تراجع في قيمة الأجور مقابل تحرير الأسعار
ماذا يعني وضع سقف للأجور مقابل تخفيض الدعم وتحرير الأسعار وخصخصة المؤسسات الخدمية والإنتاجية الحكومية؟!
ماذا يعني وضع سقف للأجور مقابل تخفيض الدعم وتحرير الأسعار وخصخصة المؤسسات الخدمية والإنتاجية الحكومية؟!
كثيراً ما ردّد المسؤولون الحكوميون على مسامع الكوادر النقابية في الاجتماعات التي تحضرها الحكومة عبارة «النقابات متواجدة في كل مواقع اتخاذ القرار»، وأنها مسؤولة عن تلك القرارات المتخذة مثلها مثل الحكومة والإدارات، فالتمثيل النقابي يشمل مجالس إدارة المؤسسات والشركات ومجلس الشعب واللجنة الاقتصادية العليا وقيادة الجبهة وغيرها من المواقع التي تتخذ فيها القرارات، أي إن الحركة النقابية شريك كما هو مفترض في كل ما يجري في البلاد لانتشار ممثليها في المواقع التي ذكرت أعلاه، وهذا الانتشار التمثيلي من المفترض أيضاً أن يحمّلها عبئاً ومسؤوليات استثنائية كونها تمثل مصالح وحقوق أكبر طبقة في البلاد.
تعرّض العمال في سورية منذ ما قبل انفجار الأزمة بعدة عشرات من السنين، لعملية تضليل ممنهجة -ازدادت خلال الأزمة- ركيزتها الرئيسيّة تجزئة القضايا الأساسية، واعتبارها مسائل منفصلة لا روابط فيما بينها. وانطوت هذه العملية على الفصل في الخطاب بين السياسي والاقتصادي، من أجل انقسام العمال على أنفسهم، وتغييب الصراع الطبقي، الذي يوحّدهم حول مصالحهم ومطالبهم وحقوقهم المسلوبة.
من المؤكد أن الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حالة قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ويعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
بين الفترة والأخرى، يتصاعد الجدل حول قضية هامة لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، وهي: هل ستزيد الحكومة الرواتب والأجور للعمال بشكل يغطي الحد الأدنى لمستوى المعيشة؟!
المهاجر الاقتصادي حسب تعريف منظمة الأمم المتحدة هو شخص يهاجر من منطقة إلى أخرى بما في ذلك عبور الحدود الدولية، سعياً لتحسين مستوى المعيشة لأن ظروف أو فرص العمل في منطقة المهاجر نفسها غير كافية.
أينما وجد رأس المال فإنه يفرض على العاملين بأجر ظروفاً وشروطاً هدفها الأساسي زيادة الأرباح وبأقصى ما يمكن من السرعة. وبالتالي يعاني العاملون بأجر مخاطر الفقر وحوادث العمل وإصاباته وأمراضه المهنية، وغياب قواعد الصحة والسلامة المهنية وعدم توفر معدّاتها، فالعامل مضطر للمخاطرة بحياته من أجل مستقبل أسرته، فيمضي إلى جحيم العمل خوفاً من خطر الموت جوعاً، ولا حل أمامه غير بيع قوة عمله في سوق العمل.
تستكمل «قاسيون» نشر تقرير منظمة العمل الدولية حول مستقبل الحركة النقابية، وما هي الأمور المفترض اتباعها من قبل النقابات لتستعيد دورها في تنظيم العمال، ودورها في الدفاع عن مصالحهم بعد التغيرات التكنولوجية الكبيرة التي أدخلت على الصناعة، وكذلك التغيرات السياسية والاقتصادية التي أفقدت الطبقة العاملة الكثير من حقوقها، سواء الاقتصادية أو السياسية، ومنها الحريات النقابية والديمقراطية.
إنّ أيّ قانون أو تشريع يكون معبّراً عن موازين القوى، وعن قدرة كلّ قوة على التعبير عن مصالحها التي يتضمّنها القانون المراد إصداره، والعمل وفقه، حيث تُخضِعُ الطبقة المهيمنة اقتصادياً وسياسياً الطبقات الأخرى لقانونها بفعل عوامل متعددة؛ منها حرمان الطبقات المنهوبة مِن إمكانية الدفاع عن مصالحِها المفترضِ تمثيلُها بالقوانين، حتى وإنْ تناقض ذلك أو تعارض مع مصالح هذه الطبقات الأساسية، وانعكس ضرراً على حقوقها. فهذا الضّرر الذي يحدثه القانون بمصالح الطبقات يحرمها من إمكانية الدفاع عن نفسها.
إنّ مشكلة البطالة لا تزال تؤرّق الاقتصاد السوري منذ ما قبل انفجار الأزمة عام 2011، وازدادت أضعافاً مضاعفة بعد عام 2011، وخلال السنوات العشر الماضية. ولم تقتصر حالات البطالة على الطبقة العاملة فقط بل تعدّتها إلى مختلف القطاعات المهنية باعتبارها بطالةً مقنَّعة نتيجةً لتوقّف الأعمال في شتّى المجالات.