الافتتاحية: البيان الوزاري.. والأزمة!
جاء البيان الوزاري المتوافَق عليه، ليلبي ولو نظرياً حتى الآن متطلبات الحد الأدنى من طريقة التعاطي مع الأزمة الراهنة ونقصد بذلك تحديداً مسألة المصالحة الوطنية وموضوع المهام المستعجلة الواردة في البيان.
جاء البيان الوزاري المتوافَق عليه، ليلبي ولو نظرياً حتى الآن متطلبات الحد الأدنى من طريقة التعاطي مع الأزمة الراهنة ونقصد بذلك تحديداً مسألة المصالحة الوطنية وموضوع المهام المستعجلة الواردة في البيان.
أمام الهجمة الإمبريالية- الأمريكية التي تستهدف منطقتنا الواسعة، يزداد البحث بين دول وشعوب المنطقة عن الطريقة الفضلى لمواجهة هذه الهجمة وإحباطها.. ومنطق الأمور يقول إن هذه الهجمة تخلق نقيضها الذي يتبلور خلال الصراع الجاري نفسه، وبدأت ترتسم ملامحه الأولى، ويؤكد ذلك ما صرح به الرئيس الإيراني في زيارته إلى لبنان حول «المشرق الجديد»..
لقد جاء في الموضوعات البرنامجية للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، التي صدرت في 14/5/2010 ما يلي حرفياً: «إن الحل الوحيد أمام شعوب الشرق العظيم، القاطنة من قزوين إلى المتوسط جغرافياً، والمتآخية عبر التاريخ، والتي تجمعها مصالح اقتصادية عميقة لكونها تشكل فضاءً اقتصادياً متكاملاً.. هو تعميق أواصر التحالف والتآخي والنضال المشترك على مختلف المستويات لإفشال المخططات الإمبريالية القديمة والجديدة.. وصولاً إذا لزم الأمر وسمحت الظروف، لتشكيل اتحاد إقليمي يتجاوز حدود الدول القائمة ليوحدها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.....».
يعود الحديث عن مؤتمر جنيف إلى واجهة الحدث السوري بعد غياب لم يتجاوز الشهرين، وتأتي العودة هذه المرة نتيجة وترجمة واضحة لمجموعة من الأمور الداخلية والإقليمية والدولية التي من الممكن تلخيصها بما يلي:
تتطور الأزمة الوطنية العميقة التي تمر بها البلاد وتتعقد وتتصاعد يومياً، وفي بعض الأوقات كل لحظة، وتتسارع تطوراتها، ما بين ، الصراع الدائر على الأرض وبين أروقة وكواليس السياسة الدولية والإقليمية، فكل تطور على الأرض يستدعي بدوره تطورات وردود فعل على المستوى الإقليمي يستدعي بدوره تطورات وردود فعل على الأرض، فبعد الفيتو الروسي والصيني لمرتين في مواجهة قرار تحت البند السابع والذي قطع الطريق على التدخل العسكري المباشر مظهراً تناسباً جديداً للقوى على المستوى العالمي.
تأكد خلال الأسبوع الماضي ومن جديد الاستنتاج القائل بأنه سيجري تصعيد درجة التوتر السياسي والاقتصادي والأمني كلما اقتربت الأزمة السورية من انطلاق الحل السياسي
في ظل إصرار المعسكر الغربي بأدواته وحلفائه على الانتقال إلى مرحلة أخرى من خلط أوراق الأزمة السورية بما يعيق حلها، فإن الأصل في إمساك زمام المبادرة من السوريين في الداخل، وفي مقدمتهم افتراضاً قوى النظام وسياسيوه، هو التوجه نحو تحقيق المخرج الآمن لهذه الأزمة، المتمثل في إطلاق الحل السياسي لها
يضيق الخناق أكثر فأكثر على فاسدي النظام من جهة، وعلى متشددي المعارضة من جهة أخرى، وتفرض فكرة الحل السياسي لدى الطرفين المتشددين حالةً من اليقظة المستمرة ضد أي تقدم إيجابي على الأرض.
تشير وقائع وتطورات الأوضاع في جملة من البلدان العربية إلى انطلاق واتساع موجة مد شعبية تعبر عنها الانتفاضات والثورات الجماهيرية. فبعد تونس ومصر، انتقلت التحركات الشعبية الواسعة النطاق إلى اليمن والبحرين وليبيا والعراق، وهناك مؤشرات لإمكانية اتساع هذه التحركات لتصل إلى بلدان أخرى، عربية وغير عربية.
ارتفعت نغمة «الحسم» مجدداً في أعقاب التفجير الدامي في منطقة «السبع بحرات» بالعاصمة دمشق، وجاء ارتفاعها ليلبي تماماً، من حيث النتيجة العملية والنهائية، الغرض المطلوب من التفجير ومن التصعيدات الموازية له(!!) وذلك بغض النظر عن نية أو معرفة العازفين على نغمة الحسم
عندما يعلق مسؤول اقتصادي رفيع المستوى أن سورية تسعى للحصول على تمويل للبنية التحتية من مؤسسات دولية، وتحديداً من البنك الدولي، فهذا تصريح يستحسن الوقوف عنده للتأمل والتمحيص.. فهو في خلفيته يعني أمرين على الأقل:
أولهما: أن التعويل على استثمارات خارجية مرافقة لأصحابها قد تراجع الأمل فيه بناء على نتائج الخطة الخمسية العاشرة، وعلى ما أنتجته الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، وهو الأمر الذي حذرنا منه باكراً، مؤكدين على ضرورة عدم التعويل على الوعود التي لم يتحقق منها أصلاً إلا الجزء اليسير.