يسار صالح
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
هدر صوت الرصاص، واستقرت الضحايا في برك الدماء، هي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها كل هذا في أمريكا، لقد اعتاد الجميع هناك على سماع تلك الأخبار كل عدة شهور، هناك دائماً مختل غاضب يوجه بندقيته الآلية في وجه الأبرياء في المدارس والجماعات ودور السينما ، يبدأ الجميع بالحديث عن الدوافع والظروف المحيطة بالحادثة، ثم تصدر بعض المقالات والتقارير التلفزيونية لتخمد القصة كلها خلال أيام قليلة، لكن الأيام الأخيرة التي عاشتها مدينة سان بيرناندينو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية حملت سابقة تستحق التوقف عندها قليلاً.
تعيش الدراما التلفزيونية الأمريكية هذه الأيام أيام مجدها، هجر الكثيرون من كبار ممثلي هوليوود أفلامهم المعتادة واختار كل منهم نوعاً خاصاً من المسلسلات لتزدحم الشاشات بقصص عديدة تظهر على الشاشة الفضية كل ليلة ليتابعها الملايين من الأمريكيين والعديد من المشاهدين حول العالم أيضاً، لكن أحد هذه المسلسلات فقط حظي بالكثير من الضجيج الإعلامي في الفترة الأخيرة، ربما لا تحمل «الحبكة الدرامية» الخاصة به نوعاً خاصاً من الجاذبية، كما لا يحتوي طاقمه على أي من ممثلي الصف الأول، يتحدث الجميع عنه اليوم لأنه ارتكب هفوة بسيطة، أشعلت ناراً من الانتقادات..!
نهض «أحمد» من فراشه متثاقلاً هذا الصباح، دوى صوت قوي بالقرب من شباك غرفته أجبره على الاستيقاظ في مثل هذا الوقت، ما زال بحاجة لمزيد من النوم بعد أن أمضى القسم الكبير من نوبة الليلة الماضية منحنياً فوق إحدى آلات المعمل الصاخبة، اعتدل فوق السرير وأمسك هاتفه المحمول بحركة أصبحت شبه يومية مستطلعاً حسابه على الموقع الأزرق الشهير!
أعلنت وزارة الدفاع الامريكية منذ أسابيع قليلة عن إطلاقها لمجموعة كبيرة من الوثائق السرية للعلن، استجابة للإصدار الجديد من قانون «الحرية الفكرية للمعلومات»، لتظهر على شبكة الإنترنت ملفات متعددة أصدرها الجيش والقوات الجوية الأمريكية وفق لوائح منظمة، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الماضي، كان بعضها متوقعاً للغاية لكنه بقي مثيراً للاهتمام، خاصة بعد أن أظهرت بعض تلك الملفات قوائم بمعظم إنتاجات السينما الأمريكية المعاصرة، بعد أن حازت على «موافقة» أو «تقييم» وزارة الدفاع الأمريكية.
امتلأت الصفحات الإلكترونية بالحزن والغضب، واستشاطت الحسابات الفيسبوكية غيظاً إلى حد فاق العادة، لقد فقد العالم أجمع شخصية لا تعوض، قتلت بكل وحشية ودم بارد ليفصل الرأس على الجسد ويصور أمام عدسات الكاميرات، جريمة بشعة تردد صداها في كل مكان وسط استهجان كل المتابعين، بدا وكأن لا شيئاً آخر يجري في هذا العالم سوى هذا الحدث الجلل، هي ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه «الجريمة»، لكن الضحية كانت هذه المرة أحد المشاهير العالميين، إنه «سيسل»، أسد زيمبابوي والرمز الوطني لتلك البلاد!
تحلق الطائرات الأمريكية بأنواعها هذه الأيام في العديد من المناطق الساخنة المحيطة بنا، وأصبحت وسائل الإعلام والنشرات اليومية تتحدث بحماسة عن نشاطات ما يسمى «التحالف الدولي» في مواجهة داعش وشقيقاتها من التنظيمات المتطرفة الأخرى، لكن على أولئك الإرهابيين القتلة الحذر جيداً، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام السلاح الأعتى في ترسانتها!
لم يتوقع أحد أن يقدم العجوز من ولاية «فيرمونت» الأمريكية على هذه الخطوة الكبيرة، كان يبدو على الدوام بأن لديه الكثير ليقوله، لكنه اعتاد ألا يحظى كلامه على إعجاب الكثيرين من حوله، لقد قرر أن يترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يبلغ من العمر ما يقارب ثلاثة أرباع القرن!
فتح حقيبته القماشية الكبيرة وأخرج منها بضاعته اليومية على عجل، بدأت الشمس تزداد حماوة ولم يعد هناك الكثير من الناس في الشارع، أخذت ثمرات التين تصطف بين يديه بعد أن توسدت أوراقاً خضراء جميعها من الشجرة ذاتها، رشق قليلاً من المياه أمام «بسطته» المتواضعة ثم جلس على ركبتيه تحت ثوب ممزق يستظل به على الدوام، يكاد الشارع يخلو من المارة تماماً، فلم يتبق إلا ساعات على موعد الإفطار.
حاول «جون بورمان»، مذيع قناة (سي ان ان) الأمريكية متابعة تقريره كالمعتاد، لكن جميع المشاهدين استطاعوا سماع صوت غاضب صارخ في الخلفية، ظهرت شابة سوداء البشرة وراء «جون»، سمعت أميركا كلها صوت تلك الشابة الهادر، التي لم تتوقف عن الكلام، حتى تقطعت أنفاسها: «هل تصورون؟ كفاكم كذباً.. نحن غاضبون.. نحن غاضبون.. الرجل الأبيض إرهابي قذر.. هل تسمعني.. الرجل.. الأبيض.. هو.. الإرهابي..!!»
تناقلت العديد من المواقع الإلكترونية والمنابر الإخبارية السورية بـ«حبور» تقريراً أعدته أحدى القنوات التلفزيونية السويدية وهو يتحدث عن نسبة حملة الشهادات الأكاديمية، من اللاجئين السوريين المتدفقين إلى السويد مؤكداً أن أكثر من ثلث السوريين هناك يحملون شهادات التعليم الجامعي، بدا وكأن الخبر يحمل في طياته نوعاً ما من «الإنجاز»، ربما تجاهل البعض عبارة «في السويد» أساساً واكتفى بالرقص حول كلمة «تفوق السوريين».