الحكومة ترفع سعر الكهرباء وتطلق «رصاصة الرحمة» على أصحاب الأجور والمنتجين
ما زالت الحكومة تتحفنا كل يوم بقرارات «خنفشارية» غير مسبوقة تتجرّأ بها علينا بتعالٍ واستقواء، ولا نجد ما نصفها به إلّا أنّها قرارات معادية للطبقة العاملة وسائر الكادحين وأصحاب الأجور والمنتجين أيضاً، ضاربة بعَمدٍ وإصرار آخرَ ما تبقّى من فُتات الموائد والحياة. فمن «تخبيصات» الضريبة على الأجور لأسعار الخبز والمحروقات والمواصلات، إلى الكلفة الجديدة للكهرباء المنزلية والصناعية التي كانت بمثابة رصاصة الرحمة لعليل أو كسيح، قرارات حيكت في أوراق النيوليبرالية ومن دفاتر صندوق النقد الدولي البغيض، ومُهِّدَ لها بوابل من التصريحات التمهيدية على لسان السلطة «من صغيرها لكبيرها»، مدعومة بالمنشورات الفيسبوكية والمهرجانات والشعارات والحملات والمَعارض وغيرها من الدخان الكثيف الموظَّف لتعتيم المشهد والإجراءات والنتائج اللاحقة لها.
وكأنّ البلاد خالية من شغّيلتها ومنتجيها الذين يعون مصالحهم الاقتصادية كوعيهم للوطنية والسياسية منها. ويكفي للقرارات أن تستهدف الأغلبية الطبقية المنهوبة الذين يشكلون أكثر من 85% من السوريين حتى يتنبّأ اللبيبُ بتداعياتها الكارثية التي ستنتج عنها، فكيف إنْ كانت ستؤثر على شرائح وطبقات أخرى؟ ومن سيتحمَّل كلفة النتائج والتداعيات بجوانبها السياسية والاجتماعية؟ أم ما زال وهمُ القدرة على الاحتواء والمناورة وامتصاص الارتدادات يصيب المسؤولين، وربما لم ينتبهوا أصلاً بأنهم وقعوا بالوهم نفسه مراراً منذ تولّيهم أمرَ البلاد والعباد؟
فما زال ملفُّ المفصولين المظلومين حارّاً لم تبرد أوصالُه بعد، وما زالت نتائجُه في حالة تراكم يومي يرفع مستوى الاحتقان باطّراد مع مستوى الفقر والعوز والمهانة. ولا يَغُرَّنَّ صاحبَ الأمر ما يراه أو يسمعه، فالموقف المحبوس في الصدر أشدُّ ثباتاً وأكبر تأثيراً مما يظهر على السطح. وليكن لنا في التاريخ عبرة ودروس، ومن يحرص على البلد وأهلها يُظهِر حرصَه بالأفعال لا بالأقوال، ومن يحرص على الحياة الكريمة للعباد يُظهِر حرصَه بسياسات موجَّهة للأغلبية الطبقيّة الأشد ضعفاً وفقراً، لا بدعم الاستثمارات والمستثمرين، ولا بالتربح من الاحتياجات الأساسية للناس، فيتحول الأجر لمجرد ربح مؤجَّل للمستثمرين والنُهّاب. فهكذا قرارات ستذهب بكامل الأجور لخزائن أرباحهم، وستغلق المعامل والورش. أم أن الحكومة لم تسمع بإغلاق معمل الحجار وتسريح 360 عاملاً من عماله بعد أن عجزت المؤسسة عن استمرارها بالتنافس والتصدير؟ وما بال النقابات نأت بنفسها عن القرارات الأخيرة «لا حسّ ولا خبر»، وكأنها خارج الواقع ومعزولة عمّا يتم تداوله بين العمّال والموظَّفين بكل زاوية في معمل ومؤسسة وبيت!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1250