حسان منجه
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ليست هي المرة الأولى التي تطلب فيها وزارة الزراعة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التريث في إصدار قرار استيراد الفروج المجمد، بل سبقتها عدة تمنيات مشابهة على امتداد عام 2012، ولوزارة الزراعة رأي وتعليل في رفض السماح باستيراد الفروج المبرد
على عكس ما يتخيل كثيرون، فإن ضبط الأسواق لا يرتبط بعمل وزارة بعينها، ولا تتحمل هي وحدها وزر مسألة انفلات الأسعار، لأن فاعليتها ترتبط بعمل عدد من الوزارات، إن لم نقل بمجمل الأداء الحكومي.
تُخرِج وزارة الكهرباء ملفاتها القديمة من الأدراج، لتحيي من جديد مشروع الرفع التدريجي لأسعار الكهرباء، هذا الذي سعت إلى تمريره مرات عدة في السابق بمعية الفريق الاقتصادي ورعايته على أيام الخطة الخمسية العاشرة، معتمدة أسلوب تضخيم رقم الدعم الحكومي لهذا القطاع، وتجاهل الفاقد الكهربائي الذي يوازيه في التكلفة، ومتجاهلة تراجع استهلاك الكهرباء بشكل كبير، خلال عام الأزمة الحالي
تداولت صحف محلية مشروعاً مقدماً من هيئة تخطيط الدولة للجهات الحكومية، وهو عبارة عن مقترح لآلية رفع الدعم، ليتوضح أن نقاش رفع الدعم يدور في الدوائر الرسمية، بعيداً عن كل الاعتبارات المتعلقة بالأزمة وببقاء ما تبقى من الدعم كشكل أخير لضمانات جهاز الدولة السوري للسوريين، ونناقش المقترح المطروح من حيث إمكانية تحقيق الوفر وإيصال التعويض وبعض النقاط التي نص عليها المشروع..
تبقى معادلة الدعم الفعلي للمشتقات النفطية، والتي تُرصد من أجلها مئات المليارات من الليرات، محل انتقاد وشك من أغلب الخبراء الاقتصاديين، خاصة في ظل الغموض والتكتم الكبير على حقيقة تكلفة انتاج هذه المشتقات محلياً.
اعتاد الناس على نفسية الموظف السوري في الدوائر الرسمية، هذه الهيئة الشكلية التي يرتاح لمجرد رؤيتها المراجعون المستمتعون بخوض تجربة التنزه بين مكاتب الدوائر الرسمية، والذين يصرّون بعد انتهاء معاملتهم «بخير وسلامة» على تكرار هذه الرحلة السعيدة في معاملات أخرى، على أن تكون أكثر إسعاداً بالتأكيد، وذلك بفضل الملاطفات التي يُستقبلون بها أثناء تنقل معاملتهم بين هذه المكاتب أو الدائر.
تلويح جاء على لسان مصادر مُجهلة في شركة المحروقات عن وجود مقترح لرفع سعر المازوت مجدداً أسوة بأسعار دول الجوار بعد إنجاز آلية الدعم، في محاولة للقضاء على ظاهرة التهريب، وهو ما لا نستغرب حصوله، لأن حكومتنا الحالية امتهنت ردات الفعل كأسلوب لعملها، هذه الردات التي لا تصلح أساساً كأسلوب للحياة الخاصة، فكيف سيكون صداها ونتائجها في المحصلة إذا ما اعتمدت كآلية للتخطيط والتنفيذ الحكومي على مستوى البلد؟! فالمصادر إذا ما صدقت في تسريباتها، فستحل كارثة على السوريين والاقتصاد معاً..
أن تعجز وزارة الزراعة في بلد كتركمانستان عن تحقيق المستهدف من إنتاج القمح لعام واحد فقط، وتحقيقها 82% من الخطة الإنتاجية لعام 2011، فهذه جريمة تقابل بعزل وزير الزراعة، وإقالة عدد كبير من مسؤولي الوزارة المحليين في شتى أنحاء البلاد، لكن تدمير قطاع زراعي بأكمله على مر سنوات في سورية، وتراجع إنتاج القمح بنسبة تتراوح بين 30 -50% على امتداد أعوام عدة، فهذا إنجاز يكافأ عليه وزراء الزراعة بتعيينهم رؤساء حكومات لحكومات متعاقبة، وهذه مفارقة لم يكن لأحد أن يتخيلها، إلا أنه سمعها ولمسها واقعياً في بلد يعتبر فيه المسؤول على صواب دائماً، فكل ما يقوله صحيح، وتحميله الجفاف وزر تراجع إنتاجية أهم قطاع اقتصادي أمرُ أقل من طبيعي، وعلى الجميع تصديقه، ونشر مقولته كالوباء بين المتابعين، أليس في ذلك جريمة اقتصادية كبرى تجاهل القانون وضع عقاب لها ؟! فلمَ يستباح الأمن الغذائي للسوريين دون محاسبة أو رقابة؟!
كثرت التقارير الإعلامية التي تحدثت عن الارتفاع الجنوني للأسعار خلال الأزمة، فالبعض قال بارتفاع أسعار المواد الكهربائية بـ 130%، واعترفت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في تقرير لها بارتفاع أسعار المواد الأساسية بنسبة 125% تقريباً، أما واقع حال الأسواق، فيتحدث عن ارتفاع بالأسعار يتجاوز الـ 200%، إلا أن تصريحات أحد مسؤولي الوزارة تدل على انفصاله عن الواقع الفعلي، ودفاعه عن كبار التجار فقط، وتحميل الصغار منهم مسؤولية التلاعب في الأسعار، فهل من مبرر لهذا الدفاع من جانب مسؤول يفترض به أن يعمل على حماية المستهلك؟!
لا يختلف متابعون على أن الأزمات التي تركتها الحكومة السابقة، هي من يجب أن تتربع سلم أولويات وجدول أعمال الحكومة الحالية، و»النق» لا ينفع على هذا الصعيد، فتذرّع البعض بأنه غير مسؤول عن أزمات افتعلتها حكومة سابقة لا يعفيه من أولوية حلها، فالسوريون لا يعنيهم من افتعل الأزمات السابقة بقدر ما يشغل هواجسهم تأمين حاجاتهم الأساسية، وهذا حق لهم، وواجب على الحكومة تأمينه، والقول بافتعال الأزمات السابقة يتطلب محاسبة كبار الضالعين فيها، بدلاً من تحميل السوريين بأغلبهم وزّر نتائجها، وقد يعتبر هذا هجوماً استباقياً على الحكومة الجديدة، إلا أن «الاحتياط واجب»..