عرض العناصر حسب علامة : الفساد

تخلّف المنظومة الرأسمالية السورية..

الإنسان هو الركن الأساس في البنية الإنتاجية والخدمية، التي يتطور المجتمع ويؤمن أساسياته عبرها... تلك البنية التي تسمى بشكل غير دقيق (الاقتصاد). وهذه البنية في العصر المتخلف الذي تعيشه البشرية (عصر الإنتاج الرأسمالي) لا تنطلق من الإنسان، ولا تعمل من أجل تقدّمه بل تقوم على استغلاله، وهي تنطلق من مصلحة (الصفوة المنتخبة) مالكة الموارد والقرار، والتي مسعاها الدائم أقصى ربح وبأي ثمن.

نسبة الـ10% مقابل الـ90% رسمياً

وردت عبارة عن لسان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، خلال الأسبوع الماضي، يقول فيها: «الآن ونحن جالسون يمكننا أن نتهم كل الجمارك، وكل التموين، وكل شرطة المرور، أنهم يأخذون رشوة وفوراً.. أنا ما أريد قوله أنّ (90%) من هؤلاء الموظفين جيدون ولا يتقاضون الرشوة، وهذا الموضوع تبيّن لنا بالتحليل والتدقيق لمراقبي التموين، ولكن صحيح أن جزءاً منهم يرتكب أخطاء وسيكون هناك شغل على هذا الموضوع».

تعثر مشروع محطة الحجاز.. ولعنة الربح والفساد؟

«نيرفانا» هو الاسم الترويجي الجديد لمشروع استثمار العقار رقم 748 من المنطقة العقارية قنوات جادة في محافظة دمشق، والتي تقع خلف محطة الحجاز وسط دمشق، والتي تعود ملكيتها للمؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي، وقد بدأ تداول هذا الاسم قبل ملتقى الاستثمار الذي أقيم نهاية تشرين الأول 2019، وكان أحد المشاريع الاستثمارية السياحية المسوقة من خلاله.

بالضربة القاضية.. إلى المجاعة سر!

تتتالى ارتفاعات أسعار السلع والبضائع في الأسواق، ولم تعد عبارة «جنون الأسعار» تعبر عما يجري من تبدلات متسارعة عليها، فخلال أيام محدودة سابقة ارتفعت أسعار بعض السلع بنسب متفاوتة تتراوح بين 100- 300%.

حاصر حصارك يا أخي...

الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية منذ بدء الأزمة لها نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي، ودوائه ليعالج أمراضه المختلفة وحاجاته الأخرى من كهرباء ومشتقات نفطية ومواد أولية لتقلع عجلة انتاج المعامل والمشاغل الحرفية، وما كان هذا ليحدث لولا السياسات الانفتاحية التي تمت مع الغرب، مما أدى إلى ربط الاقتصاد السوري برمته «تقريباً» مع هذه الأسواق، الأمر الذي جعل الاقتصاد الوطني يتأثر تأثراً خطيراً بالحصار الجائر المفروض، وبالتالي انعكاسه على قدرة الدولة على تأمين الحاجات الضرورية للمواطنين من غاز، ومازوت، وغيرها من الحاجات الأخرى التي أصبح تأمينها يشكل عبئاً مضافاً إلى الأعباء الأخرى التي يعاني منها شعبنا، وخاصةً الفقراء منهم المكتوون بنار الأسعار المتحكم بها من كبار الفاسدين والمحتكرين المسيطرين على الأسواق والمخازين من البضائع، وهذا الفعل الشائن يصب في طاحونة الحصار ويكمله، من حيث النتائج المراد الحصول عليها ضمن الخطط السياسية الموضوعة أمريكياً.

هل يمكن تجاوز العقوبات؟ نعم ولكن بإزاحة الطبقة السائدة

العقوبات الاقتصادية التي من المرتقب أن يتشدد تطبيقها على البلاد في منتصف حزيران القادم، ستمثل انعطافة جديدة في التدهور السوري، فيما لو بقي الوضع على حاله... الكثير يُقال في مواجهة العقوبات، ولكن الآلية الأساسية واحدة لا بديل لها: (إزاحة الدولار) فالدولار هو أداة تطبيق العقوبات الأساسية، وتقليص وزنه في الاقتصاد السوري يقلص فعالية العقوبات. فهل هذا التقليص ممكن؟ نظرياً نعم، ولكن عملياً تقف المصالح السياسية للطبقة السائدة داخل البلاد عائقاً جدياً.

(إن لم تستحِ...) فصرّح ما شئت! (أزمة الاتصالات) تُدين الجميع

تصاعد التوتر في ملف قطاع الخليوي، وأصبحت الهيئة الناظمة للاتصالات ووزارة المالية وغيرها تعطينا اليوم معلومات لم يكن من الممكن أن تعلن سابقاً... وفجأة أصبح من اليسير أن تقول الهيئة أن عقدها الذي وقعته مع الشركات غير متوازن وأنّ هذه الشركات تتهرب ضريبياً، وأكثر من ذلك أن تقرّ وزارة المالية بعلمها بموضع أموال (كبير المستثمرين) المكدّسة في حسابات خارجية ضمن أماكن تهريب الأموال دوليا،ً مثل: هونغ كونغ وجزر الباهاماس وقبرص وغيرها.

المستثمرون مُدانون قبل الإدانة الرسمية

إن مستثمري قطاع الاتصالات مُدانون حتى قبل الإدانة الرسمية... والأمر لا يقتصر على شخص واحد فقط.
إذ يكفي أن يحصل هؤلاء على أرباح صافية تقارب 58 مليار ليرة لسيريتل في 2019، العام الذي تراجع فيه الناتج السوري بالتأكيد مع كل التهاوي الاقتصادي وتدهور قيمة الليرة وتعمّق الركود، وأن تكون نسبة 55% تقريباً من هذه الأرباح تعود لشخصين من أسرة واحدة في رئاسة مجلس الإدارة ونائبه.
ويكفي أيضاً أن تكون نسبة الربح الصافي من الإيرادات الكلية هي من أعلى النسب في الإقليم 32%، أي أن الشركة تستثمر مبالغ قليلة وتحصل على ربح كبير منها، بالقياس بغيرها من الشركات في القطاع.
هذا إذا ما تجاهلنا كل ما يعرفه السوريون عن مستوى نفوذ هؤلاء على إدارة المال العام واستثماره، ومستوى وزنهم في (حكومة لا تحكم).

(الجهات الرسمية) مُدانة أيضاً

ولكن السؤال يبقى: أليس ما يجري هو إدانة رسمية (للجهات الرسمية)؟!
مَن المسؤول عن تسليم قطاع الاتصالات إلى شركتين احتكاريتين منذ بداية تأسيس القطاع؟ ومن المسؤول عن تغيير العقود في خضم أزمة سورية وكارثتها الإنسانية في عام 2015، ليخسر المال العام جزءاً هاماً من الإيرادات لصالح هؤلاء؟
ثمّ من المسؤول عن الإدارة الاحتكارية المضبوطة للقطاع؟ فتسعيرة الخدمات والعروض متفق عليها بشكل عالي الانضباط، بتنسيق الهيئة الناظمة للاتصالات التي تضبط (المنافسة) بين الشركتين، لاقتسام السوق بأسعار احتكارية؟
الأهم من ذلك... مَن المسؤول عمّا أعلنته وزارة المالية من تكدّس أموال وثروات في الخارج، ومن المسؤول عن القدرة على تهريب أموال سورية تم جنيها من النفوذ والاحتكار في سورية إلى المواضع التي يصعب استردادها منها ويسهل مصادرتها؟!
إن مستوى النفوذ الذي كان يتمتع به هذا المستثمر الكبير وغيره، كان محمياً بمنظومة الفساد الكبرى التي تكيّف القوانين وفق التوافقات والصراعات... فتارة (تكشف الفاسد) وطوراً (تحميه).
إن تغيير العقود في الاتصالات، وصياغة عقود غير متوازنة، وتنظيم الاحتكار في خدماتها، وتهريب الأموال خارج البلاد جميعها كانت ممارسات محمية بالقانون، واليوم رُفع عنها الغطاء... الذي لا يزال يغطي فساد المنظومة ككل!

ما مصير استثمار الشركة؟

ثمّ يجب أن نسأل: ما مصير استثمار الشركة؟
هل سيُزاح مستثمر كبير ليُستبدل بآخر؟ هل ستدير الدولة هذا القطاع؟ كيف ستدير الدولة هذا القطاع، هل ستبقى عملية الاحتكار والتسعير وتقاسم السوق مدارة بالشكل السابق؟ هل ستبقى الإدارات العليا تحصل على هذا المستوى من الأتعاب؟ هل ستبقى حصة أجور قرابة 5300 موظف يخلقون الثروات لهؤلاء لا تتعدى 13% من ربح الشركة في 2019؟ هل ستُستثمر أموال الشركة لتحسين جودة قطاع الاتصالات المتردية بشكل استثنائي في سورية؟!
إنّ هذا القطاع يُدار عبر الكفاءات الإدارية والقوى البشرية السورية التي تعمل فيه، وهؤلاء هم مصدر المنفعة المقدّمة، بينما أصحاب الاستثمار يديرون الأموال التي جنوها في سنوات من النفوذ في سورية ومن الهيمنة على القرار، يديرونها بالشكل الذي يضمن لهم احتكاراً كبيراً وربحاً مرتفعاً ويقدم للمجتمع وللمشتغلين وللمال العام عائداً أقل. وهي ثلاثة جوانب يجب أن تنتهي في الإدارة المقبلة إن كانت النية جدياً محاربة الفساد... لتدار الشركة بربح معقول وليس احتكاري، وتنخفض تكاليف الخدمة وتتطور، وتزداد حصة المشتغلين في الشركة من الثروة التي ينتجونها، وأخيراً يحصل المال العام على العائد المتبقي ويوظفه في مجالات أخرى

(محاربة الفساد) والمعلومات مخفيّة!

أخيراً... يبقى السؤال موجهاً لمن يحاول إقناع السوريين بأن (حملة كبرى لمحاربة الفساد) قد انطلقت!
لماذا لا تنشر وزارة المالية أو أية جهة مختصة أخرى المعلومات المتاحة لديها، ما حجم الثروات التي تمتلكها نخب الأثرياء وأصحاب النفوذ؟ ما الحصة التي يمتلكها أكبر 1% من الثروة والدخل في سورية؟ ما حصتهم من ودائع ورؤوس أموال المصارف وشركات التأمين، ومن نشاط التجارة الخارجية وتجارة الجملة، ومن الملكيات العقارية، ومن سوق الدولار والذهب؟ وما علاقتهم بعقود استثمار وتجارة النفط والغاز والفوسفات وغيرها من الثروات؟ وكيف يستثمرون في سوق الغذاء والزراعة السورية، وما الترابطات فيما بنيهم ليكون واحدهم واجهة لفاسد أكبر... وما حجم أموالهم التي تدور في التجارة السوداء، وما حجم ثرواتهم التي يمتصونها من بقايا البلاد، ويودعونها في الخارج؟!
أسئلة كثيرة قد لا تكون لوزارة المالية أو كل الحكومة قدرة على الإجابة عنها، أو أدنى نيّة وعزيمة... ولكنها إجابات موجودة في مكاتب إدارة أموال هؤلاء الأثرياء التي لن تبقى مغلقة للأبد، وتحديداً مع مستوى التسخين الذي يعمّ المجتمع السوري وتعقّد الأزمات ووجود طريق واحدة للحل، فإما الخروج لتوافقات سياسية تضعف هؤلاء وتزيد وزن المجتمع في الثروة والدخل والقرار، أو استمرار السير المتسارع في نفقٍ قد لا تخرج البلاد منه واحدة موحدة!

تفشيشة غضب المواطن ليس رخيصاً.. والوطن ليس سلعة

أكثر عبارة مستهلكة جرى تداولها خلال العقود الماضية من خلال التصريحات الرسمية، وما زالت متداولة حتى الآن، هي عبارة «الأسعار لدينا أرخص من دول الجوار»، فكل مسؤول، وعلى مختلف مستويات المسؤولية، يستشهد بهذه العبارة بما يخص قطاعه ومسؤوليته عندما يواجه بارتفاع الأسعار المحلية على سلعة ما، وربما لا داعي لسرد أمثلة على ذلك ممن صرح بهذه العبارة وكررها، فهي كثيرة جداً ولا تحصى!.