محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
منذ سقوط النظام واستلام زمام الأمور من قبل حكومة تصريف الأعمال كانت الخطوات الأولى لهذه الحكومة هي إعادة النظر بواقع العمال السوريين من حيث هيكلة وجودهم في أماكن عملهم وهذه الهيكلة أو إعادة الترتيب من وجهة نظر الحكومة السابقة التخلص من فائض العمالة وخاصة أولئكَ العمال المعينون على أساس أبناء الشهداء أو زوجاتهم. وطالت هذه الإجراءات كل مواقع العمل الإنتاجية منها والخدمية والتعليمية حتى بتنا أمام كارثة حقيقية مست مئات ألوف الأسر التي أصبحت بلا مورد تعتاش منه، رغم ضآلة تلك الموارد التي كانوا يحصلون عليها.
من المؤكَّد أنَّ فرصَ العمل والأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوّة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، تحسيناً يتناسب مع غلاء الأسعار التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حاله قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ما يعني تعزيز انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
قبل العيد بأيّام يدور الحديث المعتاد بين العائلات: ماذا سنشتري وماذا سنحضر؟ وكل النقاشات المطوَّلة التي تجري بهذا الخصوص تنتهي، ويصمت الجميع أمام الحال العسير الذي يعيشونه وأمام الواقع المرير الذي يصدمهم في كلّ مطلب من مطالبهم التي يحتاجونها، وأمام أطفالهم الذين يحلمون بلباس جديد للعيد ويحلمون بـعيديّة تمكنهم من اللعب واللهو في تجمّعات العيد. إنها مطالب بسيطة لحياة الفقراء المُعاشة، ولكنْ المعقَّدة جداً، بسبب ضعف الحال وخلوّ جيوبهم من أية إمكانية حقيقية لتلبية تلك المطالب.
يتبين الصراع الآن ويتوضح أكثر بين رأس المال وقوة العمل، في المعارك الطبقية الدائرة رحاها في الساحات الأوروبية، من أجل كسر حالة الاستغلال التي يمارسها رأس المال، على طريق إزالته في حال توفرت الظروف والعوامل المُواتية لعملية الإزالة تلك. وأهمها وجود قوى ثورية قادرة على رؤية المتغيرات الجارية في ميزان القوى على كلّ الأصعدة، وبالتالي وضع برامجها على أساس تفسير صحيح للواقع من أجل تغييره.
تعيش الطبقة العاملة والعاملون بأجر، وكذلك عموم فقراء الشعب السوري العنيد، حالة كارثية من تدهور أوضاعهم المعيشية، وتزداد كارثية أوضاعهم أكثر جرّاء مجمل القرارات التي صدرتْ تباعاً، والقاضية بتسريح العمال والموظفين وإعطاء قسم كبير منهم إجازات قسرية لمدة ثلاثة أشهر وبعدها يخلق الله ما لا تعلمون.
يتطور النضال العمّالي والنقابي سريعاً، وتتوضح معالمه في أوروبا وأمريكا خاصة مع اشتداد الأزمة الرأسمالية والتغيّر في ميزان القوى السياسي والعسكري والاقتصادي وتطوره باتجاه السياسي والاجتماعي، وهذا يوضح بداية تشكل وضع ثوري تُبنَى أدواته، ومنها الذاتي وهو المهم الذي سيعمل على التحكم بمجرى الصراع على الأرض بين الناهبين والمنهوبين على الصعيد الدولي وعلى الصعيد المحلي لكل دولة، وسيتطور العامل الذاتي «الحزب الثوري» في مجرى الصراع بين الطرفين إلى أبعد من المطالبة بتحسين الأجور أو تحسين شروط العمل أو الضمان الصحي، بل سيذهب باتجاه أكثر عمقاً، وهو الجانب السياسي الذي سيطيح بالمنظومة الرأسمالية خاصة مع ما يجري من تطورات سياسية واقتصادية وعسكرية ستكون نتائجها تغيير وجه العالم لمصلحة الشعوب المنهوبة.
«نحن عمال سورية إن كنا سندخل أراضينا المحتلة فسندخلها للتحرير وليس للعمل» هذا موقف من أحد المواقف العمالية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريح هيئة البث الخاصة بالاحتلال الإسرائيلي عن عزمها إدخال عمال سوريين من المناطق التي احتلتها حديثا إلى الجولان المحتل للعمل هناك مقابل أجر يومي ما.
من المؤكد أن الأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية وخاصة في هذه الأوقات الصعبة التي يتعرض لها العمال والمعروفة للجميع؛ فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، عبر تحسين القدرة الشرائية للأجور بالنسبة للأسعار، وخاصة مع غلاء الأسعار التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، رغم كل ما يقال عن هبوط في الأسعار، وهذا يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ويعني تعزيز انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.
يَعرِفُ مَن يصنعون ويطبّقون السياسات المضرّة بمصالح وحقوق شعبنا، وكذلك العمال في بلدنا، أنَّ العدوَّ الحقيقي لسياساتهم، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، ولجم سياساتهم إنْ أتيحت لها الفرصة، وتوفَّر لها المناخُ المناسب - هي الطبقة العاملة. لذلك يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكها لناصية القرار المطلوب، وإبقائها في حالة عجز غير قادرة على القيام بأيّ فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها.
كثيراً ما كتبنا في جريدة قاسيون عن أوضاع الطبقة العاملة من حيث أجورها المتدنيّة جدّاً، وكثيراً ما كتبنا عن مجمل حقوقها المسلوبة بقوة الهيمنة وقوة القمع وقوة القوانين التي فُصِّلَتْ على مقاس قوى النهب لمنتوج عملها، والآن نرصد تحركاتها المختلفة بعد قرارات الفصل وإغلاق العديد من معامل القطاع العام وإرسال عمالها إلى الشارع لينضموا إلى جيش العاطلين عن العمل المتزايد عددهم مع تزايد تلك القرارات الجائرة بحقهم وحق معاملهم.