ألا لا يجهلن أحد علينا..
ماذا تريد الإمبريالية الأمريكية من إعلان حربها على عدوها الوهمي؟.. هذا العدو الذي صنعته وغذته وضخمته منذ أوائل التسعينات وحان اليوم أوان قطافه.
ماذا تريد الإمبريالية الأمريكية من إعلان حربها على عدوها الوهمي؟.. هذا العدو الذي صنعته وغذته وضخمته منذ أوائل التسعينات وحان اليوم أوان قطافه.
لا تشير المعطيات إلى انخفاض حدة الأزمة التي تعاني منها الإمبريالية الأمريكية، وما ارتفاع أسعار النفط لتتجاوز 40 دولاراً للبرميل الواحد إلاّ مؤشر هام على ذلك، فأحد الأهداف الإستراتيجية الهامة المتوسطة المدى للعدوان على العراق كان تخفيض سعر البرميل إلى حوالي عشرة دولارات من أجل خلق الظروف المؤاتية لتنشيط دورة الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من اختناقات جدية، وأهم دليل عليها هو مراوحة سعر الفائدة إلى أرقام تتناهى حتى الصفر، والترنح الدائم لسعر صرف الدولار أمام اليورو.
أن تبقى سورية نظاماً ومجتمعاً ضمن الوضع الحالي بإحداثياته الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية، بات أمراً في حكم المستحيل، ومن يظنّ غير ذلك نعتقد أنه يعيش خارج التاريخ والواقع الموضوعي، والخلاف والصراع الدائر اليوم في سورية وحولها ليس خلافاً على التغيير بحد ذاته بل هو خلاف على اتجاهات التغيير، وأهدافه، وأدواته، بعد أن استنفدت البنية السابقة دورها التاريخي ولابد من جديد يلبي متطلبات المرحلة، أي يحقق أهداف الشعب السوري باعتباره صانع الحدث وحامل مشروع التغيير وصاحب المصلحة الأساسية فيه.
... وحسمت الإمبريالية الأمريكية الجدل الدائر في بعض الأوساط حول إمكانية تطبيق العقوبات على سورية، وتبين الخيط الأبيض من الأسود، إذ أثبتت بسلوكها أنها بصدد معاقبة كل وطني على مواقفه الوطنية، وما المجازر الأخيرة في العراق وفلسطين إلا دليل على ذلك، بل دليل على التصعيد المستمر لمعاقبة كل من لديه إرادة الدفاع عن الكرامة الوطنية، وهي تثبت بذلك أنها مستمرة بغيِِِِّها بحكم وضعها المستعصي على كل الجبهات سواء أكانت اقتصادية داخلية أو عالمية، أو كانت جغرافية في فلسطين والعراق وسورية ولبنان أو كوبا وكوريا الشمالية.
يتعرض مستوى معيشة شرائح واسعة من المجتمع السوري، والتي تعتمد على الأجور في المدينة أو على الدخول المحدودة في الريف، إلى ضغط شديد، بسبب ارتفاع الأسعار المستمر في الفترة الأخيرة.
دخل مصطلح الأزمة قيد التداول في الخطاب السياسي السوري بمضامين مختلفة تختلف باختلاف زاوية الرؤية، فهناك من يرى أن الأزمة تقتصر على التوتر الأمني والوضع الاقتصادي والاجتماعي وحالة الاستعصاء القائمة بعد انطلاق الحركة الاحتجاجية، وإذا كانت هذه الرؤية تنطوي على شيء من الحقيقة إلا أنها تظل رؤية مبتسرة، لأن الأزمة أبعد وأعمق من ذلك، بل ما نجده الآن هو نتيجة لمقدمات وتراكمات تاريخية اقتصادية اجتماعية وسياسية تتعلق بطبيعة النظام الاقتصادي- الاجتماعي وبناه الفوقية، والتطورات التي حصلت ضمن هذه البنية، أي أن ما تشهده البلاد منذ آذار 2011 هو أحد تجليات أزمة مستمرة منذ عقود خصوصاً في العقدين الأخيرين، يضاف إلى ذلك دور سلوك وذهنيّة القوى المختلفة من هنا وهناك ومساهمتها في تعقيد الموقف أكثر فأكثر بعد انطلاق الحركة الشعبية.
بعثت صحيفة «قاسيون» التوضيح التالي لصحيفة «الحياة»:
قبل أيام من الذكرى الأولى لسقوط بغداد من الداخل، وعلى أيدي الاحتلال الأمريكي، وبعد تنامي المقاومة العراقية بأشكالها الأولى، رغم كل صنوف الحرب النفسية ضدها ومحاولة تشويه صورتها، فهاهو الشعب العراقي ينتفض وينفجر بوجه الاحتلال من الموصل شمالاً إلى البصرة جنوباً، تحت شعار: «لاخيار إلا المقاومة»!
يسعى متشددو المعارضة ومتشددو النظام لإقناع الناس بأن الحل الآني الذي يقدمه كل منهما والمتمثل من جهة بإسقاط النظام، ومن الجهة المقابلة بإسقاط «المؤامرة»، كفيل بنقل سورية آلياً إلى النموذج الجديد المفترض دون تقديم أية إيضاحات عن ذلك النموذج..
إن الطريقة والعقلية التي سيصاغ وفقها الحل الآني للأزمة السورية لن تتمكن من إنجاح هذا الحل إلا في حال أرست منصة الانطلاق لبناء نموذج لاحق يقطع جذرياً مع مسببات الأزمة الراهنة. بغير ذلك فإن أي خروج من الأزمة لن يكون إلا خروجاً وهمياً ومؤقتاً يعيد إنتاجها بأشكالٍ أكثر حدة وأكبر خطورة، ومن هنا يغدو جلياً أن برنامج اليوم الأول بعد الأزمة هو المعني بتحديد طريقة الخروج منها.. كما يتم تحديد عمق ونوعية الأساسات وفقاً لارتفاع ومساحة البناء المنشود، أي أن الخروج من الأزمة يقابل البند صفر في برنامج ما بعد الأزمة.
يخطىء من يستهين بنوايا الإمبريالية الأمريكية وحليفتها إسرائيل الصهيونية فيما يخص مستقبل المنطقة وبلادنا، فهي محكومة بتوسيع رقعة مواجهاتها عبر الحرب والهيمنة هروباً من أزمتها المستعصية التي لا مخرج منها إلا باستخدام القوة على مساحة الأرض كلها.