بصراحة حوار.. ولكن من طرف واحد!!
استهل رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال مداخلاته التي لخصت مطالب الحركة النقابية اقتصادياً وعمالياً، وبحضور الوزراء، بالتأكيد على ما قاله رئيس الجمهورية في اجتماع الجبهة الأخير فقال: (أنا أغتنم فرصة هذا اللقاء لأن نبدأ، ومن هذا المكان بتنفيذ توجيه السيد الرئيس في الاجتماع الأخير للقيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، حيث طالب ببدء الحوار الوطني بمشاركة أحزاب الجبهة والمنظمات الشعبية وكل المختصين، في الوقوف على ما قمنا به من سياسات اقتصادية ومالية، منذ عام 2000 وحتى نهاية عام 2007).
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بدأ الحوار الوطني داخل مجلس الاتحاد العام؟!
من اللحظات الأولى لبدء انعقاد المجلس كان واضحاً مدى تذمر الكوادر النقابية، وتخوفها من توجهات الحكومة وإجراءاتها، بخصوص القطاع العام، وموقفها من الأجور وغلاء الأسعار، وحقوق العمال المنصوص عنها بالقانون /50/، وحقوق عمال القطاع الخاص... إلخ. هذه القضايا الهامة التي عكسها النقابيون في مداخلاتهم، حيث كانت الرغبة لديهم بطرح هذه المداخلات أمام الحكومة ليجري الحوار معها، ولكن ما جرى داخل المجلس من توجه قطع الطريق على الكوادر النقابية في الحوار المباشر، وتم الاكتفاء بما قاله الوزراء، وما قدموه من تبريرات لتلك السياسات بكل (شفافية وصراحة)، وكأن خراب البصرة ليس خراباً، وإن ما يقومون به إنجاز يعبر حقيقةً عن المصلحة الوطنية في الصمود والممانعة، ويعبر عن مصلحة الشعب السوري في تحقيق مستوى معيشي لائق، فالكرة الآن، كما رغب الفريق الاقتصادي قوله، في ملعب القيادة السياسية، متنصلين من المسؤولية التي يتحملونها بقيادتهم للاقتصاد الوطني، وبمسؤوليتهم المباشرة عن تحقيق مستوى معيشي لائق من كرامة المواطن في وطنه، حيث يرى هذا المواطن بأم العين القطط السمان، حديثي النعمة، من حكوميين وغير حكوميين، يسرحون ويمرحون بالمليارات، ويتحكمون بالقوت اليومي للفقراء من أبناء شعبنا الذين هم حماة الديار الحقيقيون، ويحافظون على كرامة الوطن ومنعته وعزته، وهم الذين سيقاومون بكل ما تعنيه المقاومة من معنى.
إن ما جرى داخل المجلس، وبحضور الوزراء، تأكيد للقول: (قولوا ما تريدون، ونحن نعمل ما نريد)، حتى هذا لم يكن متوفراً، حيث قالت الحكومة ما تريد، وقدموا تصوراتهم وتوجهاتهم لدرجة أن وزير الصناعة طرح بيع أراضي الشركات، كحل لإصلاحها، لعدم قدرة الحكومة على توفير الموارد اللازمة، وأيده بذلك النائب الاقتصادي، ما أدى إلى مقاطعته من إحدى النقابيات موجهةً كلامها لرئيس الاتحاد العام: (غداً سيطرحون بيع مبنى الاتحاد العام)، ما أزعج النائب الاقتصادي والوزراء، وأنهيت الجلسة وانسحب الوزراء معززين مكرمين، ومعزومين على الغداء، إن العمال يعانون الأمرين في تأمين قوتهم اليومي، بسبب السياسات (الحكيمة والعقلانية) التي طالبَنَا النائب الاقتصادي التحلي بها، والتي لم يتحلَّ بها هو نفسه، حيث انزعج من رد النقابية، ولم يتسع صدره لما قالته، وهذا يعكس إلى أي مدى، وفي أي مستوى يجري الحوار الوطني الذي طالب به رئيس الجمهورية، باعتبار أعضاء المجلس ممثلين لمعظم القوى السياسية، وللمستقلين أيضاً، وفي الوقت نفسه يمثلون أعلى هيئة قيادية للحركة النقابية، أي هم معنيون مباشرة بكل ما يجري في الوطن من تطورات، ومعنيون بمواجهة كل ما يضعف ممانعة سورية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. إن ما جرى داخل المجلس ليس حواراً، بل استعراض لبرنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي الكارثي!
فهل تستفيد الحركة النقابية من هذا الدرس، لخلق حوار حقيقي، يعزز وحدة الحركة النقابية ويعزز الوحدة الوطنية؟!