افتتاحية قاسيون 1124: نحو المؤتمر الحادي عشر للإرادة الشعبية
نشرت جريدة قاسيون في عددها الماضي ذي الرقم 1123 مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية وطرحته للنقاش العام. وهو المشروع الذي سيجري تقديمه للمؤتمر الحادي عشر للحزب، الثاني بعد الترخيص، بوصفه إحدى الوثائق التي سيناقشها المؤتمر لإقرارها.
ويأتي نشر مشروع البرنامج بين يدي الرفاق والأصدقاء وعموم السوريين في إطار التحضيرات النهائية لعقد المؤتمر في الأمد القريب. وتشمل هذه التحضيرات انتخابات لأعضاء المؤتمر العام للحزب، يشارك فيها ناشطو الحزب ومؤيدوه. وميزة هذه الانتخابات عن الشكل التاريخي الذي كانت تجري وفقه الانتخابات، أنها انتخابات من مرحلة واحدة بدل أن تكون انتخابات من أربع مراحل؛ ففي السابق كان يجري انتخاب أعضاء المؤتمر عبر سلسلة من الانتخابات، تبدأ من القاعدة الحزبية وتصعد مرحلة فمرحلة للوصول إلى انتخاب أعضاء المؤتمر، الأمر الذي كان من عيوبه أنه يفتح الباب لتشويش عملية التمثيل في أعلى هيئة قيادية في الحزب، أي المؤتمر، ويفتح الباب أمام العمل التكتلي. بالمقابل، فإنّ انتخاب أعضاء المؤتمر بشكل مباشر من القواعد من شأنه تعزيز الديمقراطية الداخلية في الحزب، وكذلك من شأنه أن يمنع عمليات الغربلة والتصفية والتكتل، التي يمكن أن تظهر في أشكال الانتخاب عبر عدة مراحل.
الوظيفة السياسية المباشرة للمؤتمر القادم، هي إعادة تدقيق وتصويب وتطوير الخط السياسي للحزب، وكذلك إعادة التحديد الملموس للمهام الملقاة على عاتقه ودوره الوظيفي، مع الأخذ بعين الاعتبار بشكل جدي، مجمل التغيرات الكبرى التي جرت على مختلف الساحات بين مؤتمرين. إضافةً إلى انتخاب الهيئات القيادية للحزب.
ولا شك أنّ المؤتمر قد تأخر عقده عدة سنوات، وكان الحزب قد عقد قبل الأزمة 9 مؤتمرات خلال 10 سنوات؛ أي بمعدل مؤتمر كل سنة تقريباً. ولكن اشتعال الأزمة وخاصة بطورها العسكري، قد حرم الحزب من الإمكانية الفعلية لعقد المؤتمر، والسبب الأكثر أساسية كان الاستحالة العملية لإجراء الانتخابات الداخلية للحزب في عدد كبير من مناطق ومحافظات سورية، وهي الانتخابات التي اعتاد الحزب إجراءها على نطاق واسع في كل المحافظات السورية، وشارك فيها الآلاف في الانتخابات الأخيرة.
إنّ المؤتمر القادم للحزب، يأتي في خضم عملية ولادة عالمٍ جديد، بين ملامحه على المستويات المختلفة، ما يلي:
أولاً: استمرار تراجع أعداء سورية وأعداء كل شعوب العالم، أي المركز الغربي الصهيوني، وعلى كافة المستويات، وفي كافة الساحات. بالتوازي مع استمرار صعود النمط الجديد من العلاقات الدولية القائم على التكافؤ والندية والتنمية الشاملة.
ثانياً: في الساحة الإقليمية القريبة، يجري طي ملفات «اتفاقات أبراهام» و«الناتو العربي»، لمصلحة تصاعد المقاومة الفلسطينية المستمر، ولمصلحة التسويات الإقليمية بين السعودية وتركيا ومصر وإيران، وبالضد من المصلحة الصهيونية، وبالوساطة الصينية والروسية.
ثالثاً: تتعزز فرص خروج سورية من أزمتها العميقة بالتعاون الذي بدأت مؤشراته تتضح بين ثلاثي أستانا، وبين الدول العربية الأساسية، وعلى رأسها السعودية ومصر، وبالضد من الإرادة والرغبة الغربيتين، وباتجاه التنفيذ الفعلي للقرار 2254.
ضمن هذه اللوحة، يتجه حزب الإرادة الشعبية لعقد مؤتمره الحادي عشر، والعزم ثابتٌ على متابعة النضال لمصلحة سورية، ولمصلحة أصحاب الأجور فيها بالدرجة الأولى، والإدراك عميقٌ لحجم الصعوبات والأهوال التي تقف أمام الوصول إلى الأهداف، ولكن وفي الوقت نفسه، فالثقة والتفاؤل في ذروتهما، بالاستناد إلى تراكم المواقف والاستنتاجات الصحيحة التي أثبتها الواقع، سواء منها ما قبل المؤتمر الأخير، أو ما جرى خلال الأزمة السورية، وعلى رأس تلك الاستنتاجات المبكرة، الاستنتاج حول الأزمة الرأسمالية وحول التوازن الدولي الجديد، وعلى رأس المواقف الموقف الثابت اتجاه الحل السياسي مخرجاً وحيداً، والثبات عليه في الوقت الذي كان يندر فيه من يقول بهكذا موقف، وتجري محاربته بكل الأشكال.
يمضي الإرادة الشعبية إلى مؤتمره مستنداً أيضاً إلى الإرادة الكفاحية للحزب وللرفاق، وقبل كل ذلك ومعه وبعده، بالاستناد إلى الحركة الشعبية السورية، التي ما تزال كامنة وتتطور بانتظار لحظة مناسبةٍ آتية لا محالة...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1124