أحمد الرز
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
منذ أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية ما يسمى بقانون «قيصر» الذي فرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية الإجرامية ضد المواطنين السوريين، كثرت الأحاديث والتوقعات حول تبعات هذه الحزمة على سورية، وكذلك أثار القانون تساؤلات عدة، من أهمها: متى، وفي أية شروط، ستقوم الولايات المتحدة برفع هذه العقوبات؟
فجأة وكأن شيئاً لم يكن، كل الكلام السابق الذي كررته الإدارة الأمريكية والنخب الغربية عن أن الرأسمالية هي «نهاية التاريخ» جرى تجاوزه. ومن جديد، باتت التصريحات الرسمية التي تذم الشيوعية تُوحي وكأن الولايات المتحدة قد عادت إلى نهاية أربعينات القرن الماضي: ها هم برتولد بريخت وألبرت آينشتاين وتشارلي شابلن وآرثر ميلر وغيرهم يجلسون إلى طاولة الاتهام، وها هو السيناتور جوزيف مكارثي يحاول تصيّد «المتهمين» ليلصق بهم «تهمة الشيوعية».
حسناً، هي ليست مزحة: نشر موقع «بروكار برس» يوم أمس 28 نيسان مقالاً موقّعاً باسم «ماهر مسعود» وعنوانه «ضد اليسار أو نحو يسار جديد». الكاتب لا يطلب الكثير من اليسار، سوى أن يكف عن اعتبار النظام الرأسمالي والإمبريالية الأمريكية عدوه الأول!
كل شيء من حولنا يدفعنا للقول: إننا نعيش في عالمٍ يتحول، الارتفاع الهائل في أعداد المُعطَّلين الجدد عن العمل في العالم، الأعداد المتزايدة من الشركات التي تُغلق جراء الأزمة الاقتصادية، انهيار أسعار النفط، والانكشاف التام لدرجة الضعف التي وصلت إليها المنظومة الرأسمالية.
في غضون بضعة أشهر منذ تفشي فيروس كورونا في العالم، نزع الوباء بسرعة لم يسبق لها مثيل هالة القداسة عن الكثير من «المسلّمات» المزيفة، وعلى وجه الخصوص منها تلك التي تقول: إن الرأسمالية هي «نهاية التاريخ»، وأن «الماركسية قد شاخت».
عندما كانت الطائرات الروسية تنقل أطنان المساعدات إلى إيطاليا خلال الأسبوع الماضي، كان لا بد لها من أن تسير 2500 ميل إضافي بسبب الحظر الذي يفرضه حلف الناتو وبولندا على الطائرات الروسية. وبينما كان الإعلام الغربي يلوك الرواية المفبركة لقصة الطبيب الصيني في ووهان، كان إعلان الرئيس الصيني حاسماً: قدمنا المساعدة للولايات المتحدة، وسنواصل تقديمها.
في هذه الأيام، تسقط مسلمات كثيرة تاركة خلفها مجالاً خصباً للتفكير وإعادة النظر في مفاهيم كثيرة كان مجرد الاقتراب منها ووضعها على بساط البحث شيئاً محرماً بالنسبة للعديد من الأوساط. ومن هذه المفاهيم، مفهوم «حقوق الإنسان» الذي تتعرض صيغته الغربية لضرباتٍ كبرى، نظراً للتمايز الذي أحدثته أزمة فيروس كورونا بين نموذجين في التعاطي مع الأزمات.
الخداع العالمي في أعلى مستوياته: بينما يضطر الملايين من الناس للانعزال في منازلهم، يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع سيلٍ من الدعاية التي تزعم أن السبب الأساسي في الأزمة الاقتصادية العالمية التي نعيشها هو فيروس كورونا، الفيروس المتهم بحصد آلاف الأرواح حول العالم، دون أن يعذّب أحد نفسه عناء السؤال عن دور المنظومة الرأسمالية في ارتفاع عدد الوفيات، وعن تفسير ارتفاع أعداد الضحايا في إيطاليا مقارنة بنسب الوفيات في دولة بحجم الصين.
بينما يواجه العالم عدواً مشتركاً حمل هذه المرة اسم فيروس كورونا، ينفتح الباب على مقارنة في غاية الأهمية بين استجابة القيم الاشتراكية لحالات الطوارئ الصحية واستجابة نظيرتها الرأسمالية. وتساعد هذه المقارنة في الإجابة عن السؤال: أي من أنظمة الحكم تتوافق مع الحاجات الضرورية للجنس البشري؟
تمثل التغيرات التي تطرأ على الاقتصاد العالمي واحدة من أهم المؤشرات على تغير ميزان القوى الدولي، فيما يلي، نستعرض ثلاثة من هذه المؤشرات التي تدعم الحقيقة القائلة بانتقال مركز ثقل الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، وتحديداً الصين التي حققت خلال العقود الماضية قفزات واسعة، متجاوزة في العديد من المجالات نظراءها في الغرب.