علاء أبوفرّاج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ذكّرت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالتحركات الكثيفة، التي تسعى من خلالها الولايات المتحدة والكيان لتوسيع مستنقع التطبيع، الذي انضمت له دولٌ عربية جديدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ويجري الحديث عن الرياض مجدداً، فكيف يمكن قراءة هذه التصريحات والتحركات التي رافقتها؟
يزداد المشهد داخل الكيان اضطراباً وتتعاظم انقساماته، ويتّجه- مع كل يومٍ جديد- نحو مستويات أعلى من التعقيد، ولا يرى الصهاينة مخرجاً، أياً كان موقعهم، وهو ما يدركه الشارع الفلسطيني بفطرته، فتوجّه قواه الشعبية الضربة تلو الأخرى للكيان المتداعي، الذي بات يخوض صراعاً على كل الجبهات.
الصدام الجاري في أوكرانيا، وما يعنيه من مواجهة شاملة بين معسكرين في حدود تمتد أبعد من خطوط جبهة القتال، يُولّد مستوى متزايداً من الضغط، إذ ظهرت في الأيام القليلة الماضية مؤشرات جديدة على حجم المأزق الغربي، وتحديداً في واشنطن، التي دفعت طوال السنوات الماضية لتفجير أوروبا، وخلق بؤرة تسمح بإنهاك منافسيها هناك.
خضع الناس للزلزال، تماماً كغيره من الكوارث الطبيعية التي لا تزال عصية على الفهم أو التحكم أو حتى التنبؤ بحدوثها، الكارثة التي ضربت سورية وتركيا منذ أيام لم تخلّف عدواً واضحاً أمام الناس، فتبدو الأمور للوهلة الأولى كما لو أنها لا تحمل النقاش أو تحميل المسؤوليات فالكارثة لم تميز بين ضحاياها ولذلك لا جدوى من الاعتراض.
الأحاديث حول الحرب في أوكرانيا وصلت إلى درجات قياسية في شهورها الأولى، ورغم أن وزن الحدث انخفض قليلاً في وسائل الإعلام، إلا أنه لا يبدو كذلك أبداً في مراكز الأبحاث التي تنشغّل حتى اللحظة في تحليل ما يجري والإمكانيات التي قد يتطور الصراع وفقها، كان آخرها ما صدر عن مؤسسة «RAND» الأمريكية، التي ينظر إليها كُثُر بوصفها مؤسسة واسعة التأثير في صنع القرار الأمريكي.
لو حاولنا تصوّر أسوأ لحظة تاريخية مرّ بها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، فلن تكون أشد قتامةً من اللحظة الراهنة، فبعد تفاقم الأزمة الداخلية وخروج أكثر من 100 ألف متظاهر إلى الشوارع، اتّجه الكيان نحو موجة جديدة من التصعيد ضد الفلسطينيين، لكن رد المقاومة الشعبية البطولي الشرس لم يكن بالحسبان، ولا يمكن حتى اللحظة التنبؤ بذروة ما يجري.
قام رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو بزيارة مفاجئة إلى الأردن يوم الثلاثاء 24 من شهر كانون الثاني الجاري، والتقى فيها العاهل الأردني عبد الله الثاني، الخطوة التي تأتي في ظل ظروف معقَّدة داخل الكيان وفي المنطقة وفي ضوء توتر في العلاقات بين الأردن والكيان.
في الوقت الذي ينشغل فيه بعض السياسيين والمنابر الإعلامية في مقارنات سطحيّة بين «برامج قوى اليمين واليسار» في الكيان الصهيوني محاولين بذلك تفسير الانقسام السياسي الحاد هناك، ينشغل آخرون بتقديم تفسيرات أخرى كالقول بأنّ ما يجري هو معركة «للدفاع عن ديمقراطية مهددة» متجاهلين ظروف نشأة وتطور الكيان.
يشتد التوتر العالمي يوماً بعد آخر، ويسيطر الخطاب التصعيدي على مجمل التصريحات، وفي معظم ساحات الاشتباك، الحامية منها أو تلك التي يجري تحضيرها للمرحلة القادمة، وفي ظل هذه الصورة القاتمة تُجري الدول الغربية اجتماعات لرسم خطواتها التالية، وهي ما وجد فيها كيسنجر فرصة جديدة للتعبير عن آراء التيار الذي ينطق باسمه منذ بدء المواجهات العسكرية في أوكرانيا.
يكاد لا ينقطع الحديث عن احتمالات للتفاوض منذ إعلان روسيا عن بَدْء ما أسمته «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا، لكن تكرار هذا الحديث لم يحوله حتى اللحظة إلى واقع! بل إن مجمل التطورات والدلائل إنما تؤكد استمرار وتعاظم التصعيد في كافة الميادين، ما يضع جميع أطراف الصراع أمام خيارات مصيرية.