محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أثار قرار وزارة الاقتصاد والصناعة «إلغاء شرط وثيقة تسجيل العمال بالشؤون الاجتماعية عند التسجيل بالغرفة أو تجديد الاشتراك» جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية بسبب تحيزه الواضح لأرباب العمل معللة القرار بأنه لتسهيل إجراءات التسجيل في غرفة التجارة ويمكن بعد التسجيل والموافقة تسجيل من يرغب بتسجيلهم من العمال أي إن تسجيل العمال لا يخضع لقانون أو شرط ملزم لأرباب العمل بل يخضع لإرادة رب العمل إذا كان يريد تسجيل العمال بمؤسسة الشؤون الاجتماعية والعمل أو ينسى الموضوع ويبقى العمال معلقة حقوقهم التأمينية بالهواء ولا ضامن لها وسيخسرونها في حال تعرضهم لإصابة عمل أو تسريح من العمل.
يرتفع مستوى الحراك العمالي في العالم، وخاصة في الغرب وأمريكا، من خلال أشكال متعددة من الممارسة على الأرض (مظاهرات - إضرابات - اعتصامات...إلخ) يقوم بها العمال، وذلك استناداً إلى مستوى الحريات السياسية والديمقراطية النسبي السابق، والذي يتغير الآن، وإلى درجة التنظيم وقوة الحركة النقابية الجديدة، التي تتكون في مجرى الصراع الدائر مع قوى النهب من أجل انتزاع حق الطبقة العاملة في التعبير بالطرق والأشكال التي يعبر فيها العمال عن مصالحهم وحقوقهم، وفي مقدمتها حقهم في توزيع عادل للثروة التي ينهبها لصوص القيمة الزائدة، مدعومين بقوانين تثبت لصوصيتهم وتجعل حياة العمال في أسوأ حالاتها، وغرباء عن إنتاجهم المجبول بعرقهم ودمائهم.
يحلو للبعض، أن يصوّر النجاح الواسع الذي حققه الفضاء الإلكتروني «مواقع الإنترنت وفيس بوك» في الصلة مع الحركة الجماهيرية، أو قطاعات مهمة منها وتعبئتها، بأنه بديل للإطار التنظيمي «الأحزاب والنقابات»، وأنها يمكن أن تلعب الدور الذي كانت تلعبه تلك الأحزاب بصلتها المباشرة مع الحركة الجماهيرية، وخاصة الطبقة العاملة، وهذه الفكرة التي يحاول الكثيرون الترويج لها، في ظل التجارب الناجحة التي تم استخدامها في الدعوة للاحتجاجات، أو الاعتصامات، أو للإضرابات عبر «فيس بوك» وغيرها من القضايا المتصلة بالنشاط الجماهيري والعمالي، لا يمكن أن تكون كما يُراد لها بأنها «بديل»، بل هي إحدى الأدوات الهامة الإضافية التي يمكن استخدامها من أجل إيصال ما يُراد إيصاله.
من المؤكَّد أنّ الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوَّة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حالة قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملِين بأجر، ويعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيَّين: ناهبِين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
تنتفض المعمورة من أقصاها إلى أقصاها مع نزول العمال إلى الشوارع في الأول من أيار، رافعين راياتهم، وقبضاتهم القوية، ووجعهم المزمن الذي تجدده كل يوم آلة النهب الرأسمالي لقوة عملهم التي لا يملكون سواها من أجل أن تستمر دورة حياتهم، إذ يبقى الرأسمال متربعاً على عرشه.
منذ سقوط النظام واستلام زمام الأمور من قبل حكومة تصريف الأعمال كانت الخطوات الأولى لهذه الحكومة هي إعادة النظر بواقع العمال السوريين من حيث هيكلة وجودهم في أماكن عملهم وهذه الهيكلة أو إعادة الترتيب من وجهة نظر الحكومة السابقة التخلص من فائض العمالة وخاصة أولئكَ العمال المعينون على أساس أبناء الشهداء أو زوجاتهم. وطالت هذه الإجراءات كل مواقع العمل الإنتاجية منها والخدمية والتعليمية حتى بتنا أمام كارثة حقيقية مست مئات ألوف الأسر التي أصبحت بلا مورد تعتاش منه، رغم ضآلة تلك الموارد التي كانوا يحصلون عليها.
من المؤكَّد أنَّ فرصَ العمل والأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوّة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، تحسيناً يتناسب مع غلاء الأسعار التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حاله قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ما يعني تعزيز انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
قبل العيد بأيّام يدور الحديث المعتاد بين العائلات: ماذا سنشتري وماذا سنحضر؟ وكل النقاشات المطوَّلة التي تجري بهذا الخصوص تنتهي، ويصمت الجميع أمام الحال العسير الذي يعيشونه وأمام الواقع المرير الذي يصدمهم في كلّ مطلب من مطالبهم التي يحتاجونها، وأمام أطفالهم الذين يحلمون بلباس جديد للعيد ويحلمون بـعيديّة تمكنهم من اللعب واللهو في تجمّعات العيد. إنها مطالب بسيطة لحياة الفقراء المُعاشة، ولكنْ المعقَّدة جداً، بسبب ضعف الحال وخلوّ جيوبهم من أية إمكانية حقيقية لتلبية تلك المطالب.
يتبين الصراع الآن ويتوضح أكثر بين رأس المال وقوة العمل، في المعارك الطبقية الدائرة رحاها في الساحات الأوروبية، من أجل كسر حالة الاستغلال التي يمارسها رأس المال، على طريق إزالته في حال توفرت الظروف والعوامل المُواتية لعملية الإزالة تلك. وأهمها وجود قوى ثورية قادرة على رؤية المتغيرات الجارية في ميزان القوى على كلّ الأصعدة، وبالتالي وضع برامجها على أساس تفسير صحيح للواقع من أجل تغييره.