د. حيان سلمان لـ«قاسيون»: الدراسة التحليلية للخطة العاشرة الخطوة الأولى لنجاح الخطة المقبلة
الآن، ونحن على أبواب نهاية الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010، التي وضعت في أولوياتها تحقيق العديد من المهام الاقتصادية والاجتماعية، يحق لنا أن نطرح أسئلة كثيرة حول ما حققته هذه الخطة، وما عجزت عن تحقيقه..
فالخطة العاشرة كانت تهدف في نهايتها للوصول إلى معدل نمو 7%، وخلق 1,250 مليون فرصة عمل، إضافة إلى خفض معدل البطالة إلى 8%، وتخفيض نسبة من هم تحت خط الفقر الأدنى إلى 7,12%، أما على مستوى القطاعات، فإنها كانت تطمح لتحقيق نمو في قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 15%، وقطاع الكهرباء والماء بنسبة 13%، وقطاع الزراعة 4%، والقطاع العقاري 12%، والقطاع السياحي 12%، والخدمات 5%، فهل قامت بكل ذلك كلياً أو جزئياً؟
للوقوف على ما تحقق واقعياً من إنجازات خلال هذه الخطة على المستوى الكلي وعلى مستوى القطاعات، وآفاق الخطة الخمسية الحادية عشرة، التقت جريدة «قاسيون» الدكتور حيان سلمان الذي كانت له الإجابات التالية:
• هل هناك إنـجازات واقعية للحكومة بتنفيذ الخطة الخمسية العاشرة؟!! ما الذي تحقق فعلياً؟!!
في الجواب على هذا السؤال، أكد د. حيان السلمان أنه من خلال تحليل الخطة الخمسية العاشرة نجد أن معدل النمو تراوح بين /4 ـ 6%/، وهذا معدل مقبول، ولكن يوجد لدينا عليه الكثير من الملاحظات:
1- معدل النمو المحقق كان أقل من المقرر في الخطة الخمسية العاشرة، والمقدر بحدود 7%.
2- صحيح أن معدل النمو قد ارتفع مقارنة بالنمو خلال الخطة الخمسية التاسعة /2001 ـ 2006/، لكن أغلب مصادر النمو في الخطة الخمسية الحالية كانت من قطاع الخدمات، فرغم أهمية قطاع الخدمات، لكن النمو الحقيقي هو الذي يتولد من قطاع الإنتاج الحقيقي، وخاصة الزراعة والصناعة، وخلال سنوات الخطة تراجع معدل نمو الزراعة بالقيمة المطلقة والقيمة النسبية، كما أن نسبة مساهمة الصناعة، وخاصة التحويلية، في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال متواضعة، وتتراوح بين /7 ـ 10%/.
وأشار د. حيان إلى أنه يتوجب على الخطة الحادية عشر 2010 ـ 2015 أن تأخذ هذا المؤشر (مصادر النمو في الخطة الخمسية الحالية كانت من قطاع الخدمات) بعين الاعتبار، وتركز بدلاً عنها على قطاع الإنتاج، وخاصة الزراعة والصناعة، وذلك لمواجهة الأزمة العالمية الحالية وتداعياتها، والتي انطلقت من قلب الليبرالية، وخصوصاً وول ستريت الذي يعتبر بيت المال العالمي، وكذلك لمواجهة الأزمة الغذائية القادمة، والتي تلوح عواملها ومقوماتها في الأفق الاقتصادي العالمي، ويتوقع أن يكون 2010 عام الأزمة الغذائية العالمية. كما أن دراسة أمريكية حالية قد بينت أنه عندما يبلغ سعر البرميل الواحد من النفط /58/ دولاراً، سيكون من مصلحة أمريكا عندها أن تصنع الميتانول، الذي يصنع من المواد الغذائية، ولذلك وأمام هذا الواقع، يجب أن تركز الخطة المقبلة على زراعتنا، عبر إعادة الدعم للمنتجين، وتشجيعهم لتوسيع المساحة المزروعة، وزيادة المردودية.
• ما هي إنجازات الخطة في مجال مكافحة البطالة والفقر؟
من خلال الإطلاع الأولي على واقع البطالة في البلاد، نجد أن معدلها ارتفع إلى حدود /11%/ مقارنة بالخطة الخمسية التاسعة، كما أن مستوى الفقر لم ينخفض بالشكل المخطط له، وهذا يدفعنا لوضع هذين الهدفين في أولى اهتماماتنا خلال الخطة القادمة، ولا سيما إذا ترافقا مع معدلات تضخم مرتفعة، فإن تقليل مؤشر العناء الاقتصادي الذي يعبر عن المجموع التراكمي لكل من معدل البطالة والتضخم، يساهم في تحسين المستوى المعيشي للمواطن، فمعدل البطالة لا يمكن أن يحل إلا من خلال زيادة الاستثمارات، وخاصة في القطاعات الإنتاجية التي نمتلك ميزة بها، فعندما يتم تشغيل الناس، ينخفض معدل البطالة، وبالتالي يزداد الدخل، وتتراجع معدلات الفقر.
• هل سيكون هناك دراسة دقيقة لإخفاقات الخطة الحالية، ومراجعة الإنجازات الحكومية المحققة في الخطة الخمسية العاشرة عند الإعداد للخطة الخمسية القادمة؟!
إن أهم صفات الخطة الناجحة هي المتابعة والتحليل، والهدف منه هو تحديد الإيجابيات وتفعيلها، وتحديد السلبيات ومعالجتها، لذلك لابد أن تكون الخطوة الأولى المتخذة في الخطة الحادية عشرة هي أعداد دراسة تحليلية للنقاط التي فشلت الخطة الخمسية العاشرة في تحقيقها، ومن ثم دراسة الأسباب المؤدية لذلك، لأن توصيف أي ظاهرة يعني نصف حلها، كما يجب أن نركز على الإيجابيات أيضاً، فإذا تحققت مؤشرات إيجابية في الخطة العاشرة سواءً كانت اقتصادية أو اجتماعية يجب أن نسعى لتفعيلها ودعمها.
إن عملية تحليل ما نفذ من الخطة العاشرة، يعطي الدليل العملي والعلمي للمخطط لكي يخطط بشكل صحيح، ويتجاوز الكثير من الثغرات التي تحققت خلال الخطة السابقة. من أهم المشاكل والثغرات التي يجب معالجتها، وضع حد لها في الخطة الحادية عشر:
- زيادة معدل البطالة.
- تراجع معدل الاستثمار، والذي نقصد به النسبة الكائنة بين إجمالي الاستثمارات والناتج المحلي الإجمالي.
- زيادة العجز في الميزان التجاري من حوالي /26/ مليار ليرة في العام 2006، ليرتفع إلى /106/ مليار ليرة في العام 2007، وليصل إلى أكثر من /138/ مليار ليرة عام 2008.
- زيادة الصادرات بنسبة أقل من معدل زيادة الواردات.
- زيادة درجة الانكشاف التجاري الذي وصل إلى ما بين 61 ـ 63%، ونفصد به النسبة الكائنة بين التجارة الخارجة صادرات وواردات تقسيم الناتج المحلي الإجمالي.
- ويجب التركيز على قطاع الصناعة التحويلية، لأنه يؤدي إلى تسوير القطاعات الاقتصادية الأخرى، من خلال علاقاته التشابكية معها، لأنه يؤدي إلى زيادة القيمة المضافة، وتعديل الميزان التجاري، وزيادة المحتوى التكنولوجي، وتعميق العلاقة بين الزراعة والصناعة عن طريق التشابكات الأمامية والخلفية الأفقية والعمودية، كما أنه يؤدي في النهاية إلى تشغيل اليد العاملة.
- عدم السيطرة على العجز في الموازنة.