شؤون «فوق» الطلاب

شؤون «فوق» الطلاب

اعتاد الناس على نفسية الموظف السوري في الدوائر الرسمية، هذه الهيئة الشكلية التي يرتاح لمجرد رؤيتها المراجعون المستمتعون بخوض تجربة التنزه بين مكاتب الدوائر الرسمية، والذين يصرّون بعد انتهاء معاملتهم «بخير وسلامة» على تكرار هذه الرحلة السعيدة في معاملات أخرى، على أن تكون أكثر إسعاداً بالتأكيد، وذلك بفضل الملاطفات التي يُستقبلون بها أثناء تنقل معاملتهم بين هذه المكاتب أو الدائر.

هذا جزء من صورة الحلم الذي يراود المواطن السوري في اليوم الذي يحتاج فيه لتسيير معاملة بإحدى الدوائر الرسمية، فيستفيق في الصباح متفائلاً بالخير دون أن يجده في هذه الدوائر بالتأكيد، لأنه سيجد معاملة مغايرة تماماً لتلك التي أُجبر على الحلم بها ليلاً، وبذلك يتفادى الاكتئاب الذي سيلاحقه يوماً آخر يضاف للأيام التي ستقف فيها معاملته في هذا الدرج أو ذاك دون مستجيب.

واقع مغاير، اعتاد السوريون على مشاهدته، أو التعامل معه، لأنهم مجبرون على تحمله لا أكثر، ولا بديل أمامهم غيره، هذا السلوك «الموظفي» - وبعيداً عن اللباقة- لا يترك بداخل أي منا إلا حالة من «القرف» التي تعتريه عند مراجعة إحدى الدوائر الرسمية، لكن المشكلة اليوم هي في انتقال هذه العدوى، أو «النفسيات الحامضة» إلى الموظفين بقطاع التعليم الجامعي، وهذا شيء معيب بالتأكيد.. فالإداريون الجالسون على مكاتب شؤون الطلاب، أو في الدوائر الامتحانية، أو غيرها من المكاتب المخصصة لبحث قضايا الطلاب، والوقوف على مشاكلهم، باتوا اليوم عبئاً على أنفسهم، وعلى الطلبة أيضاً، فهؤلاء الموظفون باتوا يدفعون الطالب الباحث عن إجابة لتساؤلاته، أو حلاً لمشكلته إلى الهروب قسراً، أو الكيل بالشتائم على هذه الجامعة التي وضعتهم ميسّراً لشؤون الطلاب وليس معرقلاً لها.

فمن الطبيعي اليوم، أن يقرر طالب ما الدخول إلى مكتب العميد أو نائبه، وسيحظى - الطالب - بلقائه بعد انتظار قد يمتد لعشر دقائق أحياناً، لكن من الصعب، إن لم نقل أنه من المستحيل أن يحصل – هذا الطالب - على إجابة واحدة مفيدة من أغلب مكاتب شؤون الطلاب في جامعة دمشق أو غيرها من المكاتب التابعة للجامعة، لأن الموظف يأتيك بإجابة مختصرة، لا يفهمها هو في أغلب الأحيان، فكيف بالطالب الباحث عن إجابة شافية لقضيته أو حلاً أو استدلالاً لمشكلته؟!..

ألا تتطلب هذه المشكلة حلاً سريعاً، ورقابة جدية من جانب إدارة الجامعة على موظفيها، هذه الرقابة المتمثلة بالفحص العاجل والسريع لنفسياتهم، وأساليب تعاملهم مع الطلبة بالدرجة الأولى، ليكونوا الوجه المشرق، وخير ممثل لجامعة دمشق العريقة، بدلاً من كونهم إحدى الحلقات المظلمة التي ما فتئت تطغى عليها في السنوات الأخيرة؟