إيمان الذياب
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
يكاد لا يمر يوم لا تنقل فيه الأنباء خبراً أو أكثر عن جريمة وقعت هنا أو هناك في مختلف المحافظات السورية، وتتزايد وتيرة هذه الأخبار شيئاً فشيئاً وصلت إلى درجة لافتة ومخيفة في مجتمع عانى ما عاناه من ويلات أزمة وحرب كارثية استمرت إلى سنوات وكادت من فرط شدتها أن تكون من أسوأ الكوارث في الوقت المعاصر.
تعصر الأم ذهنها، جاهدة ومستخدمة كل ما لديها من طاقة وقدرة على التفكير «آجار البيت، مصروف الأكل، ثمن أدوية الزوج وو..»، والطفلان يجب أن يدرسا مهما كلف الأمر! ولكن حسابات الحقل والبيدر لا تكفي، تستنجد بزوجها علّه يساعدها في الإجابة على هذا السؤال المتكرر اللعين: «ماذا يجب أن نفعل؟ راتبي وراتبك من الشغلين ما بيكفوا، عصرت مخي وما طلع معي شي»، يحك الرجل المنهك من التعب رأسه: «لا أعرف..»
يعتقد كثيرون أن الصين ذلك البلد البعيد، في أقاصي الشرق مغلق على نفسه وعصي على الفهم. ومن أهم أسباب هذه الفرضية هو الموروث الثقافي الرمزي المرتبط بالمكان وبعده، فوجود الصين بأقصى الشرق هناك «حيث لا بلاد بعدها» ترك انطباعاً سجله كثير من المؤلفين والكتّاب بأن العالم ينتهي هناك، إضافة إلى الرمزية التي يحملها سور الصين العظيم، وصعوبة اللغة الصينية وبالتالي صعوبة الحصول على معرفة متكاملة عن ثقافة هذا البلد.
تكمن المسألة الأساسية في عدم فهم وإدراك الكثير من الناس لحقيقة الأزمة وأسبابها وما أنتجه انفجارها لاحقاً ووصولها إلى هذا الحد غير المسبوق، في طريقة التفكير التي يتناول بها هؤلاء المشكلة وطرق معالجتها، باعتمادهم النظرة الجزئية للتحليل ومواجهة المشكلات الجزئية اليومية بعيداً عن الوعي بأطرها الكلية. حيث باتت هذه الطرائق من التفكير تمثل أزمة فوق الأزمات وعاملاً من عوامل إنتاج المشكلات. فيكون مثلاً السياسي منقطع الصلة عن الاقتصادي الاجتماعي، وأيضاً الثقافي منقطع عن الاقتصادي والسياسي.. إلخ. ولذلك تتوه التحليلات في الجزئيات الصغيرة بعيداً عن فهم ومعرفة أبعاد الظاهرة المتنوعة والمتعددة.
يشير مفهوم الانتماء إلى حاجة الفرد الأساسية لصحبة الآخرين. فالانتماء هو المعنى العكسي للاغتراب. يمتلك الإنسان دافعاً نحو الاعتزاز بالانتماء إلى جماعة والإحساس بالمسؤولية تجاهها، والشعور بالرضا الذي ينبع من التعاون مع المجموعة.
«ما أعرفه حقاً هو أن تاريخ العالم كان دائماً تاريخ ضعفاء، ولكنهم يملكون قضية محقة، يقاتلون الأقوياء الذين يستخدمون قوتهم لاستغلال أولئك الضعفاء، نحن لدينا قضية نقاتل من أجلها، الشعب الفلسطيني يفضل الموت واقفاً على أن يخسر قضيته.. ماذا أنجزنا؟ أنجزنا إثباتاً أن هذا الشعب لن يهزم أبداً، وسيستمر بالقتال حتى النصر. قلنا لكل شخص في هذا العالم إننا شعب صغير شجاع، وسيقاتل حتى آخر قطرة دم كي نجلب العدالة لنا بعدما فشل العالم بذلك».
«لقد تألمت دائماً من السأم، ولكن يجب أن نتفاهم على معنى هذه الكلمة. فهي تعني، بالنسبة لكثيرين، عكس التسلية، والتسلية هي الشرود والنسيان، ولكن السأم بالنسبة لي، ليس كذلك، بل يمكنني القول إنه، في بعض مظاهره، يشبه التسلية بما يخلّفه من شرود ونسيان ينتميان طبعاً إلى فئة خاصة جداً. إن السأم في نظري هو حقاً نوع من النقص أو عدم التلاؤم أو غياب حس الواقع. وأعمد هنا إلى تشبيه فأقول: إن حس الواقع، حين يتملكني السأم، يحدث لدي ما يحدثه بالنسبة للنائم غطاء قصير أكثر مما ينبغي، في ليلة شتوية: فإذا سحبه على قدميه، أصيب بالبرد في صدره، وإذا رفعه إلى صدره، أصيب بالبرد في قدميه، فهو لهذا لا يستطيع أبداً أن ينام قرير العين».
يثبت الواقع دوماً أنه أغنى من أي تحليل يتناوله، وغنى الواقع في هذه المرحلة من تاريخ البشرية عظيم وكبير، يؤسس لتحرير طاقة الإنسان والانتقال به خطوات إلى الأمام وعلى كافة الصعد. فرغم سواد وبؤس المشهد ظاهرياً، إلا أن الاتجاه العام الذي تسير وفقه الأمور تثبت تفوق الإبداع الإنساني في مواجهة الظروف القاسية التي تعصف به وتهدد وجوده.
يكاد لا يخلو يوم من أخبار موت شاب هنا أو انتحار آخر هناك، سواء في وسائل الإعلام أو ما يتناقله الناس بين بعضهم. والمرعب في الأمر أنه موت مفاجئ ومجاني يحكم قبضته في الغالب على شباب صغار في السن نسبياً.
لا يمكن لمقالة صغيرة أو ربما حتى كتاب أن يفي مظفّر النواب، الشاعر والسياسي والأديب، حقه من البحث.