استيراد الفروج المجمد لن يدمّر قطاع الدواجن...

استيراد الفروج المجمد لن يدمّر قطاع الدواجن...

ليست هي المرة الأولى التي تطلب فيها وزارة الزراعة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التريث في إصدار قرار استيراد الفروج المجمد، بل سبقتها عدة تمنيات مشابهة على امتداد عام 2012، ولوزارة الزراعة رأي وتعليل في رفض السماح باستيراد الفروج المبرد

فمصادرهم تتحدث عن أسعار مقبولة للفروج الحي في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، كما يدعون بضرورة التريث لتشجيع المنتجين الذين يكافحون في هذه الظروف الصعبة، فالقضية بحسب وزارة الزراعة تختصر بالخوف على منتجين محليين يؤمنون حاجة السوق منذ 40 عاماً، وإذا ما جرى استيراد الفروج، فإنه سيفتح باباً من الصعب إغلاقه أبداً في المستقبل، فالتريث هو لحماية المنتج والمستهلك أيضاً، وفي هذا التشخيص المبدئي ما هو ضروري ومطلوب لحماية الإنتاج الوطني، ولكن التشخيص الأولي للمعطيات التي بين أيدينا لا توصلنا إلى تلك النتائج..

«الضرورات تبيح المحظورات»

لسنا مع الاستيراد إذا ما كان الهدف منه إغراق السوق المحلية بالفروج على حساب المنتج الوطني، إلا أن ضرورات الاستيراد تحتمها حاجة السوق الداخلية، تلك الحاجة التي يفترض بها أن تبنى على حسابات دقيقة في كميات الإنتاج والاستهلاك، وعلى أساسها تؤخذ قرارات الاستيراد، إلا أن الحديث عن حماية المنتج المحلي في ضوء المعطيات الحالية ما هو إلا «حق يراد به باطل»، فلسان حال الأسواق يؤكد تراجع نسبة العاملين في مجال تربية الدواجن بما لا يقل عن 50%، أي أن هذه النسبة لا تغطي حاجة السوق الداخلية، أي أن هناك اختلالاً في معادلة العرض والطلب من الفروج، وهو ما يساهم في زيادة أسعار الفروج في السوق المحلية بشكل حاسم، ولذلك فإنه من الطبيعي تعويض النقص المعروض من مادة الفروج عبر الاستيراد، وهذا ما تلجأ إليه الدول عادة في مثل هذه الحالات، ولكن على أمل أن يساهم السماح بالاستيراد في تخفيض أسعار الفروج لزيادة المعروض بطبيعة الحال، وإلا فإن لا غاية من الاستيراد إن لم يكن يهدف إلى سد الفجوة بين حاجة السوق والإنتاج المحلي من مادة الفروج من جهة، وانخفاض الأسعار من جهة أخرى، ولا نخفي في كل الأحوال، هاجس الصلاحية والنوعية التي يمكن أن تكون الأولوية عند استيراد الفروج المبرد، خوفاً من الوقوع في مصيدة صفقة من الفروج منتهية الصلاحية كما يجري في بعض صفقات الاستيراد على حساب المستهلك السوري، فالاستيراد لا يفترض به أن يكون غاية بحد ذاته، وإنما هو خطوة تهدف إلى سد النقص الحاصل في السوق المحلية، أو تخفيض في أسعار الفروج لوجود نقص في المعروض بالأسواق الداخلية..

قرار غير استثنائي

ومن جهة أخرى، فإن هذه ليست المرة الأولى التي نستورد فيها الفروج المبرد، على الرغم من عدم تفضيله من حيث المبدأ إذا ما وجد البديل المحلي، بل إن سورية استوردت نحو 100 طن خلال عام 2009، و3000 طن عام 2010، و500 طن في عام 2011، و4000 طن خلال عام 2012، فالاستيراد في أعوام (2009 و2010 و2011) كان أمراً واقعاً، على الرغم من وجود الإنتاج المحلي الكافي من الفروج في حينها، وعدم خروج عدد من المربين كما هو حاصل الآن، وعلى الرغم من تصدير سورية في عام 2009 نحو 8809 طن من الدجاج المبرد والمجمد، و8294 طناً في عام 2010، و700 طن في 2011، فما هو مبرر مخاوف وزارة الزراعة إذا ما كانت «أيدي تجارنا أخذت عالاستيراد»؟!...

إن قرار السماح بالاستيراد لن يغرق الأسواق، فالاستيراد سيكون على شكل دفعات بمقدور السوق امتصاصها واستهلاكها، خاصة وأن السوق بحاجة إلى هذه المادة، وخير دليل على ذلك هو خروج أكثر من نصف المربين من الإنتاج، والذي يعني بالمحصلة النهائية انخفاض إنتاج الفروج بشكل كبير، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار محلياً، وهذان المعطيان يؤكدان اختلال العرض من هذه المادة مقارنة بالطلب، وقولنا هذا ليس ادعاء، وإنما يستند إلى معطيات واقعية تثبت ما قلناه..

وإذا ما أتى أحد ليستنكر السماح بالاستيراد دفاعاً عن المنتج الوطني، فله نقول، إن مثل تلك القرارات الاستثنائية والمرحلية لن تُدمّر قطاع الدواجن، كما أن هذه ليست المرة الوحيدة والأولى التي نستورد فيها الفروج من دول العالم، بل إن المصيبة الكبرى كانت في أيام الرخاء والإنتاج الوفير، والتي جرى خلالها استيراد الفروج، فلا ضير في استيراده، ونحن نعاني من خروج جزء كبيرٍ من المربين من دائرة الإنتاج..