محمد علي طه
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
بداية يطيب لي ويسعدني، كمدرس متقاعد مارس التعليم لأكثر من أربعين عاماً، من مسعدة في الجولان إلى عفرين وجرابلس في أقصى الشمال إلى البصيرة في دير الزور وانتهاءً في دمشق، يطيب لي أن أتوجه بأعطر التحية وأصدق التقدير إلى جميع المعلمين في سورية الغالية بيوم عيدهم مردداً قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
قمْ للمعلّم وَفّهِ التبجيلا *** كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولا
كل عام في مثل هذا الوقت تنعقد المؤتمرات النقابية السنوية ويتم فيها استعراض ما أنجز خلال عام من القضايا الاقتصادية والعمالية المختلفة. وقد توجه المكتب العمالي التابع للجنة المنطقية في دمشق برسالة مفتوحة إلى قواعد وكوادر الحركة النقابية، وهذا نصها:
أن تفقد قريباً أو صديقاً أو رفيقاً أمر يشجي الصدر والفؤاد، ويبعث في النفس الأسف والأسى ويوقظ عين الخاطر والخيال، ويثير الذاكرة لتستعيد كخطف البصر شريطاً من صور رصدتها العين وحفظها الوجدان، وتلك حالتي التي عشتها خلال الفترة القليلة المنصرمة، إذ سمعت خبر رحيل ثلاثة أعزاء، حمل لهم قلبي عاطفة الحب والاحترام وهم على التوالي:
رن الهاتف, وكان المتكلم زميلاً في الدراسة أيام المرحلة الابتدائية علما أن غالبية زملاء ذلك الحين قد فارقوا الحياة – قال وصوته يصدح بالفرح: أبشرك لقد عثرت على صورة تعود لعام 1948 لطلاب المدرسة الذين قاموا برحلة إلى ميسلون لزيارة ضريح البطل الوطني الكبير يوسف العظمة, بمبادرة من معلمنا الرفيق الراحل عبد المجيد قاسو, ليقفوا بكل الإجلال والاحترام أمام ذكرى ملحمة ميسلون الخالدة وأبطالها الميامين, وليستقوا من ذكرى تضحياتهم نسغ الرجولة والوطنية
كما في العبارات الشائعة في الحكايات القديمة التي تدور حول الترحال والتطواف والسفر في أرجاء المعمورة.. من مثل «حملته قدماه» حملتني قدماي «بل الميكرو باص» إلى حي مشروع دمر تلبية لدعوة أحد الرفاق القدامى لزيارته في بيته, وبعد التحية والترحاب والتعارف كوني ألتقي به لأول مرة. خضنا مباشرة في أحاديث جلها يتناول الوضع الراهن والأزمة الدامية التي تجثم بثقلها على صدر شعبنا.
قبل انتشار التلفزيون، كانت محطات الإذاعة تستقطب جمهور المستمعين ببرامجها المتنوعة وأغانيها وحفلات الطرب المنقولة من صالات المنتديات العامة أسبوعياً أو شهرياً، ومن أشهر محطات تلك المرحلة إذاعة القاهرة، وأذكر من برامجها برنامج «ساعة لقلبك» يبث مرتين في الأسبوع، نجماه «خواجة بيجو» صاحب حانة صغيرة، و«أبو لمعة» أحد زبائن الحانة ديدنه الكذب واختلاق الأحداث والحوادث الخيالية المبالغ فيها، وهذه بعض نماذجها:
تعلمت السباحة في نهر يزيد أحد فروع نهر بردى، وكان حينها يتدفق بمياهه العذبة، وقد تخرج منه سباحون ماهرون، أدعي أنني واحد منهم، وكنا بعد السباحة نقصد موضعاً مشمساً تحت نخلة في بستان «شكو» الذي صار حديقة عامة تحمل الاسم ذاته، وكثيراً ما كنا نسهر في ذلك الموقع نستمع إلى الصديق العكاش وهو يشدو بأغنيات مشاهير المطربين كمحمد عبد الوهاب وكارم محمود ومحمد عبد المطلب وويع الصافي. وما ذكرني بذلك كله هو صاحب قديم من تلك الشلة آنفة الذكر، زارني قبل أسبوع وبعد التحيات بادرني متسائلاً: ألست تذكر أيام كنا نردد أغنية وديع الصافي «جنات ع مد النظر... ما بنشبع منها نظر». قلت: بلى، وأحن إلى تلك الأيام
أمر طبيعي أن تنصب أحاديث الناس على ما يعصف ببلادنا من أحداث وحوادث دامية بلغت عامها الثالث. فهم المكتوون بنارها على كل الأصعدة, فليس من أسرة في طول البلاد وعرضها لم تعانِ من عسرٍ وألم- باستثناء الفاسدين من تجار وصنّاع الأزمات-
حينما حذرنا من خطر الليبرالية الجديدة، قصدنا ومازلنا نقصد بالدرجة الأولى تلك القوى في جهاز الدولة التي تسير في هذا الاتجاه دون ضجة إعلامية كبيرة، والتي يكمن خطرها بقدرتها على التأثير في القرار الاقتصادي، والذي تجلى مؤخراً في حملة الخصخصة على «الطريقة السورية» بعرض الشركات على الاستثمار، وبفوضى أسعار السوق بعد تخلي الدولة عن دورها الإشرافي في هذا المجال
جمعتني قبل اثنين وأربعين عاماً زمالة التعليم بالرفيق زهير ناجي مدرسة مادة التاريخ في ثانوية ابن العميد بدمشق، ومنذ اللقاء الأول لمحت فيه طلعة المدرس المليء حيوية ونشاطاً وبدأت صدامتنا تؤتي ثمارها في عملنا المتكامل مع عدد من الرفاق المدرسين في الثانوية لغرس بذار الروح الوطنية وحب الوطن والشعب في نفوس طلابنا