الاجتماع الثالث لمجلس اتحاد عمال دمشق: يجب إيجاد آلية لتأمين الرواتب للعمال وتوثيق العلاقة بين النقابات والعمال

عقدت نقابات دمشق الاجتماع الثالث لمجلسها، حيث كان العنوان الرئيسي الذي تم الحوار حوله بين قيادة الاتحاد وأعضاء المجلس هو: (آلية عمل النقابات في توثيق العلاقة مع الكوادر العمالية، ومع العمال)، وهذا الموضوع يكتسب المزيد من الأهمية باستمرار، وخاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تعيش فيها الطبقة العاملة السورية وضعا ًلا تحسد عليه، فهي مهددة في لقمة عيشها، حيث أن الكثير من الشركات توقفت عن دفع أجور عمالها بسبب توقفها عن الإنتاج، لفقدانها السيولة اللازمة لتأمين المواد الأولية كي تعاود الإنتاج مرة أخرى، في حين تقف الحكومة إزاءها موقفاً يزيد من أزماتها، بسبب جملة القوانين التي أصدرتها، والإجراءات التي اتخذتها وتتخذها، والتي لا تساعد الشركات المتوقفة عن العمل، حيث أن العديد من الشركات مرشحة للتوقف بعد زيادة أسعار النفط، وارتفاع التكاليف الإنتاجية، وبالتالي عدم قدرتها على المنافسة في الأسواق، من هنا يكتسب نقاش النقابات أهمية كبرى، لضرورة ردم الهوة بينها وبين العمال، مما يمكِّنها من الدفاع جدِّياً عن شركات القطاع العام الصناعي، التي تتساقط الواحدة تلو الأخرى، فيفقد الاقتصاد الوطني معها أحد أهم مصادر قوته، وأحد أهم الموارد التي لعبت دوراً أساسياً في صموده، والتي ماتزال مؤهلة لتلعب دوراً مهماً في مجابهة التحديات التي تواجه وطننا وشعبنا، وعلى رأسها مقاومة المشروع الأمريكي الصهيوني ورموزه الداخلية،هذا فضلاً عن تحدي النمو والتنمية.

ووفق جدول الأعمال المقرر، افتتح رئيس المجلس الاجتماع بحديث سياسي حول التطورات الجارية في المنطقة، لتبدأ بعدها النقاشات حول القضايا النقابية. 

العلاقة بين النقابات والعمال:

بدأ رئيس الاتحاد الحديث حول هذا الموضوع حيث قال:

رصدنا ترهلاً وضعفاً في أداء اللجان النقابية في أغلب النقابات، وهذه المسألة تتطلب وقفةً جادة... وأضاف: إن أهم ما يربطنا بالكوادر النقابية القاعدية هو اهتمامنا بمقترحاتهم، نحن نحاور اللجان النقابية لتأكيد الترابط مع القواعد العمالية، ولكي يحصل تفاهم مشترك بين كل المستويات القيادية والقاعدية.

وتابع: نحن بحاجة إلى تغير نمط أدائنا في كل المستويات، وقد شكلت لجان للبحث في آلية عمل النقابات. وأكد أنه لا بد من ردم الهوة بين اللجان النقابية والقيادة، والهوة بين اللجان النقابية وعمالها، حيث أن هذه العلاقة موسمية في أغلب الأحيان، ولا يجوز مع ذلك أن نعمم هذا على كل اللجان النقابية. وتابع: لا يوجد تواصل مع العمال، فكيف سيتم رصد مشاكلهم ومطالبهم ؟ لابد أن تشمل لقاءاتنا كل الأقسام الإنتاجية، فالتنظيم النقابي هَرم، العمال قاعدته، وإذا كنا شفافين يجب أن نقول بأن هذا الهرم مهزوز. وأخيراً أكد أن جهدنا خلال المرحلة المقبلة يجب أن ينصبَّ على تمتين العلاقة مع القواعد العمالية.

وبعد كلمة رئيس الاتحاد، بدأ أعضاء المجلس الحديث حول الموضوع نفسه (عمل النقابات قاعدياً). 

لا بد أن نكون صادقين مع العمال:

رئيس نقابة عمال السياحة: أساليب العمل النقابي لا تتعلق بالدورات فقط، لابد أن نكون صادقين مع العمال. وأشار إلى ضرورة تخصيص نقابة عمال السياحة بشاليهات لتعميق العلاقة مع العمال، وطالب بمنح النقابة قرضاً يبلغ 5 مليون ل.س للشاليهات، وأخيراً أكد على الأثر الطيب للزيادة على العمال، وقال: نحن نقوم بجرد المنشآت السياحية من أجل تطبيق الزيادة على عمال القطاع الخاص.

رئيس نقابة الدولة والبلديات: أشار إلى أن تطوير عمل اللجان النقابية لا ينحصر فقط في منطقة رأس البسيط (الشاليهات)، بل يجب أن يشمل الخدمات، وتنوعها، وأن تكون صناديق المساعدة أحد الخدمات الهامة لتحسين العلاقة مع العمال، وأشار أيضاً إلى موضوع عمال الإطفاء، فهم يتعرضون لمخاطر كبيرة نتيجة عملهم في إطفاء الحرائق والإنقاذ، ولا يتقاضون بدلاً لطبيعة العمل سوى 3 % من الراتب، وهذا التعويض لا يتناسب مع المخاطر التي يتعرضون لها، ولا بد من زيادة تعويضهم إلى 9 % من الراتب، من بند طبيعة عمل المخاطر التي نرجو تفعيلها. 

قرارنا الاقتصادي لا بد أن يتماشى مع قوة القرار السياسي:

رئيس نقابة عمال الصناعات الكيميائية قدم مداخلة جاء فيها: نحن معتادون على العمل النمطي في القطاع العام، عمالنا في القطاع العام محرمون من الطبابة والوجبة الغذائية وطبيعة العمل، وبالنسبة للقطاع الخاص، فنحن نطالب بقوننة عمله، وأن يكون هناك حوار جماعي لنصل إلى صيغة جيدة للتعامل معه.

وأضاف: لدينا مشكلة بتطوير صناديق المساعدة، حيث يوجد نقص تمويل من القطاع العام بسبب التسربات (الوفاة، الإحالة على المعاش) الحاصلة في اليد العاملة. وحول الوضع الاقتصادي أشار إلى أن قرارنا الاقتصادي لا بد أن يتماشى مع قوة القرار السياسي، فنحن نعلم كيف أن القرار السياسي قد أفشل المشروع الأمريكي. وأضاف: إن قانون الإصلاح مطروح للنقاش منذ خمس سنوات، وقد وضع الآن في الدرج!!! وتساءل: مالذي سيحصل بالشركات الحدية، والشركات العاملة الآن؟؟ 

اللجنة النقابية: دار البعث تتعرض لضغوط:

رئيس مكتب عمال الطباعة والإعلام قال: إن مكتب النقابة سيستمر بجولاته على اللجان النقابية، وأضاف : أن هناك إدارات تهمل اللجان النقابية، مثل دار البعث حيث تتعرض اللجنة النقابية فيها لمشاكل مع الإدارة التي تقف في وجه تثبيت العمال، وصرف الوجبة الغذائية، وبدل اللباس. 

من غير المعقول أن تسرق أملاك الدولة، دون أن تتحرك الدولة لحمايتها:

رئيس نقابة عمال النفط أشار إلى موضوع على قدر كبير من الأهمية والخطورة حيث قال: لابد من حماية أنابيب النفط الممتدة من حمص إلى عدرا، حيث يتم التعدي عليها بشكل مستمر، وآخر حوادث التعدي المسجلة كانت في  15و20 من الشهر الرابع لعام 2008. وأضاف: من غير المعقول أن تسرق أملاك الدولة، دون أن تتحرك الدولة لحمايتها، فهذه التعديات تحدث يومياً، وآخر اقتراح تم طرحه هو وضع مركز هجانة لحماية الخطوط، والوزير يستطيع أن يعلم فورا بحالة التعدي بسبب الاختلال في ضغط الأنابيب، وهناك كميات كبيرة وهائلة تسرق. وأضاف حول موضوع المركز الوطني للزلازل: إن قانون إحداث المركز لم ينص على مستحقات العمال مثل الطبابة والكساء، حيث حُرم العمال منها.

رئيس نقابة عمال الصحة: للتفاعل مع القواعد لابد من الحفاظ على المكتسبات، وقال: إن هناك قرارات تخل بالقوانين، مثل الإجازات الساعية. وحول النقل الجماعي قال: هناك مؤسسات ستلغي النقل الجماعي. 

الحكومة متخصصة بحرق الزيادات:

رئيس نقابة عمال المصارف أشار إلى أنه في كل جلسة لابد أن ننظر في الوضع المعاشي، فقد قامت الحكومة كعادتها بحرق الزيادة من خلال الارتفاع الحاصل في أسعار أجور النقل، وارتفاع الأسعار. وحول توزيع قسائم المازوت قال: إنه لم يكن عادلاً بالنسبة لسكان المناطق الجبلية، والطلاب القاطنين في المحافظات الأخرى. 

المواطن يحتاج زيادة أخرى:

رئيس نقابة عمال الصناعات الغذائية قال: زيادة المازوت أكلت زيادة الأجور حيث يحتاج المواطن لزيادة أخرى. وفي المجال النقابي أضاف: عقدنا اجتماعات نوعية مع الإدارات، لكن طلبات اللجان النقابية لم تحقق أي مكسب، وخاصة أننا وعدنا اللجان النقابية بحل العديد من القضايا (طبيعة عمل، طبابة...الخ)، حيث أن بعض الشركات تعطي طبيعة عمل على أساس الراتب القديم، وتابع: إن عمال الخزن والتبريد دون نقل، حيث تسوف الإدارة في ذلك.

العمال قالوا: مالذي تقدمونه لنا؟:

رئيس مكتب عمال التنمية الزراعية: هناك خلل في العلاقة بين التنظيم النقابي والعمال، فماذا قدم التنظيم النقابي لعمالنا؟، قمنا بجولة على العمال، وقالوا لنا: ماذا تقدمون لنا؟... تثبيت العمال، طبيعة العمل، كل هذه المطالب هي جزء من العائق بين اللجان وعمالها، واللجان ومكتب النقابة. وحول قضية تأثر القطاع العام بزيادة أسعار المحروقات، نحن لدينا منشآت حدية وخاسرة، ستتأثر بشدة بهذا الارتفاع في الأسعار، وستكون خاسرة في العام القادم، حيث أن نسبة التكاليف قد زادت أكثر من 20 %. 

حتى الآن العمال دون رواتب:

رئيس نقابة عمال الصناعات المعدنية تحدث عن واقع عمال الصناعات الهندسية في شركة بردى، وشركة الإنشاءات المعدنية، فوصف أحوالهم بالمأساوية، والعمال إلى الآن دون رواتب، مع أنها الحد الأدنى والبديهي لأبسط الحقوق... شركاتنا خاسرة، وكل الظروف الاقتصادية تأتي ضد هذه الشركات، والسيولة لتأمين مواد أولية لشركة الإنشاءات المعدنية غير متوفرة، وهي ستتحمل غرامات التأخير بالملايين في حال عدم تأمين السيولة اللازمة لإكمال عقودها المبرمة.

وأخيراً أشار رئيس النقابة إلى غياب دور التنظيم النقابي في تقييم أداء العاملين. 

المطلوب من شركاتنا أن تؤمن المعادلة المستحيلة ؟!:

بعد انتهاء مداخلات أعضاء المجلس، قدم رئيس المجلس تعقيباً على ما طرحه النقابيون في مداخلاتهم، فقال: المطلوب من شركاتنا أن تحقق معادلة مستحيلة، وهي تأمين الرواتب للعمال، وهذا لن يتم إلا أذا أنتجت، وباعت، وربحت، وهذا مستحيل لأنه لا يوجد سيولة للمواد الأولية.

المصارف تحتاج إلى ضمانات، والضمانات غير موجودة، وعلى امتداد عشرات السنوات كانت الفوائض تذهب إلى وزارة المالية، وعلى مدى عشرات السنوات تقتطع أقساط الاهتلاك لأكثر من خمس مرات كحد أدنى.

طالبنا بإصدار القانون المالي منذ الثمانينات، حيث كانت الأوضاع المالية للشركات ماتزال جيدة، ولكن القانون صدر بعد أن أصبحت خطوط الإنتاج خردة، إن تطبيق هذا القانون الآن هو قرار بإعدام هذه الشركات، ومع الزيادة الجديدة ستصاب شركات أخرى بعدم القدرة على دفع أجور عمالها.

كنا نمني النفس بقانون إصلاح القطاع العام الصناعي، لكن وزير الصناعة قد قرر نسيان هذا القانون.

 الموضوع فعلاً بحاجة إلى قرار صريح وواضح، مالذي نريده؟ علينا أن نحدد الهدف، إما أن نغلق شركاتنا ونستريح، وإما أن نعمل بشكل جدي... يجب أن نحدد فعلا ماذا نريد.

هناك إجماع وطني على عملية التغيير, ولكن هناك جملة من الصعوبات والعقبات، وهي مثل كرة الثلج تكبر شيئا فشيئا... عندنا مشكلة بتأمين الرواتب، أيهما أبدى؟ هل أطالب بالراتب أم بالتعويضات؟! .... إن الزيادة البالغة 25 % استهلكت كلياً بارتفاع أجور النقل، حيث كان الحديث هو أن لا يجري رفع أسعار النقل بل أن يتم تخفيض الرسوم على وسائط النقل ولكن ذلك لم يحدث. 

على وقع هذه الكلمات انتهى الاجتماع الثالث لمجلس نقابات عمال دمشق.

■ ع.ي