كلمة حول المعابر
ضجّت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي بالحديث عن اتفاق روسي تركي على افتتاح ثلاثة معابر بين الشمال الغربي السوري، وبين المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام. ولم يتضح حتى الآن فيما إذا كان هنالك اتفاق فعلاً أم لا، لأنّ المؤشرات والمعطيات تفيد بأنّ الموضوع لا يزال في إطار النقاش، ولم يتم حسمه لا باتجاه الرفض ولا باتجاه القبول.
لعل شراسة الهجوم الاستباقي على اتفاق محتمل هو أحد أدوات الصراع التي يستخدمها البعض على أمل منع الوصول إلى اتفاق من هذا النوع.
المثير للانتباه في المسألة، هو أن ردود الفعل التي ظهرت من بعض الجهات المتشددة لم تكن شرسة فحسب، بل وحتى هستيرية؛ فقد وصل الحد ببعضها إلى القول: إنّ افتتاح معابر مع «النظام»- حسب ما يصفون- هو خيانة وطنية وهو «تطبيع تجاري»! وهو التفاف على عقوبات قيصر وإلخ...
ليس المكان هنا مكان التوسع في الحديث عن العقوبات الأمريكية والغربية واستهدافات أصحاب العقوبات، ومن تصيب فعلاً ومن يستفيد منها... فذلك حديث تناولته قاسيون مراراً وتكراراً... ولكن نركز هنا على جانب واحد من المسألة، هو بالذات العلاقة بين فكرة «تقسيم الأمر الواقع» والمعابر.
«كسر حواجز» وبناء أخرى!
ليس خافياً الغرض من استخدام مفردة «تطبيع» في سياق ليس سياقها البتة، وهو تهويل الأمر وتعظيمه من جهة، وإعادة إحياء شعارات الحسم والإسقاط بطرائق أخرى... ولكن عدا عن ذلك، فلننظر في عمق المسألة بمعناها الاقتصادي، ومن ثم السياسي...
إنّ أولئك الذين يدافعون عن المعابر العابرة للحدود، ولكن في الوقت نفسه يقفون ضد المعابر بين المناطق السورية نفسها، إنما يسيرون بذلك في الركب الأمريكي التقسيمي نفسه... فما الذي يعنيه تكريس وإطالة أمد عزلة المناطق السورية عن بعضها البعض بمقابل دمج تلك المناطق، كل على حدة مع اقتصادات مجاورة؟ ألا يعني ذلك خلق واقع اقتصادي وسياسي وثقافي ونفسي عميق الجذور، يجعل عملية إعادة توحيد البلاد أشد صعوبة، ويرفع من مخاطر التقسيم؟
إنّ التقاطع بين المتشددين داخل النظام، ومتشددي المعارضة، والأعداء التاريخيين للشعب السوري تزداد وضوحاً ووقاحة يوماً بعد آخر... وتعويل هؤلاء وأولئك المستمر هو على أنّ الشعب السوري في كل المناطق بات منهكاً إنهاكاً شديداً ويمكنهم تالياً أن يمرروا أية مشاريع يريدونها لاستكمال اغتيال حراك الناس وغضبها، عبر صيغ سياسية شبيهة باللبنانية والعراقية، بل وأبعد من ذلك، لإنهاء الدور الإقليمي التاريخي لسورية، وربما لإنهائها هي نفسها...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1011