عرض العناصر حسب علامة : الأجور

بعد قرار زيادة الأجور هل تكفي مناشدة الوزارة؟

بعد إصدار المرسوم 102 الخاص بزيادة الأجور في 19 من الشهر الماضي، خرج وزير الاقتصاد والصناعة بتصريح نقتبس منه: «من موقعنا في وزارة الاقتصاد والصناعة ندعو ونناشد شركاءنا في القطاع الخاص بكل أشكاله أن يبادروا إلى اتخاذ خطوات مماثلة في رفع الرواتب والأجور بما ينسجم مع التوجهات الوطنية، ويسهم في تحسين الواقع المعيشي لجميع أبناء الوطن ترسيخاً لمبدأ العدالة وتعزيزاً للتكامل بين القطاعين العام والخاص». انتهى الاقتباس. يدرك أي متابع للتصريح بأن استخدام الوزير للدعوة والمناشدة طبيعي، كون المرسوم لم يشمل عمال القطاع الخاص أساساً. وهذا ليس بجديد، فطوال العقود الماضية وعلى مر الحكومات والمراسيم، كانت الزيادة تشمل عمال القطاع العام ومَن في حكمهم، وتبقى زيادة أجور القطاع الخاص خاضعة لشروط مختلفة كالعرض والطلب على اليد العاملة أو ارتفاع المعيشة بسبب التضخم الحاصل من رفع الأجور، وغيرها من العوامل الأخرى التي طوال الوقت كانت وما زالت تصب في صالح أرباب العمل دوناً عن العمال. من هنا نفهم حاجة الطبقة العاملة لقانون عمل واحد وموحَّد يرسخ أحد قيم العدالة كما ناشد الوزير.

الحد الأدنى للأجور في سورية: 68 دولاراً مقابل حياة تحتاج بحدها الأدنى 818 دولاراً

شهدت السياسات العامة في سورية تحت حكم الأسد - وفي القلب منها منظومة الأجور والدعم الاجتماعي - تحولاً تدريجياً نحو تفكيك منظومة الدعم الاجتماعي التي كانت تُعتبر إحدى الركائز الأساسية للاستقرار النسبي للدولة في العقود السابقة، ونحو تخفيض القيمة الحقيقية لأجور العاملين. ولم يكن هذا التحول فجائياً أو معلناً بوضوح، بل اتبع أساليب احتيالية اعتمدت على تقليص الدعم بصورة تدريجية بطرق مباشرة وغير مباشرة: ابتداءً من تقليص مبالغ الدعم التي كانت تُدرَج في موازنات الدولة، إلى تضاؤل الإنفاق الفعلي على بنود الدعم الاجتماعي، وصولاً إلى الإلغاء الكامل للدعم عن بعض السلع والمواد الأساسية، إما بوقف توزيعها عبر «البطاقة الذكية» سيئة الذكر، أو بإعلانات رسمية عن انتهاء دعمها مثلما حدث مع البنزين.

أجور لا تكفي حياةً آدميّة

مع استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة بوتيرة متكرَّرة، باتت الفجوة بين الدخل الشهري والإنفاق الضروري أكثر وضوحاً وحدّة، وخاصة لدى العمّال ذوي الدخل المحدود. فعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور إلى 750 ألف ليرة سورية في القطاع العام، إلّا أنَّ هذا الرقم لا يمثل سوى جزءٍ ضئيل من الحد الأدنى اللازم للمعيشة، والذي تُقدِّره الدراسات الاقتصادية في «قاسيون» بأكثر من 8 مليون ليرة شهرياً لأسرة مكوَّنة من خمسة أفراد.

عمال القطاع الخاص ... سوريون أيضاً!

أنتج مرسوما رفع الأجور 102 و103 الصادران عن رئيس الجمهورية والقاضيان بزيادةٍ على أجور العاملين في القطاع العام و(جزء من المشترك حيث تملك الدولة أكثر من 50% من الأسهم) بمقدار 200%، وبتحديد الحد الأدنى للأجور بـ750 ألف ليرة سورية، ارتياحاً لدى عمال القطاع العام والمتقاعدين منه، والذين يعيشون كلهم عملياً تحت خط الفقر.

بصراحة .. زيادة أجور العمال جعجعة من دون طحن

من المؤكد أن الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حالة قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ويعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما وإن كان مستتراً.

العمال محتارون بين الأسعار والأجور

يتعرض العمال الموسميون إلى هزات عنيفة عند نهاية كل موسم إنتاجي، وما نقصده بالعمال الموسميين: العمال في القطاع الخاص الذين يعملون في الإنتاج لموسم واحد شتوي أو صيفي في المشاغل الحرفية، المنتشرة في الأقبية في أحزمة الفقر التي تحيط بالعاصمة وما أكثرها! وأماكن أخرى لا ترى الضوء ولا يمر بها الهواء، وبعدها يذهبون إلى منازلهم بانتظار موسم جديد. وهؤلاء العمال مجردون من كل الحقوق سواء بزيادة الأجور أو حقوقهم في أن يكونوا منتسبين للتأمينات الاجتماعية، وكذلك المظلة النقابية التي لا تظلهم بظلها فهم غير منظورين بالنسبة لها.

بريد سلمية؛ رسائل من ألم المفاصل مطلع كل شهر!

صدر مرسوم يقضي بصرف منحة مالية، سبقت قدوم عيد الأضحى المبارك، عسى تعين المواطن السوري، الذي أنهكه اقتصاده المتأرجح بين هنا وهناك، كي يعيّد بأبسط المقومات التي بين يديه.

منحة عيد الأضحى... مبادرة عاجزة عن ملامسة عمق الأزمة

صدر المرسوم رقم 68 لعام 2025، والذي يقضي بصرف منحة مالية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، للعاملين في الدولة والمتقاعدين. ووفق نص المرسوم، فإن المنحة تبلغ 500 ألف ليرة سورية للعاملين من المدنيين والعسكريين، و300 ألف ليرة للمتقاعدين، وتُصرف لمرة واحدة فقط، دون أي اقتطاعات أو ضرائب، وتشمل العاملين الدائمين والمؤقتين حتى العاملين بالأجر اليومي.

العمال بين انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار

تكتسب الأجور والأسعار أهمية كبيرة في هذا الوقت، حيث أصبحت هذه المسألة من القضايا الأساسية التي يواجهها العاملون بأجر، فهي تعتبر الآن من أخطر القضايا الاقتصادية وإحدى المسائل الرئيسة والاستراتيجية التي تواجهها البلاد. وهي ليست مرحلة أو تدابير تتخذ في زمن معين، بل هي شرط من شروط حياة المجتمع وتقدمه واستمراره.