افتتاحية قاسيون 974: أصدقاء وأعداء الشعب السوري

افتتاحية قاسيون 974: أصدقاء وأعداء الشعب السوري

ينص الشرط الثالث لجيمس جيفري، من بين شروطه الستة التي أعلنها مؤخراً، على ما يلي: التوقف عن الأعمال العدائية ضد الدول المجاورة.

لا يحتاج المرء إلى إعمال التفكير كثيراً لمعرفة من هو المقصود بـ«الدول المجاورة»، والتي تأتي في مقدمتها، كما يؤكد جيفري نفسه مراراً وتكراراً: دولة الكيان الصهيوني المحتل، والذي سمح رئيس جيفري لنفسه أن يوافق على ضم الجولان السوري المحتل إليها، بالضد من قرارات الشرعية الدولية، وبالضد من حقائق التاريخ والجغرافية، وبالضد من مصالح الشعب السوري.

رغم ذلك، لا بأس من التذكير؛ ليس بالموقف الأمريكي من الجولان السوري المحتل فحسب، بل وبجملة المواقف الأمريكية الإجرامية اتجاه الشعب السوري، وليس آخرها قانون قيصر، والموقف من النصرة، والسياسات اتجاه الشمال الشرقي السوري وغيرها.

إنّ عداء الأمريكي ومعه حلفاؤه الغربيون للشعب السوري، أوضح من أن يُجادل به أحد. وإذا كان بعض من في المعارضة يحاولون الالتفاف على هذه الحقيقة سواء على أساس عمالة خالصة، أو على أساس تقديرات انتهازية وضيقة الأفق للتوازنات الدولية، فإنّ نظراءهم من المتشددين والفاسدين على الجانب الآخر ليسوا أقل انتهازية في طريقة تقييم وتوصيف أعداء وأصدقاء الشعب السوري.

في ظل الأوضاع المعيشية الكارثية التي يعيشها السوريون، نرى ضمن بورصة الآراء والمواقف التي يجري إنتاجها واستهلاكها عبر وسائل الإعلام الإلكتروني والتقليدي، تصاعداً لعمليات خلط الأوراق بين العدو والصديق، بغية تضليل السوريين، وأكثر من ذلك بغية الهروب من الاستحقاقات...

ضمن البورصة هذه، ترتفع أصوات لا تكتفي بمطالبة الدول الصديقة بتقديم المساعدات الاقتصادية وخاصة المالية! بل وتذهب إلى تحميل تلك الدول بالذات مسؤولية الأوضاع الكارثية، ولا يخلو الأمر من اختراع أكاذيب حول ديون تجري المطالبة بسدادها وتدوير تلك الأكاذيب ولَوْكها صباح مساء عبر المواقع الإلكترونية. 

لا بد من التذكير، بأنّ إحدى الدول الصديقة قد سهّلت أكثر من مرة خطوطاً ائتمانية باتجاه الداخل السوري وانتهت إلى إغلاقها، ليس بسبب صعوبات اقتصادية تواجهها، فهي تواجه الصعوبات منذ عقود، ولم تمتنع عن العمل باتجاه هذه الخطوط، ولكن لأنّ قناعة راسخة قد تشكلت لدى تلك الدولة، بأنّ المساعدات والخطوط الائتمانية لا يصل منها صوب المعنيين بالاستفادة منها سوى جزء يسير، في حين تبتلع مافيات الفساد الكبير القسم الأعظم منها، بل ولا تتورع عن تهريبه عبر شبكاتها المالية السوداء خارج البلاد.

إنّ المساعدة التي قدمها أصدقاء الشعب السوري تتكثف فيما فعلوه في محاربة الإرهاب ومنع انهيار الدولة السورية ومنع تقسيمها، وكل ذلك في إطار تهيئة الأرضية المناسبة للشعب السوري لكي يقرر مصيره بنفسه على أساس القرار 2254.

إنّ إيصال المساعدات إلى القسم الأعظم من الشعب السوري، والتي يحتاجها بشدة، بات هو الآخر محكوماً بتحقيق تغيير جذري شامل للبنية السياسية الاقتصادية القائمة، والتي تمتاز بميزتين أساسيتين: الارتباط الاقتصادي التبعي مع الغرب (العلني وغير العلني)، والفساد الكبير الذي يمكن أن يهدر أي قدر من المدخلات مهما كان حجمه.

إنّ أولئك الذين يحاولون خلط الأوراق بين العدو والصديق هذه الأيام، يستهدفون أمراً واحداً هو: استخدام شتى الوسائل وبينها التضليل، للهروب من استحقاق التغيير عبر 2254.

لتحميل العدد 974 بصيغة pdf

معلومات إضافية

العدد رقم:
974
آخر تعديل على الأحد, 12 تموز/يوليو 2020 22:04