الافتتاحية ضغوط... استعصاء... وماذا بعد؟
كما هو متوقع فإن الضغوط تزداد على سورية لمنعها من القيام بدورها الوطني المعروف في دعم المقاومة المشروعة للشعبين الفلسطيني والعراقي في مواجهتهما للإحتلال الصهيوني والأمريكي.
بل أن هنالك توجهاً واضحاً لتحويل هذه الضغوط التي كان أحد عناوينها ما سُمي بقانون محاسبة سورية، من ضغوط خارجية إلى ضغوط داخلية كي تربك الموقف السوري وتضعفه في مواجهة الاستحقاقات القادمة.
ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى أنه يخطئ من يظن أن تعقد التورط الأمريكي في العراق سيدفعه إلى الانكفاء وغض النظر عن بسط سيطرته اللاحقة على المنطقة، فكثير من المحللين يحذرون من «خطر التناذر الكمبودي» الذي دفع في حينه الامبريالية الأمريكية إلى توسيع رقعة التوتر والحرب في الهند الصينية، بعد تعقد وضعها في كمبوديا. فهل ستنشأ ظاهرة «التناذر العراقي»؟، إن الأيام القادمة ستجيب على هذا السؤال.
وفي كل الأحوال يبقى تصليب الجبهة الداخلية الضمانة الأساسية لمواجهة الأوضاع القادمة.
لذلك من المشروع طرح سؤال: هل الممانعة الواضحة في الداخل لأي اتجاه نحو الإصلاح الحقيقي، هي أحد أشكال الضغط التي تمارس ضد سورية؟.
بل أكثر من ذلك: هل الاستعصاء في القضايا الداخلية: الاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية هو هدف مطلوب بحد ذاته من قبل قوى الخارج لتجهيز المناخ للضغوطات الجديدة كي تؤتي ثمارها في إخضاع الموقف السوري وصولاً إلى تغييره، مع كل مايمكن أن يرافق ذلك من تغيير في بُنى الدولة والمجتمع التي هي هدف نهائي معلن للمشروع الأوسطي الكبير.
والواقع أن قوى الفساد المستفيدة من النهب الكبير داخل جهاز الدولة وخارجه هي القوى الأساسية في منع أي تحرك داخلي جدي وحقيقي لحل قضايا الجماهير المعاشية، مع أن كل الإمكانات والموارد متوفرة لحلها في ظل توفر الإرادة السياسية لذلك.
وبذلك يتحول النهب الكبير إلى خطر على القضية الوطنية، وهو إن كان انتشر وتشعب بشكل يصعب محاربته بقوى جهاز الدولة فقط بسبب شبكة المصالح التي بناها خلال سنين، إلاّ أن محاصرته وإضعافه ممكنة باستنهاض وتعبئة قوى المجتمع المتضررة منه.
لقد استفاد الناهبون الكبار من أوضاع سابقة سمحت لهم ببناء آليات نهبهم في ظل نسب نمو معقولة للاقتصاد الوطني، ولكنهم اليوم باستمرار آلياتهم مع انخفاض معدلات النمو إلى نسب غير مقبولة، أصبحوا ينهشون البنية الأساسية للاقتصاد الوطني، مع كل الآثار الخطيرة التي تتركها هذه العملية على المجتمع والمواطنين. لهذا تصبح مهمة الوقوف بوجههم أينما وجدوا، مهمة أساسية لنسف الممانعة وإلغاء الاستعصاء، وللتقدم إلى الأمام في سبيل تأمين كرامة الوطن والمواطن.