بالتجربة المرّة.. المزارعون عزفوا عن القمح
كان عائد الدونم في موسم العام الماضي 8000 ليرة تقريباً في المنطقة، دون أية طوارئ أو خسارات إضافية، وبوسطي غلة 400 كغ في الدونم..
كان عائد الدونم في موسم العام الماضي 8000 ليرة تقريباً في المنطقة، دون أية طوارئ أو خسارات إضافية، وبوسطي غلة 400 كغ في الدونم..
بدايات حزيران هي ذروة حصاد القمح في سورية عموماً وفي سهل الغاب تحديداً، إلا أن الجو مختلف في المنطقة هذا العام.. فموسم الحصاد يشارف على نهاياته وقت الذروة! وهذا غير مستغرب فالمساحات والغلة في السهل الممتد بين جسر الشغور شمالاً وحتى حدود مصياف جنوباً، شهدت خساراتها الكبرى في الموسم الحالي.. السادس في ظل الأزمة!.
القمح تفاؤل من لايرغب بالعمل
تعرضت أجزاء كبيرة من مساحات محصول القمح البعل والشعير والبقوليات (الكمون ـ العدس..) في محافظة الحسكة نتيجة قلة الأمطار والأجواء السديمية إلى التلف، وتقدر تلك المساحات بـ90% من المساحة المزروعة حسب تقارير المصالح الزراعية، وهو ما أكدته مديرية الزراعة بالحسكة التي أكدت أن وضع محصول القمح البعل البالغة 363 ألف هكتار سيىء جداً ومعدوم في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة، فيما يعد وضعها في منطقة الاستقرار الأولى تحت الوسط.. بينما وضع القمح المروي جيد بشكل عام، وخال من الآفات الحشرية باستثناء بعض الإصابات الخفيفة.
لنحقق الأمن الغذائي ينبغي أن ندفع ثمن ذلك.. هذا ما يجب أن يدركه الجميع، وخصوصاً أصحاب القرار الاقتصادي، ولا يتهيبون من القيام به، فجميع الدول الصناعية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها، تدعم القطاع الزراعي.. علماً أن القطاع الزراعي في بلدنا لا يزال يمتلك خصوصية تضعه في موقع مميز، لأنه يحقق الأمن الغذائي الوطني.
أن يستطيع الإنسان الاستغناء عن الكهرباء وهو في القرن الواحد والعشرين يكون هذا ضرباً من الخيال فكيف الحال إذا فقدت الكهرباء والماء دفعة واحدة كيف سيكون حجم الكارثة وشدة المعاناة هذا هو واقع حال مدينة البوكمال
يبدأ قريباً موسم حصاد القمح في سورية. في أقصى الشمال الشرقي السوري في الجزيرة السورية، حيث تزرع أوسع مساحات القمح وتنتج أكبر الكميات، يعتبر هذا الوقت من العام هو ذروة النشاط الزراعي، فهل ما يزال الوضع كذلك في موسم القمح السادس خلال الأزمة السورية؟!
لم يبق من المساحات المزروعة بالقطن إلا ربع ما كانت عليه في عام 2010، بينما تعتبر زراعة الشوندر شبه منتهية في سورية، حيث خسر الشوندر 94% من مساحات زراعته المسجلة في عام 2010، وبالقياس إلى كِلا المحصولين، يسجّل القمح قدرة مقاومة أعلى في ظروف الأزمة. حيث ساعده عدم التدهور الأمني في أوضاع الجزيرة السورية التي تشكل الوزن النوعي الأهم في زراعته، هذا من جهة. بالإضافة إلى أن زراعته البعلية جعلت أثر ارتفاع أسعار المازوت عليه أقل شأناً، مع العوامل الأخرى التي تجعل تكاليفه في منطقة الجزيرة أقل من تكاليفه في المناطق السورية الأخرى، ومع ذلك فإن القمح في الجزيرة خسر ربع المساحات التي كان يزرع بها، وهي نسبة كبيرة بالمقارنة مع جملة الظروف الداعمة نسبياً.
وردت في إحدى الجرائد الرسمية معلومات عن تجربة لزراعة القمح بإنتاجية أعلى في منطقة الغاب في محافظة حماة. حيث أعلنت الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، عن زراعة 50 حقلاً إرشادياً بمحصول القمح «باستخدام تقنيات عالية وأساليب حديثة تقدمها الخبرات والكوادر الزراعية المتخصصة في الزراعات العضوية الموجودة لديها وهذه الخبرات تعمل على تدريب أعداد من المزارعين على الأسس والأساليب الزراعية التي من شأنها أن تزيد الإنتاج كماً ونوعاً بنسبة متميزة»
ماذا قدم السابقون للفلاح السوري، وما هي إمكانات القادمين لإنقاذ واقع الزراعة؟
إن الحديث عن واقع الزراعة مؤلم بشدة، يبدأ من هجرة عدد كبير من الفلاحين من قراهم وابتعادهم عن حقولهم ليتشردوا في المدن الكبرى، ولا ينتهي عند ضياع وتبديد معظم أمن الوطن الغذائي، مروراً بعشرات التفاصيل التي أنهكت الزراعة، بما فيها رفع الدعم الزراعي بجميع أشكاله، والجدل حول أصناف زراعية لم تحقق النجاح المنشود ومع ذلك تم اعتمادها في خطط زراعية والعدول عنها في خطط أخرى لعدم جدواها الاقتصادية، وضرب غالبية المحاصيل الإستراتيجية، واستنزاف الثروة الحيوانية، وتجفيف البحيرات الجوفية...إلخ..