أيلول... شهر الغصة قبل الشتا

أيلول... شهر الغصة قبل الشتا

أيلول... شهر المفروض يكون بداية حياة جديدة... بداية المدرسة والكنكنة والدفء والأمل، بس صار شهر القلق والخوف.

مو بس بداية الدراسة... ومو بس دفاتر وأقلام وحقائب... وكمان صار شهر الحساب الصعب لكل عيلة، المصاريف المدرسية صارت حمل كبير... كل سنة نفس الحكاية... وكل سنة الأسعار عم تطير للأعلى... وكل سنة الأهالي عم يحاولوا يلاقوا طريق يوصلوا أولادهم للمدرسة... ومع هيك لازم يفكروا بالشتى القادم.

الشتا اللي بعده بيجي... والكل بيعرف إنه رح يكون أصعب من كل سنة... بس الاحتياطات كرماله صارت شبه مستحيلة... الأسعار عم ترتفع يومياً... وسعر الصرف متقلب وما في مهاودة... والغلا بالع كل شي حوالينا... المازوت يلي كان ممكن يحمي البيوت من برد الشتا صار حلم بعيد... وحتى المواد الأساسية مثل السكر والزيت والخضرة والمعلبات صارت صعبة على الشراء... المونة يلي كنا نجهزها قبل الشتا... الزيتون والزيت والمكدوس والمربيات وورق العنب والبامية وغيرها... صار التحضير إلها شبه مستحيل... والدفا صار رفاهية ما في ناس كتير قادرين عليها.

البيت صار مليان قلق قبل ما يجي البرد... الأطفال ما بردوا لسا... بس عيونهم مليانة خوف سلفاً.. خوف من الشتا الجاية... خوف من الجوع... خوف من المستقبل يلي ما فيه أمان.

الأهالي عم يحاولوا يخططوا ويحسبوا كل مصروف وكل شي.. بس كل يوم الواقع بيكسر كل الحسابات... المصاريف المدرسية... الغلا... الأسعار... الدولار... الكل عم يجمع قواه ويمسك بخيوط الأمل... بس الأمل عم يتلاشى شوي شوي.

والأسوأ... غياب أي دور حقيقي للدولة... المسؤولين عم يطلّوا علينا بالكلام والوعود... بلا أي حلول عملية تساعد الناس وقت المواجهة الحقيقية مع اوجاعها وهمومها وواقعها القاسي.

الغربة والغلاء والجوع صاروا ضيوف ملازمين لكل بيت.. والمونة والدفا صاروا حلم بعيد.. والشتى القادم يبدو أقسى من كل سنة... القلب بيتقطع والأيادي مربطة... وكل سنة نفس الحكاية... والفقراء هم الضحية.

ووسط كل هالوجع في شعور بالغضب... غضب من واقع ما ترك مكان للكرامة.. غضب من الغلا اللي ما رح يوقف... غضب من غياب الدولة يلي المفروض تحمي الناس وتخفف عنهم وطأة الأزمة.

أيلول أكبر من شهر... صار العنوان يلي بيذكرك أن الشتا الجاي رح يكون أصعب من كل سنة... وأننا اليوم قبل ما يبدأ البرد عم نحاول نجمع ما تبقى من قوتنا ونجهز أنفسنا بلا أي دعم حقيقي... وبلا أي ضمان... إلا قوة الصبر والقدرة على التحمل.

أيلول صار صرخة مكبوتة.. صرخة كل بيت صغير... وكل طفل محروم وقلق... وكل عيلة عم تحاول تصمد بوجه النهب واللؤم والقبح و...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1243