عصام حوج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الديمقراطية هي النقيض الموضوعي للاستبداد بجانبيه السياسي والاقتصادي، وعلى خلفية القهر المزمن التي مرت به شعوب المنطقة ومنها الشعب السوري كان من الطبيعي أن يكون سؤال الديمقراطية هو السؤال الأول على جدول أعمال المرحلة التاريخية الجديدة التي أتت بها ضرورات الواقع الموضوعي، ولأن الديمقراطية ليست معطىً إرادوياً فإن إجماع الناس على أهميتها لا يعني الاتفاق على مضامينها المتعددة لأن تفسير المفهوم يختلف بين قوة سياسية وأخرى، وبين مرحلة تاريخية وأخرى، وهي في الحقيقة لها معنىً واحد وهو ايجاد البنية الحقوقية والسياسية القادرة على التعبير عن مصالح الأغلبية في البلد المعني.
تتعدد دواعي استحضار الحوادث التاريخية، فمنهم من يلجأ إلى ذلك لكي يغطي عجزه في الحاضر، فليس لديه إلا البكاء على الأطلال والاكتفاء بالتغني بالأمجاد، وقد نجد من هؤلاء من يوظف هذا المنجز التاريخي أو ذاك، لغايات انتهازية مستفيداً من دور هذه الحوادث التاريخية في تكوين الوعي الجمعي فيأخذ منها ما يبرر سلوكه في الحاضر، وما يحقق غاياته ومصالحه الذاتية، ومنهم من ينظر إلى الحوادث والظواهر التاريخية نظرة متعالية وفوقية خارج شرطي الزمان والمكان، وبالتالي يصل إلى استنتاجات خاطئة عن الحاضر..
تقتصر أغلب القراءات المتعلقة بالواقع السوري، على الجانب التوصيفي، أي الاكتفاء بعرض الوقائع كما هي دون الغوص في بنيتها الداخلية: مقدماتها، حركتها، قوى التأثير المتعددة، ومآلاتها.
الأستاذ «عادل نعيسة»، معارض وطني سوري، وربما يكون من أكثر المعارضين الذين دفعوا ثمن مواقفهم حيث أمضى ( 25) عاماً من سني عمره خلف القضبان، ومع ذلك لم يغب الهدف الأكبر عن عينيه، ألا وهو الوطن بما فيه من بشر وشجر وحجر وماض ومستقبل
على مدى عقدين من الزمن كان أغلب النشاط الثقافي السوري محكوماً بثلاثية «التسليع- النفعية- الذاتية» فإما أن «المثقف» السوري كان يبحث عن سوقٍ لبيع بضاعته «الثقافية»، ولذلك كان من الطبيعي أن يفكر أولاً بـ«حاجة السوق» وكيفية نيل رضى (المنبر= الممول) الذي سيدفع من عرب النفط، أو كان همه إرضاء الجهة التي ستؤمن له فرصة «الظفر» بمنصب وظيفي رسمي فيكون «بروكوست» الثقافة (في إشارة إلى الشخصية الأسطورية التي تفصّل الناس على مقاس سريرها)
لا نكتشف جديداً عندما نقول: ليس كل من ادّعى اليسار هو يساري حقاً!
تؤكد الوقائع الملموسة على الأرض أن الأزمة الوطنية تتعمق أكثر فأكثر بسبب مواقف القوى المختلفة الفاعلة على خط الأزمة، فيرتفع يوماً بعد يوم منسوب الدم السوري بسبب العنف والعنف المضاد، وما زال ملف المعتقلين والمفقودين مفتوحاً، ويتدهور الوضع الاقتصادي، وما يدل على ذلك تراجع قوة الليرة السورية أمام سلة العملات وتشير توقعات المختصين إلى تفاقم ذلك خلال الفترة القريبة القادمة، مما ينذر بإنهاك الاقتصاد الوطني في المجالات كافة. وتشهد الأسواق فلتاناً في أسعار مواد الاستهلاك الشعبي، مما يؤثر سلباً على مستوى معيشة المواطنين، مضافاً إليها عدم توفر بعض السلع الإستراتيجية كالمحروقات، وتزداد مظاهر الفلتان الأمني بتفشي حالات الجريمة والقتل والخطف في بعض مناطق البلاد، وعلى أثر كل ذلك يزداد طرداً قلق المواطن السوري على حياته ومستقبل البلاد.
فاتحة الكتابة عن المشهد السوري الراهن هي التأكيد على أن الحركة الاحتجاجية السلمية في البلاد هي عملية تاريخية موضوعية، وهي في التحليل العميق نتيجة حتمية لمظاهر القهر الاجتماعي والسياسي في ظل سيادة علاقات الإنتاج الرأسمالية الطفيلية التي قوننتها البرجوازية الريعية السورية في السنوات الأخيرة، مثلغيرها من الشرائح الاجتماعية الحاكمة أو المتنفذة في بلدان رأسمالية الأطراف، التي تشكل امتداداً موضوعياً على منظومة الرأسمال المالي على النطاق الدولي، مع التذكير بإحدى أهم خصائص برجوازية بلدان الأطراف عامة وهي اتكاؤها على القمع المباشر لديمومة النهب وتراكم الثروة.
من البدهي القول إن جذر كل صراع، هو صراع على الثروة وطريقة توزيعها، وهكذا هي الحال بالنسبة للأزمة الوطنية التي تعصف بالبلاد منذ عام ونيف، فالسياسة الاقتصادية الليبرالية التي اعتمدت في البلاد كنتيجة حتمية للفساد المزمن، وقصر النظر السياسي، كانت إحدى أدوات قوننة النهب، وتمركز الرأسمال لدى قلة قليلة من الناهبين الكبار،
في سياق متابعة مواقف المثقفين العرب من الأزمة السورية، نجد أن قسماً منهم قد حسم أمره وباع قلمه في سوق النخاسة النفطي، ونجد أن قسماً آخر يبدي -محقاً- قلقه على سورية، ويدعو إلى استنفار قومي ووطني للتصدي لـ« المؤامرة».. كيف؟