خمسة مشاريع «أمريكية- صهيونية» في منطقتنا... العصا عصا... والجزرة أيضاً عصا!

خمسة مشاريع «أمريكية- صهيونية» في منطقتنا... العصا عصا... والجزرة أيضاً عصا!

لطالما كانت المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ساحتين للمشاريع الغربية، وخاصة الأمريكية-البريطانية-الصهيونية، وربما أهمها هو «مشروع الشرق الأوسط الكبير» الذي عبّر عنه شيمون بيريز في كتابه، والذي لا ينفصل عما سنأتي على نقاشه ضمن هذه المادة (سنخصص مادة لاحقةً للمقارنة بين الطرح النظري المتضمن في مشروع بيريز وبين التطبيقات العملية التي نشهدها).

كانت السمة الغالبة على هذه المشاريع هي سريّتها، مثال ذلك الخطة ألفا ومن ثم غاما الأمريكيتين اتجاه مصر في خمسينيات القرن الماضي. والسرية هذه لها ما يبررها بطبيعة الحال، على الأقل في تلك الحقبة؛ إذ كانت مشاريعاً تآمرية مبنية على أساس مصلحة أمريكية صهيونية خالصة، وعلى الضد تماماً من مصلحة شعوب المنطقة.
اختلفت هذه السمة خلال السنوات القليلة الماضية من حيث الشكل فقط، وخاصة مع ما سمي «اتفاقات أبراهام»، أي اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ حيث باتت «العلنية» سمةً أساسية في المشاريع المطروحة غربياً. ولتوخي الدقة أكثر، فإنّ المقصود بالعلنية هنا هو حجم الترويج الإعلامي والسياسي العلني للمشاريع المعنية، مع التصريح بجزءٍ من غاياتها، وليس كل الغايات وليس أهمها بطبيعة الحال.
نستعرض فيما يلي خمسة مشاريع سياسية- اقتصادية- عسكرية مصممة لمنطقتنا، تمّ الترويج لها والعمل عليها خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك بهدف إبراز المشتركات فيما بينها من جهة، ولأنّ تجميعها معاً يسمح بتكوين فهمٍ أفضل للتصور الشامل الأمريكي- الصهيوني لمنطقتنا، والسياسات المتبعة لتحقيق ذلك التصور... وإلى جانب ذلك، وربما أهم منه، فإنّ تجميع هذه المشاريع معاً ودراستها كمفرداتٍ ضمن خطةٍ شاملة، ومن ثم قياس مدى تحقق تلك المفردات، يسمح بالخروج ببعض الاستنتاجات ليس حول مستقبل هذه المشاريع المنفردة فحسب، بل وحول مستقبل الغرب ككل، والكيان الصهيوني خاصة في منطقتنا.
المشاريع المنفردة التي سنعالجها هنا، ورغم أنها ليست على نفس السوية من الأهمية، وهي ليست كل المشاريع المنفردة التي يجري العمل عليها، إلا أنّها تشكل كما أسلفنا مفردات أساسية من مشروع واحد شامل. هذه المشاريع هي التالية:

  • «اتفاقات أبراهام»
  • «الناتو العربي»
  • «خط الغاز العربي»
  • «تغيير سلوك النظام»
  • «المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية»

أولاً: «اتفاقات أبراهام»

في شهر آب من عام 2020 افتتحت الإمارات أول اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي عرفت لاحقاً باتفاقات أبراهام وشملت البحرين، وامتدت تأثيراتها اللاحقة بدرجاتٍ متفاوتة من إنجاز المهمة المطلوبة نحو المغرب وسلطنة عمان والسودان.
بعد مرور سنتين على هذه الموجة من الاتفاقات، بات يمكن النظر إلى حصيلتها العامة وفقاً للاتجاهات التالية:

  • الذرائع «الاقتصادية» و«الأمنية» التي استخدمتها أنظمة التطبيع لتبرير ارتكابها هذه الاتفاقات، سقطت بالكامل؛ فالدول الموقعة، وبأحسن الأحوال، لم تستفد شيئاً بالمعنى الاقتصادي من هذه الاتفاقات، ناهيك عن أنها تضررت. وفي الجانب الأمني فإنّ هذه الاتفاقات عززت من مختلف التهديدات الإقليمية والصراعات الإقليمية التي كانت ذريعة تلك الأنظمة في دخول الاتفاقات. وعلى وجه التحديد، فإنّ الأزمة الخليجية مع إيران تعمقت في حينه وباتت أشد خطراً بعد توقيع الاتفاقات، وكذلك الأزمة المغربية الجزائرية. ما يعني أنّ الاتفاقات هذه كانت بالمحصلة أداة توتير إضافي وأداة إغراقٍ إضافي في الأزمات القائمة أساساً.
  • بالنسبة لأمن «إسرائيل»، ومحاولاتها ابتلاع القضية الفلسطينية والإجهاز عليها عبر هذه الاتفاقات، فإنّ الوقائع قالت العكس تماماً؛ فحجم المقاومة في الداخل الفلسطيني ودرجة تنظيمها وتقاربها ووصولها إلى أراضي 48 لأول مرة على نطاق واسع منذ الانتفاضة الثانية، كلّها أكدت أنّ هذه الاتفاقات قد أتت بمفعولٍ عكسي على «إسرائيل».
  • وبما يخص محاولة «إسرائيل» القفز عبر هذه الاتفاقات من المحيط البعيد إلى المحيط الأقرب والأكثر تأثيراً، فهي محاولة فشلت هي الأخرى. وبكلامٍ أوضح، فإنّ الدول الموقعة على الاتفاقات لا قيمة حقيقة لها بما يخص القضية الفلسطينية، والتوقيع معها كان المقصود منه تمهيد الطريق باتجاه أربعة أهداف: إيران، السعودية، سورية، لبنان؛ لأنّ الموقف الذي يمكن أن تأخذه أي دولة من هذه الدول سلباً أو إيجاباً، يعادل بوزنه أضعاف وزن الاتفاقات الموقعة. أما إيران والسعودية، فالمطلوب والمعلن كان تشكيل «حلفٍ عربي-إسرائيلي» في مواجهة إيران. هكذا تم ترويج المسألة، ولكن استهدافها الفعلي هو حماية الكيان الصهيوني عبر إزاحة معركته مع الفلسطينيين ومع العرب ومع الإيرانيين، إلى معركة بين العرب والإيرانيين، يقف فيها الصهيوني موقف المشجع والمحرض. وأما بما يخص لبنان وسورية، فإنّ تأمين الأجواء الخارجية والداخلية لاقتلاعهما نهائياً من المواقع المضادة لـ«إسرائيل»، هو الترياق الشافي من وجهة النظر الصهيونية للأزمة الوجودية التي تعيشها في ظل التراجع الأمريكي والغربي المتسارع.
  • الاتجاه الأهم ربما، بما يخص هذه الاتفاقات، هو طبيعة تموضعها ضمن الصراع الدولي الشامل؛ فقد أريد لها أن تكون أداةً في حشر وحشد دول المنطقة وشعوبها وراء الأمريكان ليس في المواجهة مع إيران فحسب، بل وأهم من ذلك في المواجهة مع الصين وروسيا. وبالتحديد عبر تسخين الصراعات الثانوية في المنطقة وتحويلها إلى ساحة خرابٍ شاملٍ، خاصة دول الخليج وإيران، بحيث لا تكون لديها رفاهية اتخاذ أيّ موقفٍ مستقلٍ عن الأمريكان في خضم المعركة العالمية، موقفٍ مستقلٍ على غرار قرار أوبك بلس قبل أيام، وعلى غرار الموقف المحايد إيجاباً اتجاه روسيا.

ثانياً: «الناتو العربي»

أوّل من أخرج فكرة الناتو العربي إلى العلن هو العاهل الأردني. وهي لا تختلف في جوهرها واستهدافاتها عن «اتفاقات أبراهام»، ولكنّها تشكل الجانب العسكري المأمول من هذه الاتفاقات. وتقوم على إنشاء شكلٍ من أشكال الأحلاف الأمنية التي يكون مركزها «إسرائيل» وعرابها الأمريكان، وعسكرها الدول العربية وخاصة الخليجية، وهدفها المعلن محاربة إيران، وغير المعلن هو إنشاء بلوك معادي للصين وروسيا عالمياً ووضع إقليمي متوتر ومشحون وتخريبي إنْ أمكن، بحيث يصب المصب نفسه بالمحصلة، وفوق ذلك يخدم احتمالات انسحاب واسع للأمريكيين من كامل المنطقة، بحيث يؤسس هذا الحلف لخلافة الأمريكان وتحقيق أهدافهم بأقل تكاليف على الأمريكان ضمن معركتهم العالمية.
هذه الفكرة هي الأخرى لم تصل إلى مكان، ولا يمكن أن تصل إلى مكان؛ فقد بات واضحاً بالتجربة العملية لدول الخليج، وللسعودية خاصة، وفي اليمن تحديداً، أنّ الأمريكان والصهاينة لم يقدموا لها شيئاً لا على الصعيد العسكري والأمني، ولا على الصعيد السياسي. بالمقابل، فإنّ الروس استطاعوا لعب دور وسيطٍ موثوق من كلٍ من الإيرانيين والسعوديين، واستطاعوا عبر هذه الوساطة بالذات الوصول إلى وقف شبه كاملٍ لإطلاق النار في اليمن، وإلى تراجعٍ كبير أو كامل في التهديدات الأمنية لدول الخليج.
أضف إلى ذلك أنّ الاستعداد الإيراني والسعودي للانضمام إلى كلٍ من بريكس وشنغهاي، وكذلك تقاطع مصالحهما بما يخص طبيعة العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية المنشودة، وخاصة في مجال النفط والغاز، كلّ ذلك يلعب دوراً في التقريب بينهما، وإنْ عِبر جملةٍ من الصعوبات.

1091-9

ثالثاً: «خط الغاز العربي»

ناقش مركز دراسات قاسيون بما يكفي من الاستفاضة ملف «خط الغاز العربي»، وعالجه من زوايا عديدة؛ اقتصادية، وتاريخية، وسياسية. ويمكن عبر الرابط المرفق العودة إلى الملف الكامل لهذه الدراسات. ما يمكن أن نضيفه في هذا السياق، هو الأمور التالية:

  • يشكل هذا المشروع جانباً اقتصادياً مخدماً للأهداف الأساسية لـ«اتفاقات أبراهام»، شأنه في ذلك شأن «الناتو العربي» كجانب أمني ضمن المشروع الشامل. ويستخدم دول التطبيع ويتلطى خلفها لتمديد عملية التطويق الصهيوني من الأطراف البعيدة نحو ما تبقى من دول الطوق، أي سورية ولبنان.
  • يندرج المشروع ضمن مشروع تاريخي أكبر هو «مشروع الشرق الأوسط الكبير» الذي عبّر عنه شيمون بيريز، والذي يستهدف تحويل «إسرائيل» إلى مركز طاقي ومائي للمنطقة بأسرها، بما يسمح بزرع أسس لهذا الكيان الذي لا أسس له.


الجديد في المسألة- عدا عن التعثر المستمر للمشروع رغم كل التطبيل حوله- هو أنّ الكونغرس الأمريكي أدخل مؤخراً تعديلات على قانون العقوبات على سورية «قيصر»، من شأنها أن تنسف إمكانية تحقيق المشروع، وأهم من ذلك أنه من شأنها رفع درجة الابتزاز باستخدامه كما سنبين في خلاصة هذه المادة.

رابعاً: «تغيير سلوك النظام»

عالجت قاسيون في عدد كبيرٍ من المواد الشعار الغربي القائل بـ«تغيير سلوك النظام» بدلاً من «إسقاطه». فيما يلي روابط خمسٍ من هذه المواد يمكنها بالمجموع أن تلخّص التصور الإجمالي حول المسألة: (مصدر1، مصدر2، مصدر3، مصدر4، مصدر5).
ما يمكن أن نقوله حول المسألة في سياق هذه المادة، وبشكل مختصر، هو الأمور التالية:

  • الاستهداف الأول من شعار «تغيير سلوك النظام»، وما يتضمنه من إجراءات ومناورات، ومن تهديد وترغيب -(وليس صعباً اكتشاف الربط بين هذا الشعار وبين مشروع خط الغاز العربي، وتالياً كل المشاريع المذكورة هنا)- هو تكريس حالة الأمر الواقع القائمة، ومنح المتشددين هوامش حركة بين الغرب والشرق بما يسمح بإطالة الأزمة وتعميقها ومنع حلّها، وصولاً إلى الانهيار الشامل ليس للنظام، بل للبلاد بأسرها.
  • بين أدوات هذه العملية، يجري استخدام الإمارات خاصةً، كإحدى بوابات تطبيق هذا الشعار، ولكن أيضاً كإحدى بوابات ربطه بالمشروع الشامل الذي نتحدث عنه هنا، أي عملياً «مشروع الشرق الأوسط الكبير».
  • ولا شك أنّ بين هذه الاستهدافات أيضاً، العمل بالضد من الصين وروسيا في المنطقة، وفي سورية خاصة، وعبر العمل ضد أستانا بالتحديد. وقد بيّنت قاسيون ذلك في عدة مواد آخرها مادة المحرر السياسي في قاسيون المنشورة في 5 أيلول الماضي بعنوان: «تطبيع العلاقات مع سورية، شعارٌ واحدٌ ومضمونان متناقضان».
  • أحد المستجدات في المسألة، كما أسلفنا في فقرة خط الغاز العربي، هو التعديل الذي أجراه الكونغرس الأمريكي على قانون العقوبات على سورية «قيصر»، والذي يشمل عملياً مشروع خط الغاز العربي ويجعله تحت العقوبات، أو على الأقل يهدد بذلك، لأنّ الكلمة الفصل فيما إذا كان المشروع سيتم تشميله بالعقوبات أم لا، قد بقيت معلقة بوصفها ورقة ابتزاز وتفاوض. ما يعكس فعلياً أنّ المشروع وبغض النظر عن رغبات المتشددين من كل الأطراف وعن بحثهم عن مخارج لأنفسهم، لا يسير على ما يرام؛ ولهذا الأمر تفسيره الذي سنأتي عليه في خلاصة هذه المادة.

خامساً: «المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية»

عالجت قاسيون في عددها الماضي، وبشكل أولي، وضمن مجموعة ملفات أخرى، المبادرة الأردنية المستجدة القائلة بـ «حلٍ عربي» للأزمة السورية. ونضيف هنا ما يلي:

  • تعمدت الأردن استخدام صياغات فضفاضة في الحديث عن مبادرتها، وخاصةً في الجانب المتعلق بالموقف السعودي منها؛ إذ لم يظهر بشكل واضحٍ هل تدعم السعودية تلك المبادرة (غير المعروفة المضامين بعد) أم لا تدعمها. وهو ما قد يحمل معنيين على الأقل؛ فإما أنّ السعودية ليست أساساً جزءاً من المبادرة المفترضة، وإما أنّ السعودية لا تريد الظهور في واجهتها ريثما يتم اختبارها، أو لقناعتها بأنها لن تؤدي إلى مكان.
  • بغض النظر عما يمكن أنْ تتضمنه المبادرة المفترضة، فإنّ أهم ما فيها هو أمران واضحان: الأول هو أنّ المبادر فيها هو الأردن، والذي أثبتت السلطات فيه عبر عقودٍ طويلة دورها الوظيفي الواضح في المنطقة (وطرح الأردن لفكرة الناتو العربي أحد أمثلة هذا الدور). والثاني هو أنّ الحديث عن «مبادرة عربية» يعني ضمناً مبادرة بمواجهة كلٍ من تركيا وإيران، وتالياً بمواجهة روسيا، وبالمحصلة بمواجهة أستانا.
  • توقيت هذا الطرح هو الآخر غير مستغرب؛ فبعد قمة طهران ومن ثم سوتشي، وبعد توضح أنّ الثلاثي بات على طريق العمل نحو تنفيذ 2254 سواء اشترك الغرب في ذلك أم لم يشترك، وخاصة بعد الكلام عن التقارب التركي السوري المحتمل، والوساطة الإيرانية والروسية فيه... بعد كلّ ذلك، فإنّه لا بد من موازنة الكفة غربياً بطريقة أو بأخرى، وبهدف تعطيل الحل ومنع أستانا من السير قدماً نحو النهايات المنشودة.
  • لا تخرج عن السياق نفسه، جملة النشاطات المحمومة أمريكياً بما يخص سورية خلال الشهرين الأخيرين. بما في ذلك تكثيف العمل في الشمال الشرقي السوري ومع النصرة في الشمال الغربي، ومع المتشددين من الأطراف المختلفة السورية فوق الطاولة وتحتها. وكذلك محاولة إحياء المجموعة المصغرة الغربية (حالياً تسمى مجموعة التواصل)، إضافة للدفع باتجاه اختراع مقترحات جديدة من طراز «مؤتمرٍ دوليٍ حول سورية»، وأيضاً نحو توسيع تبني ما يسمى بسياسة «خطوة-خطوة» التي تمثل بالمعنى العملي التمظهر الدبلوماسي، وقطع الحساب، لسياسة «تغيير سلوك النظام».

جردة حساب

المشاريع الخمسة المذكورة آنفاً، هي بالمحصلة مشروعٌ واحد شامل للمنطقة العربية والشرق أوسطية. وإذا حاولنا البحث عن المشتركات بين هذه المشاريع وعما حققته أو ما يمكنها أن تحققه، فإنه يمكن تعداد الاتجاهات الأساسية التالية:

  • مركز هذه المشاريع جميعها، هي الولايات المتحدة و«إسرائيل».
  • الهدف الأهم المشترك بينها، هو محاولة سحب المنطقة بالكامل تحت الجناح الأمريكي-«الإسرائيلي»، في المعركة الوجودية ضد روسيا والصين وحلفائهما.
  • الهدف الثاني والمرتبط بالأول ارتباطاً عضوياً، هو تأمين «إسرائيل» ضمن الظروف الراهنة واللاحقة، والتي يعرف الصهاينة أكثر من أي أحد آخر أنها ستكون «غير موائمة» لهم على الإطلاق، إنْ أردنا استخدام عبارة «تلطف» الأقدار القادمة عليهم.
  • الهدف الثالث، والأكثر عمليةً وقابلية للتحقيق من الهدفين السابقين، هو تحويل المنطقة بأسرها إلى خرابٍ شامل، وخاصة الخليج الذي ما يزال يحتفظ باستقرار نسبيٍ عالٍ ضمن الفوضى الدولية القائمة. وأما البلاد شبه المنهارة مثل سورية، فدفعها نحو الانهيار الشامل. هذا الأمر من شأنه قطع الطريق على روسيا والصين ومشاريعهما في المنطقة، ناهيك عن تحويل هذه المنطقة الحيوية جداً لكل منهما إلى عبءٍ ثقيلٍ بدلاً من احتمال تحولها إلى سندٍ وداعمٍ على أساس المصالح المتبادلة.
  • أداة إنفاذ هذه المشاريع، هي المزاوجة بين التهديد والترغيب، بين العقوبات والأعمال التخريبية المتنوعة، وبين إغراءات قروض صندوق النقد بشكل أساسي، والإغراءات السياسية المتمثلة بالتعهد بالحفاظ على بقاء الأنظمة.
  • الأداة الأهم في تنفيذ هذه المشاريع، هم المتشددون والفاسدون الكبار المحليون في البلدان العربية، والذين يشكلون في نهاية المطاف طبقةً تابعةً اقتصادياً، وظيفتها نهب بلدانها وتخريبها لمصلحة المركز الغربي ولمصلحة استعماره الجديد ودولاره.
  • الطريف بالمعنى التاريخي، أنّ إغراءات الولايات المتحدة و«إسرائيل»، باتت هي نفسها تهديدات؛ أي أنّ العصا عصا، والجزرة عصا؛ فليس لدى واشنطن ما تقدمه لحلفائها وأتباعها سوى الخراب... (مثلاً: فكرة الناتو العربي التي تقدم بوصفها مكافأة أمنية تحمي دول الخليج، هي في الحقيقة تهديدٌ أمني لهذه الدول. مشروع خط الغاز العربي المفترض والذي يقدم بوصفه مخلّصاً للبنان من أزمته هو من الهزال اقتصادياً كما بيّنا في دراساتنا، بحيث يظهر كمسمارٍ إضافي في نعش الاقتصاد في لبنان. سياسة «تغيير سلوك النظام» في سورية، والتي تقدم بوصفها مخلصاً للمتشددين فيه من التغيير، هي في الحقيقة تكريسٌ لإضعافهم وتهديد لبقائهم أكثر حتى من التغيير السياسي نفسه.

 

خلاصة

جملة المشاريع التي يطبل بها الغرب وتابعوه بما يخص منطقتنا، لم تعد مشاريعَ معدةً للتنفيذ، بل مشاريع هدفها إعاقة مشاريع الآخرين... وهذه المشاريع جملةً ومفردةً لن يكون لها أي مستقبل، وكذا الأمر بالنسبة للسائرين وراء سرابها...

 

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1091
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 تشرين1/أكتوير 2022 15:02