هل ستتوقف الحركة الشعبية؟
هناك من عضّ على أصابعه وتملكه الحزن ودخل في دوامة من الأسى «الثوري»، وبدأ يجهّز حقائبه «اليسارية» ليمضي بعيداً عن ساحة الفعل كما كان دائماً، وذلك عقب يوم الجمعة 13 أيار، حيث لم تكن الحركة في السوية نفسها من حيث امتدادها الأفقي والعمودي.. وبالمقابل فإن هناك من بدأ يقرع طبول النصر ويوزع حلوى التطهر من «المؤامرة»!. الرأيان السابقان، عدا عن مزاجية من يمثلهما ويدعيهما وعن درجة صدقيته، فإنهما يشكوان ضعفاً في الرؤية وخللاً معرفياً كلّف وسيكلف السوريين الكثير ريثما يزيح الشعب السوري عباءة المنطقين المتضادين شكلاً المتفقين مضموناً!! فهل فعلاً انتهى الحراك؟ هل أوشك؟ وأيضاً هل انتهت «المؤامرة»؟ هل أوشكت؟.
للإجابة على الأسئلة السابقة والوصول إلى نتائج ملموسة تفسر ما يجري وتسمح للناس بتوجيه دفة حركتهم إلى حيث مصالحهم فإن من الضروري ضبط المفاهيم التي تشكل بمجموعها أبجدية التعامل السياسي-النفسي مع الحدث، وأول تلك المفاهيم وربما أهمها هو مفهوم الحركة الشعبية..
يعمل، بدأب ومثابرة، كل من الإعلامين الرسمي والخارجي، إضافة إلى من يدعون تمثيل الحركة من شخصيات «فضائية» ومواقع «فيسبوكية»، على حصر مفهوم الحركة بالتظاهر، فحيث ينشط التظاهر تنشط التغطية وتشتد، وترتفع الشعارات وتتغذى «الآمال»، وحيث يتراجع التظاهر تتراجع المظاهر السابقة ويحل محلها اليأس والقنوط وربما التفجع.. الأمر الذي أمعن الجميع في تغييبه هو من جهة موضوعية الحركة ومن جهة أخرى امتدادها وتنوع أشكالها وغناها..
القول بأن الحركة ذات أساس موضوعي يعني بأنها لن تتوقف ما لم تحقق أهدافها، وتراجعها وتقدمها محكومان بظروف ذات طابع تكتيكي، ولكن الذي يسير إلى الأمام ودون توقف هو تنامي الوعي السياسي بين الجماهير. لا يجتمع شخصان في سورية كلها إلا وثالثهما السياسة، الحديث ينضج ويتضح شيئاً فشيئاً، ويتوافق الناس فيما بينهم على مصلحة بلدهم، ويقومون بفرز أعدائهم من أصدقائهم، ويشقون طريقهم بعيداً عن الفرز الجاهز الذي يقدم لهم إعلامياً وهو «شعب» مقابل «نظام، وبالتالي فهم يراجعون كل يوم كل ما حدث في جميع الأيام، وحتى السنوات السابقة، ليجدوا أن «الشعب» ليس كله شعباً، فهناك ضمناً من يمص دماءهم ويدعي انتماءه لـ«الثورة»، و«النظام» ليس كله نظاماً، فرغم وجود شخصيات وطنية إلا أن هنالك فاسدين كباراً يطغى حضورهم، وهم صناع للفوضى ومغذون للنعرات المختلفة بتخريبهم الاقتصاد الوطني ولبرلته واستزلاماتهم الطائفية المخبأة والعلنية، والتي يعرفها مجتمعنا جيداً وبالطرق التي استخدموها ليكتموا حريات الفقراء مقابل إطلاق حريات السادة رجال الأعمال الأفاضل!
الجماهير تسير قدماً نحو فرز وطني واسع تصطف على أساسه إلى جانب مصلحتها التي هي مصلحة الوطن، مصلحة سورية، ولا شيء غيرها.. ولذا فإن الحركة لن تتوقف.