بصراحة: قانون العمل الجديد بعيون الحكومة
مازال قانون العمل رقم /17/ يحتل الصدارة في نشاط الحكومة باعتباره أحد المشجعات الأساسية التي ستدفع المستثمرين للهرولة بأموالهم واستثماراتهم إلى سورية... لم لا؟
وهذا القانون قد أعطاهم كل الضمانات القانونية التي ستكفل شد الخناق على العمال، وجعلهم دائماً تحت السيطرة، وهذه بحد ذاتها ميزة قد لا تتوفر في أية بقعة أخرى على وجه البسيطة إلا في الأماكن التي تشبهنا، والتي يصبح فيها العامل بين عشية وضحاها على قارعة الطريق، ملتحقاً من جديد بجيش العاطلين عن العمل الباحثين عن قوت يومهم، وهذا البحث المتجدد أحدالمزايا التي أعطاها القانون الجديد للعمال في حال تسريحهم تسريحاً تعسفياً، كما ذكر راكان إبراهيم معاون وزيرة العمل في اللقاء الذي عقدة مؤخراً بحضور جمع من الصحفيين والحقوقيين لشرح «مزايا» قانون العمل الجديد، ومدى أهمية هذا القانون في هذه المرحلة باعتباره قانوناً عصرياً يستجيب لمتطلبات التطوير والتحديث الليبرالي التي تقوم به الحكومة، للنهوض بالاقتصاد الوطني الذي أصبح متخلفاً عن أداء مهامه وعن مجاراة العصر.
المراد من هذا التسويق الحكومي للقانون الجديد إيصال رسالة واضحة إلى أكثر من طرف، تؤكد فيها على انحيازها الكامل والواضح والصريح إلى جانب ممثلي الرأسمال المحليين والأجانب، وتثبيت ذلك قانونياً، وذلك انسجاماً مع التوجهات الحكومية في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والشراكة الأوروبية التي تتطلب من الحكومة القيام بالإجراءات القانونية الكفيلة بحماية المستثمرين من «نهب العمال لهم»، وطمأنتهم على أموالهم المغسولة بدماء الملايين من العمال والفقراء، ليعاد استثمارها ثانيةً في البلدان اللاهثة وراء الاستثمارات الأجنبية، بعد أن عجزت عن تحقيق استثماراتها الوطنية، بسبب النهب والفساد المستشري في الاقتصاد والمجتمع.
واستكمالاً لما طرح في هذا اللقاء، كان لابد من المقارنة بين القانون القديم والجديد من حيث تخلف القديم وعدم قدرته على حماية حقوق العمال، ومن أجل تأكيد ذلك تمت الإشارة إلى المرسوم /49/ الخاص بقضايا التسريح، وعدم قدرة هذا المرسوم على حماية العمال من التسريح التعسفي، كما أشار راكان إبراهيم، لأن المرسوم لا يعطي الحق للعامل المراد تسريحه بالعمل أو البحث عن عمل طالما لم يصدر قرار نهائي من اللجنة المختصة بالتسريح، بل كان العامل يتقاضى /80%/ من أجره إلى أن يصدر القرار إما بعودته على عمله أو تسريحه، وهذه يعتبرها نقيصة بالمرسوم، وجاء عوضاً عنها بالقانون الجديد أن العامل المنذر بالتسريح يحق له البحث عن عمل آخر، وذلك بالخروج من معمله أو مكان عمله لمدة ساعتين يومياً. واعتبر ذلك ميزة عظيمة حققها القانون الجديد للعمال. ألا تستحق هذه الميزة الشكر والعرفان والامتنان من قبل العمال لكل من صاغ وأقر وبحث قانون العمل الجديد؟!!
وآخر ما جاء من تسويق للقانون الجديد أن القانون القديم لم يجز إنشاء مكاتب خاصة لتشغيل العمال، بينما الجديد قد أجاز ذلك، والكل يعلم أن ما يجري داخل هذه المكاتب من استغلال فظيع لليد الطالبة للعمل، وخاصة لخدم المنازل الذين لم يأت القانون على ذكر حقوقهم، بل أكد على إمكانية تشغيل سوريين وسوريات كخدم في المنازل، وهذه فضيلة من فضائل حكومتنا العتيدة، تقدمها لجيش العاطلين عن العمل بأن سمحت لهم بالعمل كخدم في المنازل!!
أيها السادة المسوقون لقوانين الاستغلال ستتحطم جهودكم المبذولة عند أول معركة يخوضها العمال ضد مواد هذا القانون دفاعاً عن حقوقهم التي سيعرفون جيداً كيف يحافظون عليها ويصونونها بعيداً عن قوانينكم.