محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
إذا قمنا بمتابعة لواقع الطبقة العاملة وما قُدِّمَ باسمها من مطالب خلال المؤتمرات النقابية التي عقدت في بداية هذا العام، وما قُدِّمَ من مذكّرات سطّرتها اجتماعات المجلس العام لنقابات العمال، نجد أن تلك المطالب لم يتغير من أمرها شيء، وفي مقدّمتها تحسين الوضع المعيشي للعمال الذي أصبح في أسوأ حالاته، حتى بعد الزيادة الأخيرة على الأجور، والوعود المتكررة بتحسين الوضع الإنتاجي، الذي يتراجع تراجعاً خطيراً تكاد تفقد فيه الصناعة كلَّ مقوّمات استمرارها، فما بالك بتطوّرها، وما زاد الطين بلة توجهات الحكومة الجديدة المعلنة بما يتعلق بإعادة هيكلة القطاع العام.
قدّمت الحكومة برنامجها وتوجهاتها التي ستعمل على أساسها في المرحلة المقبلة بالنسبة لشركات قطاع الدولة الصناعي والإنشائي. وهذا التقديم جاء قبل انعقاد الاجتماع الذي تم في الأسبوع الماضي بين الحكومة وقيادة الحركة النقابية ممثلة بمكتبها التنفيذي.
يتبين الصراع الآن ويتوضح أكثر بين رأس المال وقوة العمل في المعارك الطبقية الدائرة رحاها في الساحات الأوروبية، من أجل كسر حالة الاستغلال التي يمارسها رأس المال، على طريق إزالته في حال توفرت الظروف والعوامل المُواتية لعملية الإزالة تلك، وأهمها وجود قوى ثورية قادرة على رؤية المتغيرات الجارية في ميزان القوى على كل الأصعدة، وبالتالي وضع برامجها على أساس تفسير صحيح للواقع من أجل تغييره.
من المؤكد أن فرص العمل والأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حاله قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ما يعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
يعاني الحرفيون المنتشرون في الأحياء والبلدات، وبمختلف مهنهم، الكثير من الصعوبات في تأمين لقمة عيشهم وتأمين متطلبات أطفالهم وأولادهم صغاراً وكباراً. والمعاناة التي نتحدث عنها هي مرويّة على ألسنة أصحابها، وهم الأصدق في معرفة أحوالهم المعيشية والمهنية التي يتعرضون لها مع مطلع كل نهار. جرى حديث معهم في ورشهم وقالوا الشيء الكثير الذي سنذكر بعضه، والذي يلخّص حصيلة قهرهم الذي يعيشون فيه.
تعرَّض العمالُ السوريّون منذ بداية الأزمة إلى كوارث حقيقية مسّت كيانهم وجعلتهم يَهيمون على وجوههم في أركان الأرض، يبحثون فيها عن مأوى لهم ومكانٍ للعمل، من أجل أن يستمروا بحياتهم وعائلاتهم معهم بعد أنْ تهدّدت تلك الحياة بكلّ أشكال التهديد، والتي أقلّها تأمين ما يحتاجونه بحدّه الأدنى الذي كان يُؤمَّنُ معهم بصعوبة بالغة وتزداد الصعوبة الآن أكثر.
ترتفع وتيرة التصريحات التي يطلقها المسؤولون عبر وسائل الإعلام المختلفة، بتحسين الوضع المعيشي لعموم الفقراء إنْ سمحت الموارد بذلك، ومنهم العمال، عبر أشكال من الاقتراحات، منها خفض الأسعار وتعديل التعويضات المختلفة للعمال ومتممات الأجور، وتعديل قانون الحوافز الإنتاجية. وجرى التشديد على ذلك من قبل النقابات في اجتماع مجلسها الأخير وفي المذكرات التي أرسلتها للحكومة السابقة. ولكن لم يَنلِ العمالُ من كل تلك الجهود المتواضعة التي قامت بها النقابات أيَّ شيء يذكر، وبقي الحال على ما هو، بل أخذ يسير نحو الأسوأ، وبقيت الأمور في إطار القول لا الفعل، لأنّ القاعدة الإنتاجيّة الأساسية التي يمكن أن تغيّر واقع العمال إلى حالٍ أفضل، أي المعامل، مصابةٌ بالشلل أو التعطّل سواء في القطاع العام أو الخاص، فكلاهما تتدهور أوضاعهما.
إنّ الأزمة السورية بكل تفاصيل تطوراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مدار بحث ونقاش دائمين في المجالس والاجتماعات كافّة، وهذا طبيعي وضروري من حيث الفرز وتبلور الرؤى والمواقف تجاه المخارج والحلول المطروحة من القوى السياسية والاجتماعية، ومنها الحركة النقابية السورية، التي تدور بعض الحوارات داخلها، وتكشف عن مواقف ما تزال في طور التكوّن، والتبلور متجاوزةً ما يُطرَح في الحركة النقابية.
وفقاً لقرار المكتب التنفيذي تمّ تحديد موعد الانتخابات النقابية للدورة الثامنة والعشرين بداية الشهر العاشر من هذا العام، وتمت الموافقة على إجراء الانتخابات من قبل المجلس العام الذي عقد جلساته الأسبوع الفائت.
دعا المكتب التنفيذي لنقابات العمال في جلسته الأخيرة المعتادة كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع إلى عقد جلسة للمجلس العام للاتحاد يومي الإثنين والثلاثاء بتاريخ 16-17/9/2024، وقد يكون الاجتماع الأخير للمجلس الحالي قبل الانتخابات النقابية المزمع عقدها قريباً وسيكون حضور الحكومة الأخير أيضاً.