عرض العناصر حسب علامة : الحكومة السورية

بصراحة: الصناعة الوطنية ومصالح العمال... بين فكي كماشة

ذكر خبر نشر مؤخراً أن ثماني وثلاثين منشأة لصناعة الألبسة قد أغلقها أصحابها، والسبب المباشر لذلك السياسات الحكومية التي سمحت بإغراق الأسواق بالبضائع المستوردة، وخاصة الألبسة الجاهزة من خلال السياسة (التحريرية) التي اتبعتها الحكومة في فتح أبواب البلاد على مصراعيها للبضائع الأجنبية، دون مراعاة حقيقة للأبعاد الخطيرة اقتصاديا واجتماعياً التي تحملها مثل هذه السياسات، حيث بدأت نتائجها تظهر جلياً على هذه الصناعة الوطنية العريقة التي عمرها مئات السنين، لتدمرها الآن في ظل منافسة غير متكافئة مع البضائع الأجنبية المستوردة من حيث التكاليف، وتحديداً البضائع الصينية التي تمتاز بالرداءة والرخص!!

مؤشر مستوى المعيشة اليومي في تراجع مستمر.. ارتفاع تكاليف المعيشة اليومية بنسبة 100% رغم ثبات بعض الأسعار

مع أن أجواء الربيع طرقت مواسمنا مبكرة هذا العام، وهو ما يؤدي عادة لانتعاش أسواق الخضار لتنعمها بتوافر المنتجات الزراعية الموسمية، التي من الضروري أن تؤدي وفرتها إلى تراجع أسعارها، حسب قانون العرض والطلب، إلا أن ما يحدث عندنا هو أن قانون العرض والطلب المحكوم بطمع التجار والوسطاء بين المنتج والمستهلك، قد تحول إلى قانون التحكم بالحاجة، وفرض الأسعار الاستغلالية بعيداً عن مراقبة الدوائر التموينية المختصة، وبشكل يتجاوز كل مفاهيم العدل والرأفة والقناعة.

المعجزات المصطنعة لنسب النمو المرتفعة

تكرر الحديث الحكومي في الآونة الأخيرة عن النتائج الإيجابية لثمار الخطة الخمسية العاشرة والتباهي بنسب النمو المحققة فيها، والتي بلغت حول 5% سنوياً، ورأى البعض بأن نسب النمو المحققة قد انعكست على حياة المجتمع السوري بكافة شرائحه.  وباعتبار أننا نعيش الآن في زمن باتت فيه فرص تحقيق المعجزات ضئيلة، فلنستعرض بسرعة هذه المعجزة وانعكاساتها على الوضع المعاشي للجماهير الشعبية باعتبارها المستهدف الأول من تطبيق شعار: اقتصاد السوق الاجتماعي.

أسواق الفقراء جحيم مستعر.. موجات الغلاء المتتالية تؤكد تراجع دور الدولة

لم يخرج أي من وعود الحكومة بتحسين الوضع المعيشي للمواطن إلى حيز التنفيذ، والأهم هنا أننا لم يعد بوسعنا القول إن هذه الوعود قد بقيت حبراً على الورق كما في السابق، فقد كنا نتمنى بكل صدق لو بقيت كذلك، ولكن ما نجده من نتائجَ لسياسات الحكومة الاقتصادية على أرض الواقع المعيشي قد أثمر عكس ما أضمرته الحكومة في بياناتها وخططها أو جاهرت بالوعد به تماماً. فقد بات ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية مصدر قلق وهمّ وانعدام للأمان والاستقرار، والمواطنون الذين بقيت أجورهم تراوح مكانها ككتلة نقدية، بينما تراجعت بشكل كبير قوتها الشرائية، كفروا بالحكومة وبعجزها أو عدم نيتها اتخاذ إجراءات تحد من الارتفاع الجنوني للأسعار، وبمساهمتها في أغلب الأحيان في افتعال الأزمات وتفاقمها، خدمةً للتجار الكبار وحيتان المال والأسواق، وأملاً في إرضاء جشعهم وطمعهم الذي ليس له حدود، على حساب لقمة عيش المنتجين الكادحين.

التشاركية مع الرأسمالية التجارية في سورية

لازالت التصريحات الحكومية تتوالى عن التشاركية بين القطاعين العام والخاص، والمشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص، وفي هذا الصدد قال وزير الكهرباء في مؤتمر نقابة الكهرباء «إن الحكومة لا تفكر بخصخصة قطاع الكهرباء، لكن هناك فكرة التشاركية مع القطاع الخاص».

وسبق التصريحات الحكومية مشاركة القطاع الخاص في مواقع إستراتيجية هامة، كمرفأي اللاذقية وطرطوس ومعمل الورق وبعض المعامل الأخرى، فلماذا تلجأ الحكومة إلى التشاركية؟

في حال عدم توفر الظروف السياسية والاجتماعية، وعدم القدرة على التمويل وتوفير مستلزمات العمل، يمكن اللجوء بالأساليب التشريعية لجر الرأسمال الوطني إلى ميادين الاستثمار وإلى التشاركية.

نقابيو العاصمة يواجهون السياسات الحكومية بجرأة حقوق العمال ليست لقمة سائغة بيد أحد مهما كان موقعه

بالنسبة للعديد ممن حضروا مؤتمر اتحاد عمال دمشق فإن ما جرى فيه جعلهم يغادرون قاعة المؤتمرات في مبنى الاتحاد وهم يحملون معهم الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام حول واقع ومستقبل الحركة النقابية السورية، فعلى الرغم من أن منظمي المؤتمر قد بذلوا كل جهودهم كي يمر دون إشكالات، إلا أن المستجدات التي طرأت على واقع الطبقة العاملة في سورية لم يكن من الممكن إلا أن ترخي بظلالها على طروحات ومداخلات النقابيين.

الحكومة تسعى لجعل القطاع الكهربائي دجاجة تبيض ذهباً في جيوب المستثمرين

في خطوة دفاع جديدة عن مصالح المستثمرين وأرباحهم يينتهجها الفريق الاقتصادي بدلاً من الالتفات لمصالح الاقتصاد الوطني والمواطنين على حدٍ سواء – هدف ومقصد أية سياسات حكومية متبعة -، دعا النائب الاقتصادي عبدالله الدردري خلال المؤتمر الوطني للطاقة للنظر إلى قطاع الطاقة ليس بصفته ملبياً لاحتياجات الاقتصاد السوري فقط، وإنما باعتباره أمراً ضرورياً للاستثمار... وبرؤى تبشيرية لاحتمالات جديدة في مجال رفع أسعار المشتقات النفطية محلياً، ولفت الدردري إلى استحالة الاستمرار بنظام التسعير الحالي للطاقة. فالنائب الاقتصادي يخلق حاجزاً وهمياً بين حاجة الاقتصاد من جهة والمواطن السوري من جهة آخرى، وكأنهما في حالة تنافس وتناقض، بينما تؤكد السياسات الاقتصادية التي تتخذها كافة دول العالم  - على اختلاف اتجاهاتها –  أنها لا تهدف في النهاية لخدمة الاقتصاد الوطني، بل إنها تسعى دائماً لترسيخ أقدام ومصالح شريحة أو طبقة اجتماعية، حيث تصب جميع الإجراءات والسياسات الاقتصادية المتبعة في خدمة مصلحتها، كما أن النائب الاقتصادي يسعى لرفع أسعار الطاقة بهدف تشجيع المستثمرين على الاستثمار في مجاال الكهرباء وغيره من حوامل الطاقة دون أن يأبه لما لذلك من آثار سلبية على مختلف شرائح الشعب السوري، وجل اهتماماته جعل هذا القطاع الخدمي دجاجة تبيض ذهباً في جيوب المستثمرين عرباً كانوا أم أجانب.

بيع الكلى والقرنيات والأولاد في ريف حلب الفقير.. تل الزرازير نموذجاً

ليست مفاجأة أن يلجأ الناس في ريف حلب الفقير، وخصوصاً في تل الزرازير، والمعصرانية، وحارة الشحادين، إلى بيع أعضائهم، فقد توسعت ظاهرة الفقر وتعمقت خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، لدرجة أن بعض الدراسات الاقتصادية أكدت أن أكثر من 30% من المواطنين السوريين قد أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر ويقبعون في ظله، أي أن هناك أكثر من ستة ملايين مواطن يفتقرون إلى الحد الأدنى لدخل الفرد حسب المقياس السوري لدرجة الفقر، والبالغ ثلاثين دولاراً فقط، أي ما يعادل 1495 ل.س شهرياً. ورغم الانخفاض الشديد في الحد الأدنى لمقياس درجة الفقر، يبدو الرقم في أعداد الفقراء في سورية كبيراً جداً، مع أنه لا يمكن أن نتخيل أن مبلغ الثلاثين دولاراً يمكن اعتباره عتبة مناسبة لمواجهة الفقر، حيث تحتاج الأسرة التي يبلغ متوسطها خمسة أفراد، إلى أكثر من خمسة أضعاف هذا المبلغ أجراً لمسكن متواضع في الشهر الواحد، وهذا يعني أن عدد الفقراء في سورية يمكن أن يكون أكبر من هذا الرقم بكثير.

في ضوء النقاشات حول مشروع قانون العمل الجديد: ما طبيعة العلاقة بين الحكومة والنقابات؟!

أشهر طويلة مرت على الإعلان عن البدء بإعداد قانون جديد للعمل، ومنذ ظهور التسريبات الأولى لمضمونه إلى العلن، أثار عاصفة من النقاشات والحوارات والأخذ والرد. ويمكن تلخيص القراءة العامة لهذه النقاشات وطبيعتها، في أن النقابات الممثلة للطبقة العاملة ترى أن هذا المشروع يحتوي على نصوص إشكالية تحقق مصلحة أرباب العمل على حساب مصالح الطبقة العاملة، وفي أن الدوائر الحكومية تتجاهل كل انتقادات النقابات العمالية التي تعتبر الممثل الشرعي للطبقة العاملة، وكل انتقادات الصحافة وملاحظاتها، وتسعى لتمريره دون أي تعديل.

عقدة القانون في صراع المصالح

نعيش اليوم حمى الصراع على تعديل قانون العمل /91/ لعام 1959 بين الطبقات المعروفة تاريخياً بالطبقات المستغِلة، والطبقات المستغَلة، وفرسان الحلبة في هذا الصراع، هم ممثلو كلا الفريقين من المنظمات النقابية، ومن بعض الجهات الرسمية في الحكومة.

وأكذوبة «الإصلاح» التي تؤخذ ذريعة في هذا الصراع الدائر، وفي الجدل القائم حول ضرورات التعديل لمواكبة التطورات المستجدة، هي ستار تختبئ وراءه المصالح، والأهداف الحقيقية للمشروع الجديد.