«روزا لوكسمبورغ» بريئة منهم
يدعو موقف بعض الكتاب التونسيين من «مهرجان القراءة» الذي تنظمه «منظمة روزا لوكسمبورغ» للتفكير والتأمل.
فقد أعلن عدد من الكتاب التونسيين عن مقاطعة «مهرجان القراءة» الذي تنوي «منظمة روزا لوكسمبورغ» تنظيمه في تونس تحت محور «الأدب والهجرة» بين 5و7 كانون الأول الجاري.
جاء هذا الموقف على إثر تدوينة نشرها الشاعر والمترجم أشرف القرقني أعلن فيها عن انسحابه من المهرجان على خلفية «منع» المنظمة العاملين معها في الأردن وفلسطين التعبير عن مواقفهم ممّا يحدث في غزة من إبادة جماعية.
تعرف منظمة «روزا لوكسمبورغ» نفسها على أنها مؤسسة غير ربحية. تعد جزءاً من «الثقافة السياسية» الألمانية. ترتبط فكرياً بحزب اليسار الألماني (DIE LINKE)، لكنها مستقلة عنه إدارياً! تتلقى تمويلها العام من الحزب، كما تحصل أيضاً على تمويل من الوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية ووزارة الخارجية الألمانية من أجل نشاطها الدولي، من خلال مكاتبها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، ومنها مكتب شمال إفريقيا في تونس الذي ينظم فعاليات مثل «مهرجان القراءة» المذكور سابقاً.
«رفع العصا من الوسط»
أكد القرقني في تدوينته: «كنتُ قد نشرتُ صباح أمس إعلاناً عن مشاركتي في «مهرجان روزا لوكسمبورغ للقراءة». وقد كنتُ غافلاً للأسف عن موقف هذه المؤسّسة «اليساريّة» من الإبادة في غزّة. موقف بلغ منها مبلغ إخراس موظّفيها في الأردن وفلسطين ودول أخرى ومنعهم من الإعلان عن مواقفهم المبدئيّة المساندة للحقّ الفلسطينيّ. موقفٌ لا يكتفي «بالحياد» إذا كان ثمّة حيادٌ، لكنّها الأزمنة القاتمة أو «رفع العصا من الوسط». وهو بالتّالي موقفٌ لا يتيح لي، أنا بصفتي الشّخصيّة وضمن قناعاتي المبدئيّة، أن أتعامل معها وأكون حاضراً في تظاهرة تنظّمها وتعلنها «انتصاراً للإنسان»، فيما الإنسان يمتحنُ اليوم رأساً في غزّة».
وتابع مضيفاً: «أشكر الصّديق ناظم بن إبراهيم الذي نبّهني إلى هذا الأمر. وأعتذر من الأصدقاء في تونس الذين وافقتُ على دعوتهم أوّل الأمر جاهلاً بطبيعة المؤسّسة التي تسندهم.
لكن، ثمّة ما يعلو على مثل هذا ويتقدّمه. هذا الموقفُ يلزمني وحدي. لا أستطيع أن ألقي مداخلة عنوانها «الحياة في لسان آخر» في تظاهرة تنظّمها مؤسّسة ألمانيّة تتنكّر لذاك الشعار التّاريخيّ الذي صار ورقيّاً زائفاً: Nie Wieder! وتقفُ ضدّ الحياة وإنسانها الذي لا يتجزّأ».
«لا مرة أخرى»
تظهر كلمات التدوينة المنشورة موقفاً واضحاً لا لبس فيه لصاحبه ومن سانده من زملائه الكتّاب، ومنهم الروائية آمنة الرميلي التي أعلنت انسحابها بعد موقف القرقني، مؤكدة أنّها كانت «تثق» في الخلفية اليسارية لهذه المنظمة التي دأبت منذ عام 2011 على تمويل عدد كبير من التظاهرات الأدبية بالتعاون مع أحزاب ومنظمات في تونس. إضافة إلى الروائية هند الزيادي، والناقد عمر حفيظ، والروائي والناشر وليد بن أحمد، والشعراء يوسف خديم الله، ومحمد صديق الرحموني ومحمد بوحوش وغيرهم... ممن أعلنوا مقاطعة «المهرجان» ووصفوا موقف المنظمة المعلن من خلال «منع موظفيها في الأردن وفلسطين من التعبير عن مواقفهم المساندة للحق الفلسطيني» بأنه يتنكر للشعار التاريخي لمناهضة الفاشية «Nie Wieder»! (لا مرة أخرى).
لا يكتفي إعلان الكتّاب بإظهار مأزق «المنظمة» وتناقض موقفها الواضح مع إرث «صاحبة الاسم روزا لوكسمبورغ» اليساري والأممي المناهض للقمع، بل يثير الجدل والتساؤل حول فكرة اليسار نفسها ومحاولات منظمات كهذه تمثيله عبر استيعاب رمز ثوري (اسم روزا لوكسمبورغ) وتفريغه من محتواه الثوري الجذري وتحويله بأحسن الأحوال إلى نشاط تعليمي وإصلاحي داخل «النظام القائم» وإدراجه «كيسار مؤسسي» ضمن بنيتها السياسية والقانونية المقبولة. كما يلعب الإعلام الغربي المهيمن، دوراً محورياً في تعزيز هذا النموذج من «اليسار الاسمي»، عبر تشويه الحقائق واستخدام استراتيجيات التضليل وإعادة صياغة المصطلحات والمفاهيم بما يخدم الطرف المهيمن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1255