افتتاحية قاسيون 1116: 2254... بوابتنا للعالم الجديد

افتتاحية قاسيون 1116: 2254... بوابتنا للعالم الجديد

التغيرات الكبرى الجارية في العالم لم تعد شبحاً يجول ويعد بمستقبل مختلف؛ بل باتت واقعاً نعيشه بزخمٍ متصاعد يترسخ، ويمتد بوتائر أعلى فأعلى يوماً فيوماً.

جوهر هذه التغيرات، هو أنّ الهيمنة الغربية الأمريكية تتداعى وتنهار أمام أعيننا؛ الغرب لم يعد «مركز العالم» سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ونظام الاستعمار الجديد/ التبادل اللامتكافئ، هو الآخر ينهار بالتوازي مع انهيار الهيمنة الغربية، وعلى الخصوص تداعي الهيمنة الدولارية.
منظومة العلاقات الدولية، ومعها منظومات العلاقات الإقليمية، تخضع لتغييرات كبرى، وتجري إعادة بنائها على أسس مختلفةٍ تماماً عمّا كانت عليه خلال عقودٍ مضت.
هذا كلّه، يستدعي منا كسوريين، التفكير جدياً بالسبل الواجب اتباعها للتكيّف إيجاباً مع المستجدات، وللاستفادة القصوى منها، خاصة في حالة بلدٍ أنهكتها حرب وأزمة طويلة ومدمرة.
بين أهم مفاتيح التكيّف الإيجابي الأساسية، ما يلي:

 

أولاً: يجب تحويل شعار «محاربة الفساد» من مجرد شعارٍ غير معدٍ للتطبيق، بل ويستخدمه الفاسدون الكبار أنفسهم، إلى واقع؛ فالفساد الكبير في سورية، لم يكن يوماً من الأيام، مجرد مسألة اقتصادية، ولم يكن مجرد مسألة داخلية، بل هو دائماً مسألة سياسية ووطنية، إذ طالما عمل الفساد الكبير في سورية بوصفه جزءاً من منظومة الاستعمار الحديث الغربي. ضرب الفساد الكبير غير ممكنٍ بغير الضرب بيدٍ من حديد، واليد الحديدية الوحيدة القادرة وذات المصلحة في ضرب الفساد الكبير وقمعه وخنقه، هي يد الشعب السوري، وإطلاقها يتطلب منظومة تشريعية ودستورية جديدة بالكامل، ضمن منظومة سياسية جديدة بالكامل، تكون مؤسسة على سلطة الشعب بالشعب ولأجله.

ثانياً: إنفاذ الحق الدستوري بحدٍ أدنى من الأجور يلبي الحد الأدنى لمستوى المعيشة. (المادة 40 من الدستور السوري المعمول به، الفقرة الثانية: «لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها»). ومع الحد الأدنى يجب إقرار سلمٍ واضح للأجور يكون فيه الحد الأعلى 7 أضعاف الحد الأدنى. ويتم ربط سلم الأجور بأسره بالأسعار، بحيث يتحرك كل ثلاثة أشهر على أساس سلة استهلاك شاملة تضمن حياة كريمة للعائلة السورية.

ثالثاً: عمليات زيادة الأجور يجب أن تتم من مصادر حقيقية، وليس من مصادر تضخمية (طباعة عملة). والمصادر الحقيقية نوعان: الأرباح المشروعة منها وغير المشروعة، وزيادة الإنتاج وتطويره.

رابعاً: هذه العمليات كلها تحتاج بالضرورة إلى إصلاحٍ نقدي يتم في وقته المناسب وبطريقة مدروسة تصب في مصلحة عموم السوريين.

رغم كل الدمار الذي حاق بالبلاد والعباد، ورغم كل الآلام التي مرّت، إلا أنّ المستقبل ما يزال واعداً بالخير للبلاد وأهلها، في ظل عالمٍ جديدٍ يسوده التكافؤ، ويتراجع فيه بشكل متعاظم الأعداء التاريخيون ليس للشعب السوري فحسب، بل ولكل شعوب العالم: الأمريكان والصهاينة.

ولكن الوصول إلى هذا المستقبل المنشود (الذي بدأ بالتحول واقعاً معاشاً بالنسبة لشعوب أخرى تمكنت من الانخراط في العالم الجديد)، لن يكون ممكناً بالنسبة لسورية دون وحدتها، ووحدة شعبها، ودون توفر الإرادة السياسية لهذا التحول الكبير... تكوين هذه الإرادة وهذه الظروف، يمر عبر طريق واحدٍ، هو التطبيق الكامل للقرار 2254 بما في ذلك مرحلة انتقالية تنقل سورية من حال الدمار والتغلغل والتخريب الغربي فيها، إلى حال الاستقرار السياسي والسيادة القانونية والشعبية على كامل الأرض والمقدرات...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1116
آخر تعديل على الإثنين, 03 نيسان/أبريل 2023 18:14