فاسدو المحروقات: الدعم ضمانتنا!
تبقى معادلة الدعم الفعلي للمشتقات النفطية، والتي تُرصد من أجلها مئات المليارات من الليرات، محل انتقاد وشك من أغلب الخبراء الاقتصاديين، خاصة في ظل الغموض والتكتم الكبير على حقيقة تكلفة انتاج هذه المشتقات محلياً.
وفي ظل التراجع الكبير باستهلاك المشتقات النفطية في عام 2012 بنسبة تصل إلى %30 تقريباً، ومن المرجح أن يستقر الاستهلاك في عام 2013 عند هذا المستوى من التراجع بحسب المعطيات والمؤشرات، خاصة في ظل الفقدان شبه الكامل لمادتي المازوت والبنزين من الكازيات في مناطق متعددة منذ بداية العام الجاري.
أي أن معادلة الاستهلاك ستحافظ على حالها في أحسن الأحوال، إذا لم يطرأ تغيير جدي في واقع توفر المادة في الأسواق في الأشهر القادمة.
لم تستهلك البلاد من المازوت سوى 4.7 مليار ليتر بعام 2012 في ظل الظروف الحالية بحسب مدير «سادكوب». حيث تم إنتاج %60 منها محلياً، وهذا يعني أن الدعم الإجمالي على مادة المازوت في ظل الأسعار الحالية لن يتجاوز 11.8 مليار ليرة، إذا ما اعتمدنا 37.5 ليرة كسعر تكلفة وسطية بين الكميات المستوردة من المازوت والمنتجة محلياً بحسب إحدى الدراسات.
أما إذا أخذنا تقديرات دراسات أخرى، والتي حددت السعر بـ (42 ل.س)، وذلك بعد ارتفاع تكلفة النقل في الظروف الحالية، فإن إجمالي الدعم لن يتجاوز 33 مليار ليرة خلال العام بأكمله..
أن يكون متوسط تكلفة ليتر المازوت على الخزينة العامة 42 ل.س، على اعتباره متوسط تكلفة الليتر بين المستورد والمنتج محلياً. يعني أن هناك 152 مليار ليرة، هي تكلفة استيراد 1.9 مليار ليتر من المازوت، على أساس 80 ل.س لكل ليتر، ليبقى من الفاتورة الإجمالية 45 مليار ليرة تتوزع على 2.8 مليار ليتر منتج محلياً، مما يعني أن تكلفة الليتر لن يتجاوز في هذه الحالة أكثر من 16 ل.س..
وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن تكلفة تكرير البنزين في المصافي السورية أكبر من المازوت بحسب مديرية «سادكوب»، فإن مبيع الليتر في السوق المحلية بنحو 55 ل.س سيغطي التكلفة بالحد الأدنى، أي ليس هناك من دعم للبنزين في هذه الحالة، إذا لم نقل أن البنزين سيحقق فوائض مالية كبيرة في هذه الحالة، في ظل غياب الرقم الحقيقي للتكلفة الفعلية لإنتاج البنزين، خاصة أن الإنتاج يغطي كامل حاجة البلاد من البنزين، ولا يجري استيراد أي ليتر من الخارج..
تشير مديرية «سادكوب» إلى أن الشركة السورية للنفط تبيع المصافي بالسعر العالمي، لتقوم المصافي بدورها، ببيعه لمديرية محروقات بالسعر العالمي، ولهذا تتحمل «سادكوب» في هذه الحالة أعباء الدعم، وهذا يعني أن ما يقدم من دعم أسمي من المؤسسة لا يعبر عن حقيقة الدعم الفعلي على المستوى الكلي، لأن الشركة السورية للنفط ستكون رابحة في هذه الحالة، فتكلفة إنتاج برميل النفط محلياُ أقل بكثير من السعر الذي يباع فيه للمصافي، فهو يباع بنحو 100 دولار، بينما يكلّف إنتاجه في أحسن الأحوال 30 دولاراً، والفارق ينسحب على عشرات ملايين من البراميل المنتجة محلياً، والتي تعتبر بمثابة فوائض مالية يتم حسابها على كونها من أساس الدعم، وهذا يضع علامات استفهام وتساؤلات حول حقيقة أرقام الدعم الفعلية على المشتقات النفطية؟! وذلك مقارنة بما يجري رصده في الموازنة العامة للدولة، والمقدرة بــ 195 مليار ليرة.