عرض العناصر حسب علامة : اقتصاد السوق الاجتماعي

الأجور.. و«لعبة» التضخم

تحت ضغط الواقع الاقتصادي- الاجتماعي الذي ينعكس سلبياً على مستوى معيشة الناس، طرحت بعض الأوساط الحكومية المسؤولة مؤخراً إمكانية ربط الأجور بمستوى التضخم بشكل دوري، كما صدرت تصريحات من أطراف حكومية أخرى لا يشتم منها رائحة تأييد كبير لهذا الطرح..

هل هي مجرد بداية لرفع أسعار المحروقات؟

ارتفعت مؤخراً تعرفة النقل للميكرو سرفيس العامل على خط  دمشق - قدسيا 40%، حيث قفزت هذه التعرفة من 5 ل.س إلى 7  ل.س من دون أية مقدمات مسبقة ومن دون تقديم المسؤولين أية مبررات لهذه الخطوة التي تنذر بموجة جديدة من الغلاء ورفع الأسعار التي يمكن أن تطول مجالات خدمية أخرى وسلعاً إضافية عديدة..

قضايا الفساد.. أدعي على من سرق الوطن

إذا كان مدير عام شركة الأسمدة الحالي قد أقام دعوى قضائية ضدي يتهمني بمقاومة ومحاربة النظام الاشتراكي، لأنني كتبت عدة مقالات عن النهب والسرقة والسمسرة في الشركة العامة للأسمدة بالأرقام والحقائق والوقائع، وأنا المطلع على واقعها منذ أكثر من 20 عاماً، فإن لي الحق الكامل بأن أقيم دعوى قضائية على السيد رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية حيث تبنوا اقتصاد السوق الاجتماعي والذي هو بالمحصلة الاقتصاد الليبرالي الحر، وهذا يخالف المنطلقات النظرية لحزب البعث وقرارات مؤتمراته ومبادئه في تبني الاشتراكية العلمية.

د. قدري جميل: الفساد قضية اقتصادية لكن حلها سياسي بالدرجة الأولى! هناك ثنائية وهمية: إما قطاع عام فاسد أو ليبرالية فوضوية

أجرت الصحفية راما نجمة لقاء مع د. قدري جميل لمجلة المجتمع الاقتصادي  وسألته عن جملة من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وإليكم النص الكامل للحوار:

هو القائل بأن «مشكلة الماركسيين إلى اليوم أن بعضهم وهم الجامدون يعتبرون أن كل الماركسية ثابت بينما العدميون يعتبرون كل الماركسية متغيرة» الدكتور قدري جميل الماركسي العنيد، يحاول ألايكون ثابتاً ولا متغيراً، يتكلم من منطلق النسبي والمطلق، لكن ذلك لا يمنعه من التعصب لأدوات التحليل الاقتصادي الماركسي ونهجه، وبالتالي نتائجه، يقوده الثابت المطلق إلى رفض هيمنة قوى السوق و«تكفيرهم» ويقوده النسبي المتغير إلى المطالبة بشكل جديد للنظام الاقتصادي السوري...

هل يذهب عكس التيار... ليس كثيراً فهو من القائلين باقتصاد السوق الاجتماعي أيضاً، لكن تطابق المصطلحات لا يعني نفس المعاني بالضرورة، فهو ضد الفريق الاقتصادي الذي يستخدم نفس الاصطلاح، مثلما هو ضد الخطة الخمسية العاشرة بأوراقها الألف جملة وتفصيلاً ... ويبقى معه هو بالذات استحالة الفصل بين السياسة والاقتصاد والاجتماع.

د. نبيل مرزوق لـ «قاسيون»: لم تتم عمليات إصلاح حقيقية على مستوى الاقتصاد الوطني

أكد نائب رئيس مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري أن «مواصلة العمل بالآليات الاقتصادية المعمول بها قبل الخطة الخمسية العاشرة، كان يمكن أن تؤدي لانهيار المنظومة الاقتصادية السورية، والوصول بسعر صرف الليرة السورية في نهاية 2010 إلى 146 مقابل الدولار»، واستمراراً للملف الذي تم البدء به مع د. منير الحمش رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، توجهت جريدة قاسيون إلى الدكتور والباحث الاقتصادي نبيل مرزوق للوقوف على رأيه، بحثاً عن الإجابات الدقيقة، وتعريةً لما قاله، وأدلى به السيد الدردري،

قانون العمل الجديد يؤجج السجال بين أطراف العمل الثلاثة

خلال السنوات الثلاث التي مرت على الخطة الخمسية العاشرة جرت نقاشات وحوارات عديدة بين الحكومة والاتحاد العام لنقابات العمال حول مشروع قانون العمل الجديد الذي سيكون بديلاً عن القانون /91/ لعام 1959، وقد نبهت القيادات النقابية مراراً إلى خطورة بعض مواده، وخاصة ما يرتبط بجوهر العمل وتنظيمه وعلاقاته في القطاعات الثلاثة (الخاص، التعاوني، المشترك) من خلال ما يتعلق بقانون العقد شريعة المتعاقدين الذي يبدو أنه جاء تتويجاً للسياسات الاقتصادية الليبرالية التي أقرها الفريق الاقتصادي، هذه السياسات التي كانت واضحة الهدف والغاية في دفاعها عن مصالح راس المال وإلغاء أية حماية قانونية للعمال، وهذه مخالفة صريحة للدستور الذي يؤكد في المادة /28/ البند /4/ منه «حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون» وأيضاً في المادة /131/ من الدستور التي تنص على «السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى» وكذلك الأمر مع البند /1/ من المادة /36/ وتعارضها في الدستور «إن العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين».

د.منير الحمش لـ «قاسيون»: السياسات الاقتصادية المتبعة أساءت إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي

أدلى النائب الاقتصادي، عبد الله الدردري مؤخراً بتصريح إشكالي، لا يتعدى كونه تلفيقاً متعمداً للحال الرديئة المفترضة التي كانت ستصيب الاقتصاد السوري لو لم يجر هو وفريقه الاقتصادي «إصلاحاتهم» الاقتصادية.. فقد أكد الدردري: «إن مواصلة العمل بالآليات الاقتصادية المعمول بها (النفط كمورد اساسي للخزينة)،  قبل الخطة الخمسية العاشرة، كان يمكن أن تؤدي إلى انهيار المنظومة الاقتصادية السورية، والوصول بسعر صرف الليرة السورية في نهاية 2010 إلى 146 مقابل الدولار»، متناسياً أن الليرة السورية لم تنهر رغم الركود الذي ساد في سنوات التسعينات. كما أن إنتاج النفط تراجع من /4000/ ألف برميل يومياً في العام 2005 إلى /370/ ألف في العام 2007، ليصل إلى حوالي /340/ ألف برميل يومياً الآن، وهذا تراجع طفيف عموماً، لكنه تجاهل متعمداً ارتفاع أسعار النفط من 20 دولاراً للبرميل قبل 2005 لتصل إلى 147 دولاراً في شهر تموز 2008، وهي الآن بحدود /80/ دولارا للبرميل، فهذا الارتفاع العالمي للأسعار خلال الأعوام الثلاثة الماضية أسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لهذا القطاع، حيث كانت مساهمته 73% عام 2005 و79% حتى الربع الثالث من عام 2007.

إقرار البدل النقدي لدعم المازوت.. السياسات والإجراءات الحكومية تمضي بـ «الدعم» إلى حتفه

أقرت الحكومة آلية الدعم النقدي الجديدة، متجاهلة موقف مجلس الشعب والاقتصاديين وغالبية الشعب السوري الرافض لهذه الآلية المقترحة، فبعد الهجوم الشرس الذي شنه بعض أعضاء المجلس النيابي السوري يوم الأحد 18/10/2009 على آلية الدعم النقدي وسلبياتها، وعلى المروج الأساسي لها في الحكومة، النائب الاقتصادي عبد اللـه الدردري، تغيب في اليوم التالي (الاثنين) السيد الدردري عن حضور جلسة مجلس الشعب المخصصة أساساً لبحث قضية الدعم، وبالتالي فإن مسألة الدعم المقترح (النقدي)، غابت أيضاً عن جلسة مجلس الوزراء في يوم الثلاثاء 20/10/2009 المخصصة لبحث الدعم النقدي، على خلفية الخلاف الناشئ بين رئيس الحكومة ونائبه بعد إعلان الأخير، وبشكل قطعي، إقرار آلية الدعم النقدي في جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء.

 
وفسّر الماء..

يشكل إعلان النائب الاقتصادي عبد الله الدردري بتاريخ 26/10/2009 عن أولى الشروط الحكومية لمستحقي الدعم على المازوت، «أن لا يتجاوز دخل الأسرة السورية المستحقة للدعم بـ10 آلاف ليرة على دفعتين حاجز الـ400 ألف ليرة سنوياً، بدل 300 ألف ليرة سورية سنوياً»، تأكيداً مراوغاً للشروط السبعة التي كان قد تم تسريبها للإعلام لاستحقاق الدعم ليس إلا، وفي هذا السياق أشار د. عابد فضلية إلى أن الدولة لم تكن بحاجة إلى آليات لتوزيع الدعم، فلا أحد متأكد من أن أية آلية ستوضع ستكون عادلة، وتوصل الدعم لمستحقيه الفعليين، ولكن هناك توقعات منطقية تقول: هناك شرائح عريضة من مستحقي الدعم قد لا يصلهم الدعم بالتأكيد.
ورأى د. عابد أنه من الأفضل تخفيض سعر المازوت إلى /12/ ليرة، والاستغناء عن البدل النقدي المقترح، لأن هذا التخفيض سيخفف عن كاهل المواطن المستهلك عبء تحصيل الدعم كل عام، وهذا يشمل كذلك الزراعة، والصناعة، والنقل، والأنشطة الخدمية والسياحية الأخرى أيضاً. فمبلغ الدعم النقدي /10/ ألف لن يعوض المواطن، ولا أصحاب الفعاليات الاقتصادية عن ارتفاع الأسعار، والمشكلة ليس بدعم فرق سعر المازوت للتدفئة، ولكن بالفرق الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف معظم أنواع السلع والخدمات في الاقتصاد السوري، وبالتالي فإن القوة الشرائية لجميع المواطنين بالمطلق قد انخفضت نتيجة ارتفاع أسعار كلف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع الأسعار في السوق.
ويعتقد د. فضلية أننا لم نكن بحاجة إلى خلخلة الاقتصاد السوري أساساً برفع أسعار المازوت إلى المستوى الذي رفعت به، حيث كان من الممكن رفع أسعار المازوت على مراحل في المدى الزمني القصير والمتوسط والطويل، وبشكل متدرج، لذلك فإن رفع سعر ليتر المازوت إلى /25/ ليرة دون تدرج كان خطأ فادحاً، والدليل إعادة سعره إلى /20/ ليرة، والحكومة تفكر حالياً بإعادته إلى /15/ ليرة، وقد لا يقر.
لقد كان بالإمكان إيجاد آليات أخرى لتأمين موارد للخزينة من أجل تقليل خسائر الدولة جراء تخفيض أسعار المازوت، عن طريق رفع أسعار البنزين، وأسعار بعض السلع التي يشتريها من لا يستحقون دعم الحكومة، ووضع ضريبة إضافية عليهم.

 
مجلس الشعب ونقابات العمال في خندق واحد

وكانت الحكومة تجاهلت آراء العديد من أعضاء مجلس الشعب في موضوع البدل النقدي، وهي تسعى لإصدار قرار من جانب الحكومة بغض النظر عن رغبة الشعب، وممثليهم في البرلمان، وهذا تحد جديد وفاضح لمصالح الشعب السوري، والذي تكرس بتأليف لجنة إشراف مركزية خلال اجتماع الحكومة لتطبيق وتنفيذ قرار الحكومة لدفع البدل النقدي عن دعم المازوت، وهنا يؤكد الدكتور عابد فضلية أن «آلية البدل النقدي لا تحمل أية إيجابية، وآلية تنفيذها معقدة جداً وشائكة، ومجهدة، ومكلفة، وفي النهاية قد لا تكون عادلة على أصحاب الدخل المحدود، ومستحقي الدعم، معتبراً أن مجرد تأجيل البت بموضوع الدعم النقدي، يعد مؤشراً على ضعف هذا البديل، فلو كانت الجهات الحكومية مقتنعة بهذا الخيار لتم إقراره. هناك اعتراضات كبيرة من قبل أعضاء مجلس الشعب والاقتصاديين والمواطنين، وعدد المؤيدين أقل بكثير من المعترضين، فلم أسمع، أو أقرأ، أن أحداً ما مع هذا البديل، أو يوافق على هذا البديل، أو يؤيده، سوى من يطرحه، وهي الجهات الحكومية.
واعتبر فضلية أن تشكيل لجنة لا يعني أن الدعم المادي أقر، وفيما لو أقر، فإن مهمة هذه اللجنة وضع آليات للتنفيذ، ولا يضر أو ينفع تشكيل هذه اللجنة، وقد ينفع فيما إذا أقر هذا البديل».
وهنا يجب التذكير أن الاتحاد العام لنقابات العمال في جلسته الدورية المنعقدة في 25 -26 تشرين الأول 2009، وبإجماع قل نظيره من كافة القيادات النقابية، شن هجوماً كاسحاً على الحكومة على مجمل أدائها، وطال الطريقة التي سيتم فيها توزيع الدعم النقدي وفقاً للشروط المقترحة، حيث هاجمت مجمل المداخلات الفريق الاقتصادي الذي أوجد هذه الآليات المرفوضة جملة وتفصيلاً من اتحادي العمال والفلاحين، لكونها تشكل ضرراً كبيراً على المواطن السوري والاقتصاد الوطني. وانتقد العمال الأداء الحكومي البطيء والسلبي، والتأخير في اتخاذ قرار مصيري لغالبية الشعب السوري، بينما الشتاء على الأبواب، ورفضت قيادة اتحاد العمال اتخاذ أي قرار حكومي بهذا الشأن قبل مشاورة العمال بموضوع الدعم. ويرى النقابيون أنه إذا كانت الحكومة قد ألغت القسائم بحجة الفساد، فلماذا لا تكافح الفساد ذاته؟! حيث أكد تقرير المكتب التنفيذي لاتحاد العام لنقابات العمال المقدم للمجلس أن متوسط رواتب العاملين في القطاع العام لا يتعدى 9 آلاف ليرة، ومتوسطه في الخاص لا يتجاوز 7532 ليرة، وهذا يعني أن الرواتب في كلا القطاعين لا تتجاوز 9 آلاف، ويؤكد على أن الأغلبية الساحقة من العاملين السوريين في كل القطاعات بحاجة إلى دعم، فكيف الحال بالنسبة لصفوف العاطلين عن العمل؟!.

 
الدعم ليس مجرد آلية توزيع

إن الحكومة تجهز المخططات منذ سنوات، وتضخم أرقام الدعم المقدم على المازوت، محاولة إيهام الناس أنها الدولة الوحيدة التي تقدم الدعم لمواطنيها، مشيرة في معرض هجومها على دعم المازوت إلى أن أسعاره عندنا أخفض من دول الجوار بأضعاف مضاعفة. وحتى قياساً بتكلفة الإنتاج في المصافي والاستخراج المحلي، فهل 20 ليرة لليتر تعد مقبولة ومعقولة لأسعار المازوت لجميع المواطنين السوريين؟
يرى د. فضلية أنه «عندما تكون أسعار المازوت بين /14 ـ 16/ ليرة للتر، تكون الحكومة أخذت جزءاً من حقها، وقللت من خسائرها كما تدعي، فإذا تم تخفيض سعر المازوت إلى /14/ ليرة، فإن العبء يكون أقل على المواطن، من خلال انخفاض أسعار السلع الخدمات /1%/، والتي تكفي لتعويض المواطن المنحة النقدية المقدرة بـ/10/ آلاف. فلا يمكن أن تكون آلية توزيع البدل النقدي عادلة بين طبقات المجتمع، وليست عادلة ضمن طبقة المستحقين أنفسهم، لأنه وبالتأكيد سيحصل عليها بعض من لا يستحقها، وبالتأكيد لن يحصل عليها لأسباب شكلية وإجرائية، تتعلق بآلية الدفع، كل من يستحقها، فلذلك يجب التفكير بطريقة أخرى أكثر موضوعية ومنطقية، ومستدامة، وليس بطريقة ردود الأفعال، فهذه الآليات المطروحة اليوم، والتي مورست السنة الماضية لتوزيع الدعم غير مستدامة، وغير عادلة على أصحاب الدخل المحدود. فمن مصلحة المواطن الفقير المستحق الدعم أن يستغني عن هذه المنحة المادية القليلة جداً، مقابل تخفيض سعر المازوت إلى مستوى متوسط. لأن التخفيض سيدعم القوة الشرائية للمواطن أضعاف الأضعاف مقارنة مع ما إذا أخذ هذا المبلغ النقدي».
وكان الباحث الاقتصادي د. نبيل مرزوق قد أشار في تصريح سابق لقاسيون إلى أن «المطلوب ليس توصيل الدعم لمستحقيه، بل توزيعه بشكل عادل ومتكافئ، وعلى الدولة أن تقوم بتقديم الدعم لمختلف الشرائح والفئات، كما أنه لا يمكن اعتبار الدعم سبباً رئيسياً للعجز على حين أن السبب الرئيسي هو السياسة الضريبية والتهرب الضريبي... كما يجب النظر إلى الإعفاءات الضريبية، وكم تكلف الاقتصاد الوطني»..
ورأى د. مروزق أنه «عند الحديث عن قضية الدعم يجب البحث عن النتائج الاقتصادية والاجتماعية له، وأثره على النمو، وأثر إزالة الدعم على الاقتصاد الكلي، والقطاعات الإنتاجية، والفئات الاجتماعية المختلفة، ولا يمكن النظر إلى مسألة الدعم بخفة وتسرع ودون دراسة لكافة مؤشرات تقليص الدعم أو إزالته.

 

الدعم على طريق التلاشي

من ينظر إلى خارطة الدعم والموازنة العامة المقررة في كل عام، يجد أن هناك علاقة عكسية بين الطرفين، حيث أنه كلما ارتفعت الميزانية، انخفضت قيمة الدعم، ففي العام 2006 كان اعتماد الموازنة 495 ملياراً، والدعم كان شاملاً حتى في المشافي والتعليم، ارتفع اعتماد الموازنة في العام 2008 إلى 600 مليار، والدعم على المشتقات النفطية كان حسب الحكومة 385 ملياراً، ثم في العام 2009 كانت الموازنة العامة 685 مليار والدعم انخفض على المازوت إلى 80 ملياراً، والآن في العام 2010 اعتماد الموازنة العامة 754 ملياراً، وآلية الدعم الجديدة تحرم 3 مليون أسرة من أصل 4،5 مليون من حقها في الدعم، والمقدر حجمه حسب الآلية النقدية بـ 20 مليار ليرة.. يقول د. عابد فضلية في هذا الإطار: «إن الموازنة هي انعكاس للسياسة المالية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وبالتالي رفع الدعم الذي يجري حالياً هو انعكاس للسياسات التي تنضوي في ظل وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، ورفع الدعم مطلب الدول الأوربية في اتفاق الشراكة السورية – الأوربية، والتي لديها مثلاً اللاءات الأربع: لا دعم، لا إغراق، لا احتكار، لا استغلال. كما أن تشكل الموازنة، وتوزيع المبالغ الاستثمارية والجارية فيها، والإنفاقات، والاستثمارات، والدعم، يوازي و يحاذي وصفات المؤسسات الدولية، المطالبة برفع الدعم. علماً أن هذه الوصفات التي تتبناها الدول الأوربية، ومؤسسات العولمة، لم ولا تطبق في دول أوربا والدول الرأسمالية ذاتها، فهم يطلبون منا رفع الدعم عن المواطن، وعن الزراعة، وهم يقومون بدعم الزراعة والمواطن. أليست التغطية الصحية شبه الكاملة دعماً للمواطن الأوربي، أليس الراتب التقاعدي جزءاً من الدعم، أليس تعويض البطالة للمواطن الأوربي دعماً أيضاً، أليس توفير فرص عمل للراغبين والقادرين دعماً للمواطن الأوربي. فهؤلاء يقومون بدعم مواطنهم بعشرات الأشكال المختلفة، وعشرات الأضعاف بدلاً من الـ 10 آلاف المقدمة عندنا. مطالبة هذه الدول برفع الدعم قد تكون مشروعة عندهم، لكن عندنا لا يمكن أن تكون، فهم قطعوا عشرات السنين من التطور الاقتصادي، والمادي، والاجتماعي، ولم يعد مواطنهم بحاجة إلى دعم الدولة، لكن المواطن عندنا ما يزال بحاجة إلى هذا الدعم الحكومي».

في هذا السياق ربما من المفيد الإضاءة مجدداً على ما قاله د. منير الحمش في وقت سابق، وهو أن قرار رفع الدعم يعني تهديد السلم الاجتماعي، مؤكداً أن «رفع الدعم هو قرار غير شعبي وغير وطني، فهذه الفوارق الهائلة بين مجموعة صغيرة من الأثرياء، ومجموع الناس، تسحق الطبقة الفقيرة يوماً بعد آخر، وهذا هدف ومطلب الصهيونية والعولمة». وأكد أن الدول التي تصنف أنها على أقصى الليبرالية لا تزال تستخدم الدعم، إذ إنها تقدم دعماً لمجتمعاتها وللخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم وتدعم المزارعين.

د. حيان سلمان لـ«قاسيون»: الدراسة التحليلية للخطة العاشرة الخطوة الأولى لنجاح الخطة المقبلة

الآن، ونحن على أبواب نهاية الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010، التي وضعت في أولوياتها تحقيق العديد من المهام الاقتصادية والاجتماعية، يحق لنا أن نطرح أسئلة كثيرة حول ما حققته هذه الخطة، وما عجزت عن تحقيقه..