حكاوى القهاوي
ليس ترفاً استعادة السوريين في هذه الأيام الحرجة لبعض أغاني زياد الرحباني التي تحكي عن الجوع والذل الكافر.. وحنينهم إلى أشعار مظفر النواب، وخاصة تلك التي تلامس ما يعانونه بشكل يومي من تفاصيل في حياتهم.
ليس ترفاً استعادة السوريين في هذه الأيام الحرجة لبعض أغاني زياد الرحباني التي تحكي عن الجوع والذل الكافر.. وحنينهم إلى أشعار مظفر النواب، وخاصة تلك التي تلامس ما يعانونه بشكل يومي من تفاصيل في حياتهم.
تنتج الحروب لغتها وكذلك الأزمات، وغالباً ما تكون لغة تنفي بها الآخر وتجعل منه خصماً. تتحول وظيفة اللغة هنا من كونها أداة بناء وتواصل لتصبح معولاً للهدم والقطيعة.
«سيعرف الناس أن البطل الذي يتفاخر الجميع به هو إنسان عادي، لماذا تريدون أن توهموا الناس أن البطل شيء من طينة غير طينتهم؟ دعوه يظهر كما هو، إنساناً عادياً، أتعرف ماذا سنستفيد؟ يكتشف الناس جميعاً أنهم يستطيعون أن يكونوا أبطالاً...» ممدوح عدوان
هل تجرّأ أحد ممن يدّعون تمثيل الشعب السوري أو يرغبون بذلك، أو حتى أولئك الذين يتدخلون بشؤونه من الخارج، وسأل السوريين ماذا يريدون؟؟ أسئلة كثيرة تطرحها الحياة والواقع الجديد اليوم على السوريين عامة أينما كانوا، في الداخل والخارج، مع طروحات عديدة محفوفة بمحاذير في كثير من الأحيان، وقلق من المستقبل وعليه، قلق يتداخل مع أمل بأفق جديد تكون فيه سورية جديدة لكل السوريين.
تفصح مظاهر الانحدار عن نفسها على شكل حالة من التوتر والارتباك والتخبط وصولاً إلى فقدان السيطرة. في عالم تتغير فيه الظروف والمعطيات بتسارع شديد يعطي استخراج أدوات قديمة فقدت صلاحيتها واستخدامها في معالجة مشاكل الحاضر والمستقبل مفعولاً عكسياً، ويكرس حالة الهبوط والانحدار.
يعبُر شعور غامض النفس رويداً رويداً، مزيج من فرح وبهجة تخفف أعباء الروح المتعبة وأمل بجديد ينسلّ من عتمة الليل إلى الصباح، وترقب مشوب بطيف من الخوف ألّا يتعثر في المرحلة المقبلة. بهذه الروح يحاول السوري التقاط اللحظة وقراءة المشهد وفهم ما يجري والانتقال من الانفعال إلى الفعل، بعد أن جرى إبعاده عن دائرة القرار والفعل لسنوات طوال.
ثمة من يحاول استغلال ردود الفعل الطبيعية للسوريين على سياسات سلطة أمعنت بالتضييق عليهم وسرقت مواردهم وشوهت الكثير من جوانب حياتهم وأذلتهم لعقود طويلة. ثمة من يحاول أن يهدم المفاهيم والبنية الوطنية التي بُنيَت عليها الهوية والذات السورية، متناسياً أن الوعي الوطني للشعوب لا يتشكل بفعل الأنظمة السياسية التي تحكمه بل هو حصيلة لتجاربه المتراكمة تاريخياً.
تطرح الحروب الكثير من الأسئلة على البشر، يتعلّق معظمها بالجدوى، وبما يجب أنْ يفْعلوه في هذه اللحظة بالذات. تحضرُ الأسئلة المتعلقة بالحياة في مواجهة الموت مباشرة. وربما لتشخيص اللحظة وتعريفها وبناء وعي يتجاوز فيه لحظة المواجهة هذه، يحاول الإنسان في النهاية هزيمة الموت والانتصار للحياة.
ليست الحرب مجرَّد معارك تخوضها جيوش، وإنما صراع مصالح وإرادات وأهداف بين الأطراف المتنازعة، تحاول تحقيقها باستخدام عدة وسائل تهدف إلى إضعاف الخصم والاستفادة من المعادلات السياسية بعد تغييرها لفرض شروط معينة على طاولة المفاوضات.
وضعت الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومناصروه في المنطقة والعالم اليوم الجميع أمام معركة مزدوجة إحداهما مباشرة ضد ما يجري من سياسات أنتجتها الأزمة العميقة للمنظومة الإمبريالية الغربية والثانية ضد الزيف والكذب الذي كان وما زال يقوم بتغطية هذه السياسات.