من الذاكرة: ضُوعُ الروح الوطنية

من الذاكرة: ضُوعُ الروح الوطنية

أمر طبيعي أن تنصب أحاديث الناس على ما يعصف ببلادنا من أحداث وحوادث دامية بلغت عامها الثالث. فهم المكتوون بنارها على كل الأصعدة, فليس من أسرة في طول البلاد وعرضها لم تعانِ من عسرٍ وألم- باستثناء الفاسدين من تجار وصنّاع الأزمات-

وفي هذا الإطار كان حوارنا «الحار» نحن الثلاثة الذين التقينا يوم الثلاثاء الماضي على غير موعد, الأول صاحب البيت الذي أقصده لأعطيه جريدة «قاسيون» وهو شيوعي قديم خارج التنظيم له باع طويل في ميدان البحث الفكري والسياسي, والثاني إعلامي وكادر شيوعي من قدامى العاملين في صفوف اتحاد الشباب الديموقراطي وقد ترك التنظيم في فترة احتدام الانشقاقات والتشرذم, واللافت أننا توافقنا في توصيف الواقع الراهن ومعالم الأزمة العاصفة وكذلك في استذكار المراحل التي مرت بها سورية من معركة ميسلون والاحتلال الفرنسي إلى الثورة السورية الكبرى, إلى الجلاء وما تلاه, ولا سيما مرحلة المد الوطني الرائع في خمسينيات القرن العشرين الذي جذبنا إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري, واستعدنا من الذاكرة صفحات من سجل نضاله مع القوى الوطنية من مدنيين وعسكريين, ومنهم الضباط المعروفون أمثال عفيف البزرة وأحمد عبد الكريم, وأمين النفوري الذي عبر عن رأيه ورؤيته- في ذلك الحين- بقوله:

«نحن في سورية عرفنا طعم النضال في سبيل الحرية والديموقراطية يوم كنا نكافح الاحتلال التركي والاستعمار الفرنسي, وكلنا يذكر الموقف البطولي الذي وقفته سورية بجميع قواها الوطنية عام 1957 يوم هددنا الاستعمار وحشد على حدودنا الجيوش لضرب «الدولة الصغيرة» التي ضربت المثل الأسمى في صمودها وخرجت ظافرة مرفوعة الرأس، وعلى الصعيد الداخلي تحققت مكاسب للطبقة العاملة والفلاحين, يجب الحفاظ عليها, وعلينا أن نلتف حول جبهة وطنية واسعة تحمي الوطن من كل المكائد».

إنها نفحة من النفحات الوطنية التي يستمر صوغها في حنايا كل الوطنيين.

وقبيل انتهاء اللقاء سألت رفيقي الإعلامي عندما قال إن المعارضة الوطنية لا تمتلك برنامجاً محدداً لأهدافها: «ألا تقرأ صحيفة قاسيون؟». فأجاب «أحياناً». فقلت لقد طرحنا ونحن جزء من المعارضة الوطنية برنامجاً سياسياً واقتصادياً اجتماعياً ديموقراطياً متكاملاً نشر ويعاد نشره على صفحات جريدتنا, وعبر ويعبر عنه رفاقنا من خلال وسائل الإعلام المتاحة والمسموع.

واتفقنا على لقاء آخر في القريب العاجل.