وذكّر... بعض مما قالته قاسيون في الحوار قبل عشر سنوات
ضمن الملف الذي بدأته «قاسيون» في الأعداد السابقة لإنعاش الذاكرة بما يخص المواقف التي اتخذها حزب الإرادة الشعبية عام 2011، (وكان اسمه اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في حينه)، أُقدّم هنا مساهمة في استذكار موقف الحزب من مسألة الحوار والحل السياسي، والذي كان موقفاً ثابتاً رغم كل عمليات «التشبيح» من المتشددين في الطرفين التي تعرض لها هذا الموقف، وتنحصر عملية الاستذكار التي أقوم بها هنا في اختيار اقتباسات من مقالات وافتتاحيات كتبت في قاسيون خلال العام 2011، والتي سيكون من الممكن الانتقال إليها كاملة بسهولة في النسخة الإلكترونية من المادة...
جذور الأزمة
«العنف السياسي يتمثل بمصادرة رأي الناس، وإغلاق المنافذ الحرة التي تسمح لهم بالتعبير عن آرائهم.. سواء أكان ذلك مشرعناً، أي: خاضعاً لقوانين عنيفة سياسياً كحالة الطوارئ وغياب قانون الأحزاب وغياب قانون انتخابات عصري وقانون مطبوعات ووجود مواد دستورية من طراز المادة الثامنة، أو أن العنف السياسي كان التفافاً على الشرعية الدستورية والقانونية المتمثل بالاعتقالات، ومنع الأحزاب السياسية من ممارسة العمل السياسي في مفاصل محددة، وضمناً تحويل الممارسة الديمقراطية إلى شكل لا مضمون له إلّا انتصار قوى الفساد واستمرارها».
ولتجاوز العنف يجب «التوجه نحو حريات أوسع تُعيد النضال السياسي إلى دوائر الدولة وإلى الجامعات وإلى المجتمع كاملاً ليبحث عن بدائله الحقيقية بروية وبعقل بارد، لا يأخذه الثأر أنّى شاء، وعليها قبل قانون الأحزاب وقبل رفع الطوارئ، العمل على قانون انتخابات عصري يكون منفذاً لصوت الناس الحر، وليس مسرحية تغتال فيها أصواتهم».
«العنف المدني هو استمرار ومحصلة للعنفين الاقتصادي والسياسي، وهو المتمثل بالتهديد المباشر لمواطنية الإنسان وكرامته الشخصية، والذي يأخذ صياغاته الواقعية في غياب الدور المؤسساتي الحقيقي في إدارة شؤون البلاد وطغيان المحسوبيات والتنفذ على طبيعة العلاقات، وما ينتج عن ذلك من استهتار بكرامات الناس وتنكر لخصالهم وقدراتهم، كل ذلك يتجلى تعدياً على مواطنية المواطن وفاعليته الاجتماعية»
(العنف ومهمة إنقاذ سورية – ٣٠ نيسان ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
الحراك الشعبي
«الحراك الشعبي الوطني، النظيف والواضح ومتعدد المشارب والتعبيرات السياسية والاجتماعية هو الضامن الأساسي والوحيد للإصلاحات الجدية والجذرية المطلوبة، دون أن يشوب ذلك تطرف أو شطط من أحد الأطراف المعنية بهذا الشكل من الحراك».
(الحراك ضمانة الإصلاح – ٦ أيار ٢٠١١- افتتاحية قاسيون العدد 501)
«موضوعية الحراك هي في الجوهر، تدني درجة رضا الناس عن النظام الذي يحكمهم؛ لذا فإن الحسم العسكري وحده باهظ التكلفة وربما غير مجد، لذا كان الحل المركب، أي: أخذ سورية من الداخل ثم من الخارج.. من الداخل بتفتيت أساسات الوحدة الوطنية وخلق حالة من التوتر الاجتماعي وعدم الرضا، ويكتمل الحل المركب بالتدخل الخارجي بعد أن تكون السياسات الليبرالية خلقت جواً من الاحتقان والتهميش مع بعض البهارات السلفية والطائفية ونشر المصطلح اللبناني (خطوط التماس) على الأرض والمقصود خطوط التماس الجغرافية بين الطوائف... يأتي حينها التدخل الخارجي ليحسم الأمور ويأخذها نحو نهاياتها (الأمريكية)».
«ما نراه على الأرض اليوم هو خليط من الحراك الشعبي ذي الأساس الموضوعي ومن محاولات امتطائه أمريكياً. ويجدر بالذكر أن التحليل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الممثلين الداخليين للاتجاهات المختلفة، فالشكل الدموي الذي جُرَّ الحراك نحوه جراً سواء بالتعامل الخاطئ معه، أم بتدخل قوى الظل، أم بهما معاً، فإنه يصب مصباً واحداً وهو ضرورة رفع منسوب الدم إلى أقصى الحدود وإجهاض الحراك سريعاً، ليلي ذلك إعادة اقتسام الثروة دون أن ينال الحراك نصيبه منها، ومن مصلحة الطرفين (الفساد الكبير داخل جهاز الدولة والبرجوازية الكبرى خارجه) ألا يستمر الحراك، لأن استمراره يعني بالضرورة نضجه وتالياً، فإنه سيكنسهما معاً ويعيد توزيع الثروة بين الناهبين والمنهوبين»
(هل سيتوقف الحراك؟! – ٦ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
ثنائيات وهمية
«جميع الثنائيات من نوع: معارضة- نظام، ثورة- مؤامرة، مؤيد- معارض، وطني غيور- مندس...إلخ، تخدم مساعي واضعيها من مختلف المواقع في الخلط وتضييع الحدود بين الحاجة الموضوعية للإصلاحات الجذرية الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية من جهة، وبين محاولات أخذ الحراك وركوبه من الداخل والخارج باتجاهات الفوضى والمساس بموقع سورية في خارطة الاصطفافات السياسية في المنطقة وفي العالم»
(التصنيفات الوهمية كأداة للتدخل الخارجي – ١٣ أيار 2011 - مقالة ضمن ملف سورية)
«الحركة الشعبية التي بدأت كاحتجاج على مظالم محددة ما كانت لتستمر وتتسع تظاهراً إلّا لأنها أصبحت تعبيراً عن حاجات ملحّة وضرورية ومتراكمة للتغيير والإصلاح الجذري، فاكتسبت صفة موضوعية وعامة، ووضعت البلاد جدياً على مفترق طرق، بما يمنع العودة إلى الوراء كما يتمنى البعض، وبما يدفع بالضرورة المزيد من الشرائح الاجتماعية للنشاط السياسي بأشكالٍ مختلفة، أقصاها كان التظاهر»
(الحركة الشعبية والأكثرية «الصامتة» – ٢٠ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
«ذلك زمان مضى، الزمان الذي ساد فيه- وتحت مسميات «الواقعية السياسية» - اعتقاد راسخ بأن الناس أضعف وأقل جرأة من أن تتحرك، وأكثر سلبية وعدمية من أن تشارك في الفعل السياسي وتهتم بالشأن العام. ورغم ذلك فإن أثر هذه العقلية ما يزال منتشراً، ونجده واضحاً عند «المعارضة الخارجية» وغيرها ممن يدعي خوفه على الحركة الوليدة، خوفه من خوف الناس! ويسعى جهده إلى تثبيت مسمار جحا في حائط التغييرات السياسية ليعوده الناس كل حين، لأن الناس وفقاً لرأيهم لن يجدوا طريقهم إلى الحراك دون ذلك المسمار».
(الخوف والاحتجاجات الشعبية – ٢٠ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
لا حلّ حقيقياً إلا بالحوار
«المهمة الأولى هي ابتداع الحلول الواقعية لمعالجة الوضع الراهن، وفتح الطريق مباشرة أمام عملية إصلاح شامل وجذري، وكل ما عدا ذلك سواء كان استقواءً على الشعب بالحديد والنار أو إجراءات ترقيعية، أو زعماً واهماً بتخطي الأزمة من جهة، أو استقواءً بالخارج والاستمرار في رفع الشعارات الاستفزازية من جهة أخرى، هو نفخ في الجمر، وسيأخذ البلاد حتماً إلى أوضاع أكثر مأساوية ودموية لاحقاً.
لن ينفع أحد في اللحظة التاريخية الراهنة المكابرة الجوفاء، ولا العقلية الكيدية الانتقامية، أو الخطاب الثأري»
(الحوار الوطني … ضرورته، اتجاهه، وشكله – ٢٠ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
«في ظل التحديات والتشابكات الداخلية والخارجية، فإن الحديث عن الإصلاح اليوم بات يعني وجود خطة إنقاذ وطني تكون أداته الحوار الوطني الحقيقي والشفاف، ويكون حامله وضمانته الحركة الشعبية، وغايته الوصول إلى نموذج سياسي، اقتصادي اجتماعي، ديمقراطي على أرض سورية الواحدة الموحدة، يخدم مصالح الشعب السوري، أولاً وأخيراً».
(قضايا برسم خطة إنقاذ وطني – ٢٧ أيار ٢٠١١- افتتاحية العدد ٥٠٤ من قاسيون)
«الحوار الوطني الشامل هو الطريق الوحيد الذي يوصل البلاد إلى إنهاء الأزمة... النتائج المتوخاة وأهمها: صياغة وإقرار دستور جديد والاتفاق على قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام بالإضافة إلى إقرار التوجه الاقتصادي- الاجتماعي الذي يسمح بتحقيق أعمق عدالة اجتماعية وأعلى نسب نمو، ويعيد توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء، ويضع حداً لهيمنة قلة من طواغيت المال التي تستأثر بثروة البلاد ومقدرات الغالبية الساحقة من جماهير الشعب.
لقد أكدنا مراراً: أن الحوار هو حالة صراع سلمي- حضاري يجب أن يفضي إلى إعادة رسم الخارطة السياسية بين كل مكونات المجتمع السوري».
(حول الحوار … مرة أخرى – ١٠ أيلول 2011 - مقالة ضمن ملف سورية)
«أول ما ينبغي التعاطي معه بجدية هو واقع أن الاستعصاء القائم يعني فيما يعنيه أنه لا غالب ولا مغلوب. يفترض الذهاب إلى الحوار- ضمناً- التنازل من قبل الأطراف المتحاورة، والتنازل هنا ليس كرم أخلاق من أحد، وإنما هو تنازل كل طرف من الأطراف عما لا يملكه حقاً، فوظيفة الحوار بهذا المعنى هي الوصول بأقل الخسائر إلى بنية سياسية جديدة تعبر عن توازن القوى الجديد، إذ إن ظهور قوة الشارع يفترض القطع مع البنية السياسية القديمة التي لم تستطع استيعابها، أي: إنها لم تعر بالاً لحل مشاكلها وأزماتها وتحولت بذلك ببنيتها القائمة إلى جزء أساسي من مشكلات القوة الجديدة- قوة الشارع.
يبقى أن نقول: إن هنالك من يريد للحوار أن يكون شكلياً، ويعطي باستمراره بالحل الأمني الذريعة للطرف الآخر لرفض الحوار، وهناك أيضاً من «المعارضة» من يصر على رفض الحوار على اعتبار أنه يرفض أي تنازل! وهو مستعد لأن تستمر المعركة بدماء السوريين ولا يتنازل عما يريده، وذلك طبعاً دون أن يقدم شيئاً، اللهم إلّا بعض الأدرينالين الذي يصرفه أثناء موجات الغضب التي تجتاحه على المنابر الإعلامية.
يقف الطرفان السابقان موقفاً واحداً من حيث الجوهر، وإن كان تضادهما هو الأكثر شراسة من حيث الظاهر، فهما بإصرارهما على رفض الخروج من الاستعصاء يصران على قتل الحركة الشعبية، ومنعها من الدخول كقوة فعلية في البنية السياسية الجديدة، ليحافظوا بذلك على حصتهم من النهب. ويندرج صراعهما في إطار التحاصص بين الناهبين، ولكن بدماء المنهوبين، ولا يعيرون بالاً أثناء نهشهما لبعض لمستقبل سورية ككيان جغرافي- سياسي موحد، ولا يعبآن كثيراً بالاحتمالات الخطرة للتدخل الخارجي ولمحاولات التفتيت المتصاعدة يوماً بعد آخر.
ينبغي الوقوف في وجه الطرفين المتمترسين ضمن الخندق نفسه إنقاذاً لسورية ولشعبها.»
(هناك من لا يريد الحوار! – ٢٨ أيلول ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
الشعب السوري هو الحامل الأساسي للتغيير
«الجماهير تسير قدماً نحو فرز وطني واسع تصطف على أساسه إلى جانب مصلحتها التي هي مصلحة الوطن، مصلحة سورية، ولا شيء غيرها.. ولذا فإن الحركة لن تتوقف»
(هل ستتوقف الحركة الشعبية؟ – ٢٠ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
«إن المؤامرات الخارجية على بلدنا ووحدة شعبنا، تزداد شراسة، وتكشف عن نفسها ومخططاتها بشكل سافر كل يوم، ولن يتصدى لها ويفشلها إلّا تضافر جهود الشعب السوري برمّته.»
(مصالح الشعب، أولاً وأخيراً – ٦ أيار ٢٠١١- مقالة ضمن ملف سورية)
«الشعب السوري لن يضيع البوصلة، وهو لم يضعها يوماً، وسيقف إلى جانب من يؤمن بأنه يريد مصلحة سورية والسوريين!»
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1011