأجنبية إلى إجمالي الودائع بيّن الباحث أنها بلغت مالا يقل عن 37.35% في 2009، مرتفعةً من 42.43% في 2008.
وفي نهاية المحاضرة خلص د. الميداني إلى أن بقاء الفوائد العالمية على مستواها المتدني جداً واتجاه المصارف نحو التوسع في التسليف الداخلي والتنافس على التوسع فيه، إلى جانب عدم تحقيق معدلات نمو مؤثرة في الاقتصاد السوري والاستمرار في زيادة عدد المصارف بدخول مصارف جديدة وتوسيع شبكات الفروع، كل هذه الأمور مجتمعة لا تعزز التوقعات بأن تحقق المصارف الخاصة أحجام ومعدلات نمو عالية في أرباحها كما اعتادت خلال السنوات السابقة.