قطنا.. الناس يدفعون ثمن توسيع الطريق الرئيسي بقطع أرزاقهم
لم يعد غريباً من الحكومة أن تظلم المواطن عندما تريد تنفيذ أي مشروع خدمي، فتستملك العقارات دون تعويض يذكر، لتحرمه من مسكنه أو حتى مصدر رزقه، بالرغم من أن المادة /15/ من الدستور السوري تنص على استملاك العقارات للنفع العام مقابل تعويض عادل.
بعض هذا الظلم حدث في مدينة قطنا عندما صدر عن مجلس الوزراء القرار رقم 4642 لعام 2004 القاضي باستملاك العقارات لتوسيع شارع زكي الأرسوزي الذي يعتبر الطريق الرئيسي في المدينة، وتوسيعه ضروري جداً لتخفيف الازدحام، ولكن كنا نتمنى أن يحصل ذلك دون أن تقطَعَ الأرزاق ويشرَّد المواطنون، حيث أن أكثر من خمسين عائلة فقدت مصدر رزقها الوحيد، فلم يبق لها إلا أن تتسول لكي تعيش، إضافة إلى أسر أخرى ستشرد من بيوتها لتصبح دون مأوى، وكل هذا بتعويض من الحكومة لا نستطيع تسميته بالرمزي، لأنه أقل من ذلك بكثير.
عبر أصحاب العقارات عن استيائهم من القرار بسبب الظلم الذي لحقهم منه، حيث قال المواطن مأمون المصري: «لقد تأذينا كثيراً نحن كأصحاب عقارات من القرار لأنه لم يعطنا حقنا من التعويضات المالية، نحن نطلب من البلدية ليس فقط الإنصاف في التعويضات، بل الصدق والجدية في التعامل، لأنها تعطي شيكات لأصحاب العقارات غير قابلة للصرف، لأنه لم تتوفر الميزانية الكافية بعد لقيام المشروع، لذلك أريد أن أسأل: لماذا شمعتم المحلات وقطعتم رزقنا قبل الأوان؟».
أما المواطن الياس سكرية فقال: «أنا مع توسيع الطريق لكن بشكل عادل لي ولغيري، فقد كانت خسارتي كبيرة جداً، والتعويض كان أبخس من أن يذكر، كما أن بيتي ذهب في التسوية ووعدني رئيس البلدية بسكن بديل في إحدى ضواحي المدينة، ولكن ذلك مازال في حكم المجهول».
المواطن ريمون دريزي مستأجر لدكان منذ أكثر من ثلاثين سنة قال: «أُخرِجت من الدكان دون أي تعويض وليس لي سواه مصدر رزق، فالعقار لا صاحب له لأن مالكيه قد ماتوا ولم يكن لهم وريث، فاستولت البلدية عليه وأصبحت مستأجراً منها، لذلك أطالب بتعويض لأن القانون رقم/6/ لعام /2001/ لا يعطيها الحق بإخراجي دون تعويض».
حول هذا الموضوع قال رئيس بلدية قطنا سليمان شحادة: «البلدية فقيرة حيث أن تكلفة المشروع تبلغ30 مليون ليرة سورية، بينما ميزانية البلدية لهذا العام تبلغ 16مليون ليرة فقط، بعد أن كانت في 2009 تبلغ 23مليون ليرة، فالمشروع يكلف ضعف ميزانية البلدية لهذا طلبنا إعانة من الوزارة وإذا لم تستجب فسوف نضطر لسحب سلفة على الميزانية أو حتى سحب القروض وتحميل ميزانية البلدية الفوائد المترتبة عليها».
وفسر رئيس البلدية سبب قلة التعويض بأن «المشروع قائم منذ عام 1995 ولكن تم تأجيل إصدار القرار من مجلس الوزراء إلى 2004 بسبب الاعتراضات المقدمة والتي زادت عن عشرة، وتضمنت المطالبة بزيادة التعويض لأنها لا تناسب الأسعار الفعلية للعقارات، بعد صدور القرار تم الاعتراض من جديد وبناءً على ذالك تم تشكيل لجنة لدراسة الأسعار السابقة برئاسة قاضٍ وقد أعطت القرار بشكل نهائي وغير قابل للنقض، حيث يتم توزيع شيكات حسب بيان القيد العقاري، كما أننا سنقوم ببناء وحدات سكنية على أرضٍ تملكها البلدية لمن يريد بدل سكن، فهذا المشروع ذو أهمية كبيرة لأنه يقوم بتوسيع الشريان الرئيسي لقطنا وينعشها ويطورها كثيراً، ويخدم مصالحها بشكل عام، كما يقوم بإبعاد السيارات عن المحلات فالسيارات تكاد تمر بالدكاكين بسبب ضيق الطريق».
ما الحل العادل؟ تكمن المشكلة بتنفيذ الاستملاكات وقطع الأرزاق وتشريد المواطنين دون صرف التعويضات، على الرغم من عدم عدالة هذه التعويضات، يجب أخذ كل ذلك بعين الاعتبار مع تخصيص ميزانية أكبر للمشروع من مجلس الوزراء حتى لا تضطر البلدية إلى تركيب الديون على ميزانيتها الفقيرة، لأن ذلك سينعكس تقصيراً في الخدمات تجاه المواطنين.
■ قطنا ـ جوني الياس