بصراحة .. التوازن مفقود بين زيادة الأجور ووسطي تكاليف المعيشة للعمال
تعيش الطبقة العاملة والعاملون بأجر، وكذلك عموم فقراء الشعب السوري «العنيد» حالة كارثية من تدهور أوضاعهم المعيشية، وتزداد كارثية أوضاعهم أكثر جرّاء مجمل القرارات التي صدرتْ تباعاً، والقاضية بتسريح العمال والموظفين وإعطاء قسم كبير منهم إجازات قسرية لمدة ثلاثة أشهر، وكذلك إغلاقات المعامل في القطاعات الإنتاجية المختلفة، رغم الادعاءات الكثيرة بأن الحكومة ستدعم الإنتاج، ولكن الحقيقة أنها ذاهبة إلى تدمير ما تبقى من مراكز الإنتاج لصالح الاستثمارات الموعودة بها، والتي لن تأتي لأسباب كثيرة باتت معروفة.
أثَّرَت هذه الأوضاع المريرة التي يعيشها العمّال في دفعهم للتحرك دفاعاً عن حقهم الدستوري الذي ألغته حكومة تصريف الأعمال، وتركتهم لمصيرهم المظلم مع عائلاتهم. حركة العمال لم تكتملْ ولم تفعل فعلها المطلوب، وهو الضغط على حكومة تصريف الأعمال للعودة عن قراراتها المتَّخذة جُوراً بحقّ ألوف العمّال والموظَّفين، وإعادتهم للعمل، والسبب الرئيس في ذلك، أنّ الطبقة العاملة تُكوِّنُ خبرتها الجديدة بالدفاع عن حقوقها بالتجربة، والتجربة ستمكّنها من النضج والخبرة اللازمَين لها في عملية المواجهة التي لن تنقطع ولن تستكين، وإنْ توقفت مؤقتاً بسبب الأحداث الدامية التي حصلت في الساحل السوري، وهذه الأحداث قد أثّرت على عملية التواصل مجدَّداً، ولكنها ستعاود الكَرَّة مرة أخرى ومرات، وليس لها خيار آخَر إلّا المواجهة والدفاع عن حقّها وحقّ أطفالها في العمل.
إنّ الحكومة تعيد المسارَ نفسَه الذي كان يسلكه النظام المخلوع، في تعامله مع أجور العمال وزيادتها، وهنا يجدر التنويه بأن الزيادة الأخيرة على أجور العمال ليست كسابقاتها، ولكنها تبقى غير محققة للتوازن المفترض بين الأجور ووسطي معيشة العمال، لأن إزالة الدعم الذي جرى عن الخبز والمحروقات وارتفاع أجور النقل وأي رفع قادم لمواد أخرى كالخبز والكهرباء ستُبخّر الزيادة الممنوحة، خاصة وأن السوق يعمل على هوى المتحكمين به، ويفرض الأسعار المناسبة للمتحكمين بمجريات السوق من حيث البيع والشراء.
عمال القطاع الخاص محرومون من الزيادات على أجورهم، وترك هذا الأمر لأرباب العمل، في أن يمنحوا زيادة الأجور أو يبقوا على الأجور كما هي، مع أن الحكومة قد ناشدت أرباب العمل لزيادة أجور عمالهم، ولم تفرض عليهم سوى سماع المناشدة إن رغبوا أخذوا بها، وإن لم يرغبوا فليس عليهم حرج.
النقابات كما هي عادتها القديمة مع النظام الساقط، ترسل برقية الشكر والامتنان لمانح «المَكرُمة» المقدَّمة للعمّال، مقدِّمين له الولاء دون النظر لواقع العمّال الذي يعيشونه، ودون النظر لدورهم المفترض أنْ يقوموا به، بأنْ يكونوا إلى جانب العمّال في حراكهم واحتجاجاتهم. ونعتقد أنّ هذا لن يحدث من قبل النقابات طالما هذه القيادات تبحث عن مصالحها أولاً.
الطبقة العاملة ستشق طريقها مرة أخرى، وستبدع في الدفاع عن حقوقها، والجانب الأهم في هذا الموضوع قدرتها على تنظيم نفسها. والتنظيم سيوجد تلك القيادات العمالية الواعية المسلَّحة بفكرٍ طليعي، يمكّنها من قيادة نضالات العمّال على مساحة الوطن، دون السماح لأحد بالهيمنة على قرارها المستقلّ، وموقفها الطبقي، المنطلق من المصالح الجذرية للطبقة العاملة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1232