شرائح الاستهلاك الأدنى.. هدف لمقترح حكومي

شرائح الاستهلاك الأدنى.. هدف لمقترح حكومي

تُخرِج وزارة الكهرباء ملفاتها القديمة من الأدراج، لتحيي من جديد مشروع الرفع التدريجي لأسعار الكهرباء، هذا الذي سعت إلى تمريره مرات عدة في السابق بمعية الفريق الاقتصادي ورعايته على أيام الخطة الخمسية العاشرة، معتمدة أسلوب تضخيم رقم الدعم الحكومي لهذا القطاع، وتجاهل الفاقد الكهربائي الذي يوازيه في التكلفة، ومتجاهلة تراجع استهلاك الكهرباء بشكل كبير، خلال عام الأزمة الحالي

اقتراحات

تداول الإعلام مقترح مقدم للحكومة أخطر ما ذكر فيه تغيير أسعار شرائح الاستهلاك المنزلي الأربع الأولى، والإبقاء على أسعار بقية الشرائح كما هي دون تغيير ما يحقق إيراداً إضافياً قدره 3.03 مليار ل.س تقريبا..مع العلم أن الشرائح الأربع الأولى هي الشرائح الأقل استهلاكاً، والتي من المفترض أن يحمّل استهلاكها على المستهلكين القلة لكميات كبيرة من الاستهلاك المنزلي للكهرباء.

مجمل الإيرادات الإضافية التي سيحققها تنفيذ المقترحات «الواعدة» في حال تمت الجباية بشكل كامل تبلغ نحو 12.12 مليار ليرة، وبما سيخفض العجوزات في هذا القطاع بنسبة 5% فقط بحسب تصريح وزارة الكهرباء، على حين أن هذه الإيرادات ستنخفض إلى 50% في حال أعاقت الظروف عملية الجباية.

المستهلك النهائي هو المتضرر

قد ينظر البعض إلى المليارات سابقة الذكر على أنها وفر يستحق إقرار تلك القرارات بأسرع ما يمكن، إلا أن المتحمسين لمثل هذه الطروحات لم يتساءلوا من سيتحمل تبعات هذه الاقتراحات إذا ما تم إقرارها، عدا عن المستهلك النهائي، فرفع تكاليف الصناعة المطروحة في اقتراح الحكومة الثاني سيرفع تكلفة إنتاج طن الإسمنت بنحو 245 ل.س، وهذه ليست بالزيادة الكبيرة إلا أن المستغرب ما المنهجية في اتباع هذه القطاعات تحديداً، ولماذا لا يبحث في زيادة تكلفة الصناعات بناء على حجمها أو أرباحها، مع العلم أن استهلاك القطاع الصناعي تراجع بشكل كبير خلال المرحلة الحالية..؟!

الهجوم على مستحقي الدعم الفعليين

الأهم، هو المقترح الرابع، الذي سينعكس بشكل مباشر في زيادة أسعار فواتير الكهرباء على مستهلكي الطاقة من ذوي الدخل المحدود، وبما لا يخدم عملية ترشيد استهلاك الطاقة التي تدعي الوزارة تبنيها في مثل هذه الحالات، وإلا لكانت فرضت زيادة على أسعار شرائح الاستهلاك المرتفعة، فرفع أسعار الشرائح الأربع الأولى من الاستهلاك المنزلي، سيشمل كل من يعادل استهلاكه في الفاتورة الواحدة نحو 600 ك.و.س، وهذا لا يمكن اختزاله بـ 185 ل.س حسب الشرائح السابقة الذكر، لأن الفاتورة لا ترتبط بهذا الحجم من الاستهلاك لما يضاف عليها من رسوم توصل رقمها إلى الضعف في المحصلة، أي أن قيم الفاتورة النهائية ستصل إلى 400 ل.س، ولهذا سيمس القرار أغلبية المستهلكين المنزليين بشكل مباشر، فالدخول المنخفضة تنعكس على أنماط استهلاك الكهرباء في الغالب (دخل منخفض استهلاك منخفض من الكهرباء بالضرورة)، ولهذا، فإن الاجراء المقترح لن يخدم فرضية إيصال الدعم إلى مستحقيه، لأن هذه الشريحة من المستهلكين هم من يستحقون الدعم بالأساس، ولذلك يجب الإبقاء على أسعار الشريحة الدنيا للاستهلاك دون تغيير، لا بل يجب توسيع تلك الشريحة إلى المستوى الذى يغطى متوسط الاحتياجات الأساسية..

تساؤل للمرة الالف؟!!

للمرة الألف، سنسأل وزير الكهرباء، هل له أن يخبرنا عن حقيقة تكلفة الكيلو واط الساعي في سورية؟! فعلى الرغم من تراجع الإنتاج المحلي من مستلزمات القطاع من الوقود وتوقف أشكال التوليد الأخرى، إلا أن عملية رفع الأسعار تقتضي الوضوح في تكلفة الإنتاج، لعل البحث عن تخفيف العجوزات يكمن في طريقة الحساب أو في تضخيم التكاليف.. وذلك بناءً على حسابات وزير الكهرباء، متناسين أنه عندما يجري الاحتجاج بالعجز أو بالتكاليف الباهظة للدعم، فإنه يجب البناء على التكلفة الحقيقية للإنتاج بدلاً من التكلفة المبنية على أسعار مدخلات عالمية، فلما يصر المسؤولون في القطاع الكهربائي على التلطي خلف الأسعار العالمية لتبرير إصدار قرار محلي أو لتسويغ الهجوم على الدعم وعلى مكتسبات السوريين؟!..