افتتاحية قاسيون 1060: كيف سيتحدد مآل المعركة؟
يسود العالمَ بأسره هذه الأيام استقطابٌ حادٌ حول ما يجري في أوكرانيا. وهذا أمرٌ طبيعي ومتوقعٌ، لما للحدث من تأثيرات أكيدة- وأياً تكن نتائجه النهائية- على مجمل التطور العالمي.
يسود العالمَ بأسره هذه الأيام استقطابٌ حادٌ حول ما يجري في أوكرانيا. وهذا أمرٌ طبيعي ومتوقعٌ، لما للحدث من تأثيرات أكيدة- وأياً تكن نتائجه النهائية- على مجمل التطور العالمي.
ما يزال الحدث الأوكراني يحتل الموقع الأبرز على الساحة العالمية للأسبوع الثاني على التوالي. ورغم أنّ الأمر سيبقى كذلك لوقت غير قصير، حتى وإنْ انتهى في وقتٍ قريب طور العمليات العسكرية، إلا أنّ طبيعة المعركة الجارية، وكذلك الملامح الكبرى لعالم ما بعد أوكرانيا، قد بدأت بالتوضّح منذ الآن.
يحتل الوضع المتأزم هذه الأيام في أوكرانيا وحولها موقع العنوان الأول حول العالم؛ وليس هذا بمستغربٍ لأنّ الجميع على علمٍ، إلى هذه الدرجة أو تلك، بأنّ مضامين المعركة الجارية وأبعادها، أكبر بكثير من أوكرانيا نفسها، بل وتصل بنتائجها حدود الفصل بين حقبتين من التاريخ العالمي...
نواصل هنا ما بدأناه في افتتاحيتي قاسيون للعددين 1053، و1055، واللتان حملتا العنوان الأساسي نفسه، وعنوانين فرعيين هما على التوالي: (1: بين عقليتين، 2: القوى الحاكمة في النظام والمعارضة)...
تحت مسمى «إعادة توزيع الدعم لمستحقيه»، جرى خلال الأيام القليلة الماضية إخراج ما يزيد عن نصف مليون أسرة سورية، أي حوالي 3 ملايين سوري، من فئة «مستحقي الدعم». وهو الأمر الذي انعكس مباشرة برفع سعر ربطة الخبز الواحدة لهؤلاء إلى 1300 ليرة سورية، أي إنّ تكلفة الخبز وحده إذا استهلكت أسرة من 5 أشخاص ربطتين يومياً ستصل شهرياً إلى 78 ألف ليرة سورية، أي إنّ الخبز وحده بات يستهلك تقريباً كامل وسطي الأجر.
استكمالاً لافتتاحية قاسيون رقم 1053 في تفسير القرار 2254 بين عقليتين، والتي كانت جزءاً أول ضمن سلسلة افتتاحيات مترابطة، نناقش هنا، في الجزء الثاني، تفسير القرار بين عقليتين محليّتين: عقلية القوى الحاكمة في النظام، وعقلية القوى الحاكمة في المعارضة، وهما عقليتان تتناولان القرار والوضع السوري بأكمله بالمنطق نفسه كمحصلة، وإن من زاويتين متقابلتين... ولعل أول التطابقات وأهمها بين هاتين العقليتين هي: عقلية «الحزب القائد» التي تهمين على التفكير والعمل في كلا الجانبين، والتي تقوم على الإقصاء والتفرد والاستئثار وادعاء التمثيل الشامل والكامل...
يعيش العالم بأسره هذه الأيام على وقع قرع طبول الحرب في أوكرانيا؛ فبالإضافة إلى موجة التصريحات الرسمية الغربية، بما فيها حول الإجلاء السريع للدبلوماسيين الغربيين من كييف، تذهب وسائل الإعلام الغربية للحديث عن أن العالم بات على بعد أيام وربما ساعات من اشتعال الحرب!
يستمر الصراع بين عقليتين دوليتين متمايزتين في تفسير القرار 2254 الذي مضت ست سنوات على إقراره بالإجماع في مجلس الأمن الدولي في كانون الأول 2015.
ويلعب هذا الصراع حتى الآن دوراً مهماً في تأخير تنفيذ هذا القرار، إضافة إلى عوامل أخرى عديدة إقليمية ومحلية.
مع توقيع ترامب في آذار 2019 اعترافاً أمريكياً بالجولان السوري المحتل «جزءاً من إسرائيل»، بات واضحاً أنّ السياسة الأمريكية و«الإسرائيلية» بما يتعلق بالجولان وبالتعامل مع مجمل المسألة السورية، كانت قد دخلت طوراً جديداً.
احتلت التصريحات الأخيرة للمبعوث الروسي الخاص للأزمة السورية، ألكسندر لافرنتييف- وما ثار حولها من ضجة واستنتاجات- ساحة النقاش السياسي العام خلال الأسبوعين الماضيين.