على حافة الوجع!
في معركة البقاء اليومية، يحاول السوريون التأقلم مع كل جديد، ولا يمر يوم دون جديد، إذ يحمل لهم كل صباح جديداً أسوأ من سابقه. (ننام على حال ونصحو على حال لم يكن بالحسبان، لا مشكلة مع الجديد سوى أنه يسير من سيِّئ إلى أسوأ...)، هكذا يقول لسان حالهم.
الحديث عن الوجع صار موجعاً بحد ذاته، ومع ذلك يستمر الناس في نقاش أوجاعهم، كلٌّ على طريقته. تكتب إحداهن على صفحات التواصل (لم يعد للصباحات أو المساءات معنىً... صارت متشابهة حد الوجع، ظلام كالح ودامس، برد وصقيع، تجمدت قلوبنا ومشاعرنا...). ويؤكد آخر على صفحته: (وصلنا إلى طريق مسدود، نبحث عن بصيص نور ولو بحجم خرم إبرة ولكن دون جدوى)...إلخ.
حافة العيش
يستمر الناس بالتذمر والاستياء من الوضع السيء الذي وصلوا إليه، دون أن يكون لهم يد في ذلك، بعضهم يتذمر بيأس، وآخرون بتساؤل واستفهام. ثمة من يريد للسوريين أن يكونوا فريسة لليأس والإحباط، يلتهمهم ببطء ويقضي على ما تبقى لهم من قدرة على الصبر والاحتمال بحيث لا يعودون قادرين على التفكير والتأمل والاستنتاج ومن ثمّ القيام بفعل حقيقي. ثمة من يعتقد أن ذلك يمكن أن يحدث بأن يجعل الناس يعيشون ليس فقط على حافة العيش بل على حافة كل شيء.
ولكن الناس ليسوا أغبياء، يمكنهم فهم ما يجري ومعرفة ما وراء ذلك، تُظهر ذلك بوضوح نقاشاتهم المستمرة عن أوجاعهم سواء المباشرة منها بينهم أو الافتراضية على الصفحات.
في مكان ما كتب أحدهم بسخرية: (تركوا الأبنية التي ترصفها أحجار الرخام وسلّطوا تركيزهم على من يعيش تحت الركام). وفي نقاش الناس عن الوضع المزري للكهرباء مثلاً، كتب بعضهم: (كل ما يفعلونه من أجل الأمبيرات... وهل نحن أساساً قادرون على تأمين لقمة العيش البسيطة، ودفع الإيجار لبيوت في مناطق المخالفات، حتى نستطيع تأمين ثمن كهرباء الأمبيرات؟ ماذا يريدوننا أن نفعل؟ وكيف لنا أن نعيش؟... تعبنا...). كلمات بسيطة ولكنها واضحة، فقد فُهمت اللعبة.
إعلامنا في مكان آخر
على شاشة كبيرة في ساحة الأمويين، يظهر محلل (سياسي واقتصادي وتاريخي وأيديولوجي و... كبير) يتحدث عن انتصارات ومضاعفات وآليات وأولويات و...إلخ، وكأنه يعيش في بلاد أخرى غير البلاد التي نعيش فيها.
لم ينفد صبر السوريين بعد، ما زالوا يستيقظون كل صباح، يسيرون إلى أعمالهم، يدفعهم حب الحياة وأملٌ بالخلاص. ربما هم متعبون، ولكنهم لا يملكون خياراً سوى إكمال المسير.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1159