افتتاحية قاسيون 1110: قصف ومجزرة بعد الزلزال!

افتتاحية قاسيون 1110: قصف ومجزرة بعد الزلزال!

ما تزال جثامين مئات من السوريين تحت الأنقاض، وعشرات وربما مئات ألوف السوريين ما يزالون يبحثون عن الملجأ والطعام والدواء بعد أن تهدمت منازلهم فوق رؤوسهم. ما يزال الجرح نازفاً والصدمة حاضرة، ولم يصح السوريون بعد من هول الكارثة المدمرة، ولكنّ ذلك كلّه لم يمنع، بل وحفّز- وكأنما الأمر بجملته خطةٌ واحدة متكاملة- الولايات المتحدة الأمريكية لمزيد من الإيغال بالدم السوري عبر أداتيها الأكثر أهمية ووحشية في المنطقة؛ الكيان الصهيوني، وداعش.

العدوان «الإسرائيلي» الجديد، خلّف عدداً من الشهداء كلهم تقريباً من المدنيين السوريين، وهو تصعيد غير مسبوق، لأنه وللمرة الأولى يستهدف بهذا الاتساع قلب العاصمة السورية دمشق، بالإضافة إلى استهدافه موقعاً في محافظة السويداء.

بالتوازي، فقد أرخى الأمريكي لجام وحشه الداعشي يوم الجمعة 17 شباط ليقوم بمجزرة مروعة طالت ما يصل إلى 70 شهيداً من السوريين في ريف حمص، كانوا يلقّطون رزقهم عبر جمع الكمأة.

إذا افترضنا أنّ الزلزال نتج عن انزياحاتٍ تكتونية طبيعية، فإنّ المؤكد أنّ جملة الأنشطة التي تقودها واشنطن ابتداءً من لحظة الزلزال، ليست قطعاً من أفعال الطبيعة، وهي تستهدف استغلال المأساة لإحداث انزياحات جيوسياسية كبرى، لا تمنع الوصول إلى حل في سورية فحسب، بل وتستهدف نسف ما تم إنجازه طوال سنوات عبر مناطق خفض التصعيد.

إضافةً للعدوان الصهيوني اليوم، ولهجوم داعش، فإنّ الألاعيب الأمريكية بما يخص «تخفيف العقوبات» وبما يخص «المعابر»، ومعها ألعاب أقسام من المعارضة السورية، التي تحولت فجأة إلى حمائم سلام، كلّ ذلك يصب في مكان واحدٍ هو الخطة الأمريكية- الصهيونية المعروفة، والمسماة «تغيير سلوك النظام»، أو «خطوة مقابل خطوة»، بل ويشير التناغم العالي في التحركات بين المتشددين وبين الغرب، بما في ذلك عدم النظر بشكل متساوٍ وعادلٍ لكل المناطق المتضررة في سورية، يشير إلى أنّ هنالك مسعىً جاداً لعقد صفقة من تحت الطاولة، للهروب من الاستحقاقات الواقعية، وفي مقدمتها الحل السياسي وفقاً للقرار 2254.

إنّ البند الأساسي على جدول الأعمال ما قبل الزلزال كان التسوية السورية- التركية، والتي يمكنها أن تكون أداة أساسية في كسر الابتزاز الأمريكي والغربي، عبر كسر الحصار، وكسر العقوبات بالتعاون مع صيغة أستانا ومعها الصين والهند ومختلف القوى الصاعدة.

بعد الزلزال، يحاول العدو الأمريكي- «الإسرائيلي» استغلال الظرف لرفع هذه المسألة عن جدول العمل، مرة وإلى الأبد، ولتحل محلها سيناريوهات التقسيم وشرعنته، وبشكل خاص عبر استعادة الإحداثيات العسكرية لما قبل مناطق خفض التصعيد.

إنّ مصير كل هذه المحاولات هو الفشل، وإنّ القاعدة الذهبية القائلة بأنّ «إغضاب المستعمر أسهل من إرضائه»، ما تزال صحيحة تماماً، بل وهي أكثر صحة الآن من أي وقت مضى.
إيقاف حالة الإذلال الوطني التي يعيشها السوريون في وجه الغرب والصهاينة والإرهابيين، وإيقاف حالة تقسيم الأمر الواقع، يتم عبر ممر واحدٍ لا بديل عنه: الحل السياسي الشامل على أساس القرار 2254 بالاستناد إلى أستانا وإلى الدول الصاعدة، وبالضد من رغبات الأمريكان والغربيين ورغماً عن عقوباتهم وحصارهم.

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1110
آخر تعديل على الأحد, 19 شباط/فبراير 2023 18:13