إذا لم تكن خيانة فماذا تكون؟
ثمة من حاول ويحاول تشتيت الناس وإبعادهم عن بعضهم بعدة أشكال بهدف تشتيت قواهم أولاً، واحتوائهم والتحكم بمصيرهم لاحقاً، سواء قبل الأزمة أو أثناءها، وما زال ذلك يجري على قدم وساق. ولكن الواقع يفرض نفسه على الجميع، فكما أن لكل ظاهرة أكثر من وجه وسبب، كذلك لها أكثر من نتيجة، اليوم يجتمع السوريون أيضاً بأشكال متعددة، تجمعهم هموم واحدة وشعور بالذل والبؤس والشقاء.
في أحد رسوم ناجي العلي، يردد حنظلة بطلها الرئيسي جملة كان قد كتبها الشهيد صلاح خلف «أبو إياد» القيادي الفلسطيني المقاوم والأب الروحي لانتفاضة 1987 في كتابه فلسطينيّ بلا هوية: «أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر». وقد جرى اغتيال أبي إياد وتصفيته من قبل الكيان الصهيوني في تونس عام 1991.
لم تخلُ أية مرحلة في التاريخ من وجود خونة وعملاء ومأجورين ومتخاذلين... إلخ. وغالباً ما سعت الخيانة إلى التواري والتخفّي وعدم الظهور للعلن، ولكن يبدو أن العالم اليوم يمر بمنعطف حاد جداً لدرجةٍ تمزّق فيها ستار الحياء عن وجوه البعض، فأصبحوا يجاهرون بخيانتهم وعمالتهم بكل صلافة.
العقل المنهزم
وبينما تلقى المقاومة الفلسطينية اهتماماً وتعاطفاً من شعوب ودول ومؤسسات عديدة وسياسيين ونشطاء أجانب وأمريكيين، يسعى العقل المنهزم عند البعض في منطقتنا إلى تحويل انتصارات الشعب الفلسطيني إلى هزائم، والذهاب إلى التماهي مع المحتل والتطبيع معه بوسائل ومستويات مختلفة.
يتباهى الناطق العسكري الصهيوني أفيخاي أدرعي باستقباله إحدى الدمى المستأجرة المتضامنة مع العدوان الصهيوني، روان عثمان، وهي واحدة من مجموعة أشخاص جنّدوا أنفسهم لخدمة الدعاية الصهيونية ومنهم البحرينية فاطمة الحربي والمغربي يوسف الأزهري ويحيى محاميد ونصير ياسين... وتدعي حسابات «إسرائيلية» أن هؤلاء يمثلون وجهة النظر العربية إزاء أحداث السابع من تشرين الأول الماضي.
«آه... ونص»
أثارت المغنية اللبنانية نانسي عجرم الجدل مؤخراً في مواقع التواصل عقب ظهورها مع مدون «إسرائيلي» على هامش حفلتها الغنائية في قبرص. واحتفى إعلام الاحتلال بصورها بينما التزمت المغنية الصمت ولم تصدر أي تعليق حول الصور التي تزامن انتشارها مع تعرض منطقة الغازية في جنوب لبنان لقصف «إسرائيلي» همجي! علماً أنها لم تعلن أي تضامن علني واضح مع الفلسطينيين منذ اندلاع العدوان الصهيوني على غزة.
موقف مغاير!
بالمقابل تخلت مصممة الأزياء كاثرين هامنيت عن رتبة الإمبراطورية البريطانية، وهي رتبة فائقة الامتياز تمثل منظومة فروسية للتشريف بالأوسمة والألقاب، بسبب دور بريطانيا في الهجوم الصهيوني على غزة. وأكدت وهي ترتدي قميصاً كتب عليه: «أشعر بالاشمئزاز لكوني بريطانية بسبب دورنا في الإبادة الجماعية في غزة. هذا وسام الإمبراطورية البريطانية، إنه ينتمي إلى سلّة المهملات مع سوناك وستارمر».
للخونة مؤسسات وإعلام وكُتّاب... يبررون لهم فعلتهم، ثمة من يرفض تخوين الخائن بحجة احترام الرأي الآخر والديمقراطية وحرية الرأي، ولكن ليس ثمة عذر للخيانة. النصر اليوم ممكن أكثر من أي وقت مضى، تقرّبه المقاومة وتبعده المساومة والخيانة والتطبيع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1163
