افتتاحية قاسيون 1038: ماذا وراء «الانعطافة» الغربية؟

افتتاحية قاسيون 1038: ماذا وراء «الانعطافة» الغربية؟

تُظهر أحداث الشهرين الماضيين «انعطافة» في طريقة تعامل الغرب مع الملف السوري، والغرب بالمعنى السياسي وإنْ كان بالقيادة الأمريكية، فإنه يشمل إلى جانب بريطانيا وفرنسا وآخرين، دولاً عربية مثل الأردن والإمارات وغيرهما.

تَظهر هذه الانعطافة في عدة ملفات بينها تسهيلات خط الغاز «العربي»، وكذلك مسألة الرفع الانتقائي والرمزي لبعض العقوبات، إضافة إلى حركة دبلوماسية كثيفة، تحت العناوين الاقتصادية تارة، والسياسية تارة أخرى.

لا يمكن لأي وطني سوري أن يتعامل مع هذه «الانعطافة» الغربية التي ترفع شعار «تغيير سلوك النظام»، بوصفها «تحسناً مفاجئاً في أخلاق الغرب السياسي»، ولا يمكنه تالياً أن يضع نفسه موضع المستغفل في التعامل معها.

إنّ الأطر العامة لهذه الانعطافة، تتحدد بالعوامل التالية:

أولاً: لا يمكن للأمريكي أن يستمر على الأرض السورية إلى ما لا نهاية، خاصة في ظل معركته الكبرى التي يعيد ضمنها تموضع قواته وموارده المتناقصة على الساحة العالمية.

ثانياً: بالنسبة للأمريكي، فإنّ عملية الانسحاب ينبغي أن تترافق مع جني ثمار التخريب الذي مارسه طوال سنوات. ومفتاح تثمير ذلك الانسحاب هو إعادة ترتيب المنطقة ككل، وسورية على الخصوص بوصفها مفتاحاً لتلك المنطقة، بحيث لا يتمكن خصوم واشنطن من ملء فراغ انسحابها. وأكثر من ذلك، فإنّ الهدف الأعلى هو خلق استقطاب جديد في المنطقة يضع العالم العربي على الضفة المعاكسة للقوى الدولية الصاعدة ولحلفائها الإقليميين.

ثالثاً: بالملموس السوري، فإنّ الاستقطاب المطلوب إرساؤه في المنطقة، هو دمج الدول المطبعة مع الصهيوني في اصطفاف موحد ضد تركيا وإيران بالمعنى المباشر، وضد روسيا والصين بالمعنى غير المباشر.

\]

إنّ المرحلة الحاسمة التي تعيشها سورية اليوم، لا تتعلق بها وحدها فقط، بل وبشكل منطقة الشرق الأوسط ككل، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تتعلق بنتائج الصراع الدولي ككل.

بما يتعلق بالسوريين أنفسهم، فإنّ استعادة وحدة بلادهم، ووحدتهم كشعب، والمضي نحو تحقيق استقلالهم الاقتصادي والسياسي الكامل، يمرّ بالضرورة عبر الاصطفاف في الضفة المعاكسة للمصالح الغربية-الصهيونية.

وضمن الصراع القائم، فإنّ هذا الاصطفاف يعني الدفع نحو توحيد القوى الوطنية في وجه ألاعيب الغرب والصهاينة، ونحو الوصول إلى تطبيق كامل للقرار 2254 بحيث يقرر السوريون مصيرهم بأنفسهم.

ويعني أيضاً أنّ على الوطنيين السوريين أن يبتكروا حلولاً لكسر الحصار والعقوبات، وهذا أمر قابل للتحقيق ضمن التوازن الدولي الجديد، ويمكن لأستانا مضافاً إليها الصين أن تلعب دوراً حاسماً في هذه العملية.

تُحل الأزمات الكبرى حين تنضج عوامل حلّها المختلفة، ويمكن القول الآن إنّ العوامل السياسية والاقتصادية الاجتماعية والوطنية قد باتت ناضجة على الدرجة نفسها، وبالوضوح نفسه، للمرة الأولى منذ عقود...

 

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1038
آخر تعديل على الأحد, 03 تشرين1/أكتوير 2021 20:42