د.أسامة دليقان

د.أسامة دليقان

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الكوارث الطبيعية تمتحن الرأسمالية والاشتراكية – (1) الأعاصير

 رغم أكثر من نصف قرن من العقوبات الأمريكية ضدّها، قد يستغرب كثيرون من أنّ 7 أشخاص فقط لقوا مصرعهم في أعاصير عام 2008 في كوبا، علماً بأنّ ثلاثة أعاصير اجتاحتها آنذاك (غوستاف وآيك وبالوما) وأوّل اثنين ضرباها بفاصل 10 أيام، وكانت الأضرار المادية بقيمة 5 مليارات دولار. لكن يعود الفضل إلى السرعة في إجلاء السكان وإنقاذهم بتكاتف المجهود الاشتراكي لدولةٍ تثق بشعبها وشعبٍ يثق بدولته. بالمقابل تركت حكومة الولايات المتحدة مواطنيها السود والفقراء يموتون غرقاً وجوعاً في نيو أورلينز وساحل الخليج بعد إعصارَي كاترينا وريتا اللذين ضرباها عام 2005 وما زاد الأمر سوءاً خوف كثير من الضحايا المهاجرين من أن تستغل واشنطن الكارثة لترحيلهم وطردهم، وهذا ليس مستغرباً فلقد رَفضت حتّى المساعدات الإنسانية التي استعدّت كوبا وفنزويلا لإرسالها إلى الولاية الأمريكية المنكوبة!

ثلاثة حبال على عنق الاحتلال stars

يواصل الاحتلال الصهيوني تصعيده وجرائمه، التي زادت بظلّ حكومة نتنياهو وبن غبير، حيث شهد الأسبوع الماضي بشكل خاص أحداثاً متسارعة ومواجهات واشتباكات وعمليات مقاومة في عدة مناطق ولا سيما بالقدس والضفة. وفيما يواصل المتطرّفون الصهاينة وقادتهم الأوهام بأنّ قمع الشعب المقاوم سيجدي نفعاً، ينعكس تصعيدهم على الكيان تعميقاً للانقسام لدرجة التحذير العلني من «اغتيالات سياسية»، وسلسلة من مؤشرات النفور العالمي من «إسرائيل» (إذا استثنينا اتجاه التطبيع السائر بعكس التاريخ)، وتأتيهم أجوبة الشعب حجارةً وعملياتٍ بالسكاكين والرصاص والعصيان والإضراب، وتنفيذاً طبيعياً لعدالة «القاتل يُقتَل»، حتى أنّ الردّ بالمقاومة يأتي من «كلّ ليمونة» وكلّ طفل، كما أكّد مثلاً منفّذ عملية حاجز شعفاط، ذي الثلاثة عشر ربيعاً، عندما قال ببساطة: «رأيتُ مقاطع فيديو لجنود يضربوننا، فأخذت سكيناً من المنزل ووصلت إلى الحاجز بهدف طعن جنود». وهكذا يزداد الشدّ على عنق «إسرائيل» بشعبٌ يقاوِم، وانقسام داخلي يتعمّق، ونفور عالمي يتوسع.

هل تستطيع أمريكا افتعال زلازل مدمّرة؟

قبل وقوع الزلزال بثوانٍ قليلة، قال كثير من الناس في تركيا: إنهم رأوا ومضاتٍ تشبه أضواء «الأورورا» التي تشاهد عادةً في المناطق القطبية الشمالية. وتجدّدت في تركيا وخارجها أحاديث تربط بين الزلزال وبين مشروع HAARP الأمريكي، أو استخدام واشنطن لـ«أسلحة تكتونية». نناقش في المادة التالية تفسير «الفلاشات» الغامضة، وبعض حجج كلٍّ من أنصار ورافضي رواية إمكانية استحداث الزلازل عمداً بتكنولوجيا عسكريّة.

إيغليتون وونّوس عن النقد الأدبي والتغيير

«النقد الماركسي جزء من كيان أكبر لتحليل نظريّ يهدف إلى فهم الإيديولوجيات، أيْ فهم الأفكار والقيم والمشاعر التي يعيش بها البشر حياتهم الاجتماعية في أزمان متباينة... والتي قد لا تتاح إلا في الأدب، كما أنّ فهم الأيديولوجيات يعني فهماً أعمق لكلٍّ من الماضي والحاضر على نحوٍ يُسهم في تحرُّرِنا». – هكذا كتب الباحث الماركسي الإنكليزي تيري إيغليتون في كتابه «الماركسية والنقد الأدبي».

مَطالِب بتخليص نظام الدكتوراه من قيود القرن التاسع عشر

تناولت افتتاحية حديثة لمجلة «الطبيعة» انتقاداً للطريقة السائدة أكاديميّاً في إعداد الدارسين لنيل شهادة الدكتوراه، معتبرةً بأنه «من أجل أنْ يحقّق الباحثون تطلّعات المجتمع، يجب على طريقة تدريبهم وتأهيلهم والإشراف عليهم أن تهجر طرائق القرن التاسع عشر».

دبّابات الناتو تزحف فوق خلافاته صوب تصعيد أكبر مع روسيا stars

عقد الناتو اجتماعاً لما يسمى «مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا» بقيادة واشنطن في قاعدة «رامشتيان» الأمريكية بألمانيا في العشرين من الشهر الجاري، برز أثناءه وبعده خلافٌ بين وزراء الحرب في برلين وواشنطن بشأن إرسال دبّابات «ليوبارد2» الألمانية للاشتراك بالقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا. وأدت الضغوط الأمريكية لموافقة ألمانيا على الزجّ بدباباتها هذه في المعركة إلى جانب «كوكتيل» من الدبابات والأسلحة الحديثة الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها، والتي يحتاج كلّ منها لوجستيات مختلفة ومعقّدة، لتظلّ النتيجة مزيداً من التصعيد والدمار والخسائر، التي قد تُرجِئ، إلى حين، تثبيتَ هزيمة الناتو في أوكرانيا، ليس فقط على وقع التقدّم الروسي عسكرياً، بل وارتباطاً بساحات المعارك اقتصادية بين معسكر الدولار ومعسكر العالَم ما بعد الدولار. توريط برلين وأوروبا بتصعيدات انتحارية مع روسيا يثبت هنا أيضاً، ومن جديد، بأنّ الوظيفة الوحيدة المتبقية لواشنطن هي زرع العراقيل والألغام بطريق العالَم الجديد الوليد.

تباطؤ الاختراقات العلمية دليلٌ على اشتداد رجعيّة الرأسمالية

نشرت مجلة «الطبيعة» البريطانية، في 4 كانون الثاني الجاري 2023، تلخيصاً لدراسةً لاحظت بأنّ «نسبة المنشورات العلمية، في أيّ حقلٍ علمي، من النوع الذي يدفعه إلى اتجاهٍ جديد، قد انخفضت على مدى نصف القرن الماضي»، وأنّه ساد ميل عام هابط لمعدّل الاختراقات العلمية النوعية رغم التزايد الكمّي للمنشورات بعد منتصف القرن العشرين ولبراءات الاختراع بين 1976 إلى 2010. ومع ذلك لم تقدّم الدراسة تفسيرات مقنعة أو عميقة، بل وأبرزت مجلة «الطبيعة» في عنوان ملخّصها بأنّ «لا أحد يعرف لماذا». هذا ليس مستغرباً، فالسبب يحتاج للاعتراف أولاً بصحّة نظرية التراجع العام للحركة الثورية العالمية خلال الفترة نفسها التي رَصدتْ فيها الدراسةُ تباطُؤَ العِلم.

هل يُنقِذُ توسيعُ الاستيطان «إسرائيل» أم يعمّق أزمتها؟ stars

أعلنت حكومة الاحتلال الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو وبن غفير ذات التركيبة الأشدّ تهوّراً وإجراماً، توسيعَ الاستيطان في رأس أولوياتها، بما في ذلك عودة المستوطنين لمستعمرات أخليت منذ 2005، وخاصةً شمالي الضفة. فإذا كانت مقاومة الشعب الفلسطيني بكل أشكالها وخاصةً العمليات الفدائية، قد تصاعدت عام 2022 لمستويات نوعية وغير مسبوقة منذ سنوات، وإذا كان الاحتلال يواصل تخبّطه من فشل أمني إلى آخر في حماية مستوطنيه وثكناته من عمليات المقاومة، لدرجة ظهور دعوات «الهجرة العكسية» لمستوطنين يريدون الهرب من «إسرائيل» بالآلاف، وإذا كان الاحتلال لا ينجح سوى بارتكاب مزيد من الجرائم وقتل الأطفال والعزّل، ويفشل في إنهاء «أمواج» المقاومة بعمليته «كاسر الأمواج» التي طالت إخفاقاتها وباتت محلّ سخرية في الأوساط «الإسرائيلية» نفسها – فهل يتوقّع نتنياهو وحلفاؤه نتيجةً مختلفةً عن «انقلاب السحر على الساحر» إذا هم رفعوا مستوى استفزاز الفلسطينيين باستيطان أوسع وهروب إلى «الأمام»؟

حول «الخرق العلمي» الأمريكي بالحصول على 3 ميغاجول من 300 ميغاجول!

في 13 من كانون الأول الجاري 2022 عقد فريق حكومي من 5 مسؤولين من وزارتَي الطاقة والحرب الأمريكيَّتين مؤتمراً صحفياً لإعلان «خرق علمي تاريخي» في مجال طاقة الاندماج النووي، لخّصه مارف آدم نائب مدير البرامج الدفاعية في البنتاغون، وهو يحمل بيده أسطوانة صغيرة بشكلٍ احتفالي، بالقول: إنّ تجربة في 5 ديسمبر الجاري في مختبر «لورانس ليفرمور الوطني» على كبسولة كهذه تحوي وقوداً اندماجياً أجريت؛ بإدخال حوالي 2 ميغاجول من طاقة الليزر لإنتاج حوالي 3 ميغاجول من طاقة «اشتعال الاندماج النووي» ممّا يعني «لأول مرة بالتاريخ الحصول على طاقة ناتجة أكثر من الداخلة». لكن في المؤتمر نفسه كشفت الفيزيائية الأمريكية كيمبرلي سوزان بوديل (Kim Budil)، وهي مديرة المختبر نفسه الذي تمّت فيه التجربة، عن كمية الطاقة الكهربائية المستهلكة لتشغيل التجربة كلّها: «يحتاج الليزر حوالي 300 ميغاجول من الطاقة من الحائط (كهرباء) لتقود إلى 2 ميغاجول من طاقة الليزر، والتي قادت إلى 3 ميغاجول من حاصل الاندماج». وهذا يعني اعترفاً بأنّ «التجربة التاريخية» خسرت 99% من الطاقة المصروفة عليها، والكفاءة الحقيقية لهذه التجربة 1% فقط!

«الأحاديّة القطبية» تخسر على الجبهة الإعلامية أيضاً stars

سيكون تضييقاً لحدود وأهمّية الحرب المتصاعدة على الجبهة الإعلامية اليوم بين «المعسكرين» لو تم اختزالها بأنها تعبير فقط عن الاستقطاب بين «قوّتين عظميين» أو «دولتين» هما روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتصويرها كمجرّد صراع إيديولوجي لـ«تحاصص نفوذ بين متنافِسَين متماثلَي الأهداف» سينتهي بـ«صفقة» تعيد الأمور إلى «مجاريها السابقة»، فوجهة نظرٍ كهذه تتجاهل المنعطف التاريخي الحادّ والهائل الذي تشهده البشرية جمعاء اليوم وانقلاب العلاقات الدولية السياسية والاقتصادية والاجتماعية و«الزلزال» المرافق له في الوعي الجماعي، وهو ما يتكثف توصيفه المرحلي بالانتقال من عالَم «الأحادية القطبية» الآفل إلى عالَم «التعددية القطبية» الجديد أو حتى «اللا-قطبية». فالمسألة تتعلّق بالعمق باستنفاد ذروة المنظومة الإمبريالية الرأسمالية عالمياً لآخر مبرّرات وجودها بعد تلك العقود القليلة التي كان ما يسمح لها بالاستمرار هو فقط بقايا عطالتها غير المكبوحة بمقاومة كافية بعد تراجع وتفكك الاتحاد السوفييتي، وهو ما بدأ يتغيّر جذرياً منذ سنوات. دون هذا الأساس المادّي للصراع العالمي المحتدم حالياً لا يمكن إدراك مغزى معاركه وأدواته على مستوى البنيان الفوقي أيضاً؛ ومنها الحرب الإعلامية والفكرية والنفسية بين «المعسكرَين» الرئيسيَّين اليوم.