بصراحة .. النقابات والسياسات الليبرالية في السابق والحاضر
من المفترض ألا يشك أحد في أهمية موقف الحركة النقابية في القضايا الوطنية العامة، والسياسية، والاقتصادية بشكل خاص. وأهمية الموقف النقابي المفترض مكتسبٌ أساساً من الدور التاريخي الوطني الذي لعبته الحركة النقابية في المفاصل المهمة التي تتطلب موقفاً حازماً وحاسماً. وقد ارتكزت تلك المواقف المتخذة إلى مجموعة من الشروط المحققة مسبقاً، يأتي في مقدمتها الرؤية والخطاب الواضحان تجاه القضية المراد اتخاذ موقف منها، المدعومين من القاعدة العمالية الواسعة التي يُعبَّر عن موقفها وتُقاد باتجاه تحقيقه.
وما كان ليتم ذلك دون أن تكون الحركة مستقلةً في قرارها، رافضةً لمن يملي عليها من خارجها سياساته ومواقفه. وهو ما لم يتحقق بشكل أو بآخر في العقود اللاحقة، مما انعكس على العمل النقابي والمواقف النقابية مما كان يجري على الأرض، وخاصةً القضية المتعلقة بالسياسات الاقتصادية الليبرالية وتطبيقاتها التدميرية التي حصدنا نتائجها، وما زلنا نحصدها على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
على الرغم من كل ما قيل عن مخاطرها على الصعيد الوطني والاقتصادي في الاجتماعات والمؤتمرات النقابية السابقة لسقوط النظام السابق، حيث شكّل ذلك ممانعةً جزئيةً للمشروع الليبرالي، ولم يتمكن من إيقافه أو تعطيله لأسباب كثيرة لسنا بصدد تعدادها. ولكن يمكن ذكر أحد أسبابها المهمة، المتمثل برفض الحركة النقابية - وما زالت - تبنّي حق الإضراب كسلاح مهم في مواجهة السياسات الاقتصادية الليبرالية المتبناة من النظام السابق، والتي نفذتها الحكومات المتعاقبة آنذاك. مما خلق أزمات اجتماعية واقتصادية عميقة في المجتمع، أهمها ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والجريمة المرتبطة بانتشارها نتيجة معدلات الفقر والبطالة المتحققة من خلال تطبيق السياسات الليبرالية المدعومة بالقوانين وبقوى الفساد ورأس المال.
حيث تضخم ذلك إلى مستويات غير مسبوقة، مما شكّل خطراً حقيقياً على القضية الوطنية وعلى الوطن، لارتباطاته في الخارج ومع الخارج بسبب مصالحه، الذي نعبر عنه بلغتنا السياسية بأنهم «بوابات عبور العدو الخارجي إلى الداخل».
سقط النظام، ولا يؤسَف على سقوطه، ومع هذا ما تزال اللوحة النقابية السابقة مستمرة في العمل واتخاذ المواقف في القضايا العمالية التي يجب أن يكون لها منها موقف واضح وصريح وحازم أيضاً. ويمكن أن ندلل على ما نقوله بأهم قضية يعاني منها العمال وتؤرق حياتهم وتجعلهم حيارى فيما يجب عمله، ألا وهي أجورهم التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع. والقضية الثانية: موقفهم من إغلاقات معامل القطاع العام وتسريح عمالها وإعطائهم إجازات قسرية، حيث اقتصرت المواقف على المطالبة والترجي والمناشدة من خلال تسطير الكتب والمراسلات الشبيهة بتلك التي كانت ترسلها النقابات إلى الحكومات السابقة، وتمكث في أدراج المسؤولين حتى يشاء الله.
تكمن المشكلة الأساسية في انفصال النقابات عن قواعدها، والتي لم يكن لهذه القواعد رأيٌ فيها، وبالتالي هي مرهونةٌ في قراراتها ومواقفها لمن يرعاها الآن وفقاً لشروطه ومصالحه.
الطبقة العاملة السورية ستتمكن عاجلاً أم آجلاً من إعادة تنظيم قواها وترتيب صفوفها، وبالتالي انتزاع حقوقها، كل حقوقها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1231