عشتار محمود

عشتار محمود

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

«أولياء أمر» الصناعة العامة يُخَسّرونها..

كيف يخسر معمل؟! سؤال يبدو ذا إجابة بدهية، فإذا لم يتحقق الربح فهذا يعني الخسارة. ولكن علينا أن نتمهل قليلاً فمفهوم الخسارة أعقد بقليل في عالم السوق الرأسمالية سواء كانت في ألمانيا أو حتى في سورية...

فعملياً المعمل بوسائل إنتاجه وعماله قادر على إنتاج الربح، ولكن هذا الربح يبقى مخبأ في بطن البضاعة الجديدة، حتى يباع ويتحول إلى نقد، فإذا تراجع الاستهلاك، أو وجدت سلع منافسة أقل تكلفة وأقلّ سعراً، فإن هذه البضاعة تكسد والربح لا يتحقق والخسارة محققة.

ولكن هذا ليس السبب الوحيد فغالباً ما تُخسّر المعامل بقرار من مالكيها، عندما يجد هؤلاء أن هذه «الصنعة» لم تعد مجدية كغيرها، لينقلوا أموالهم إلى قطاع آخر، حيث معدل الربح أعلى، ويبقى في سوق الصنعة المنتجون الكبار فقط القادرون على تحقيق ربحٍ عالٍ بتكاليفهم المنخفضة وأسعارهم الاحتكارية المرتفعة.
إذاً، الخسارة تأتي من ناحيتين: إما تراجع في قدرات السوق على الاستهلاك وكساد البضائع، أو عملية تخسير واعٍ ومقصود من صاحب رأس المال بإيقاف الإنتاج والتصفية ونقل الأموال إلى قطاعات أخرى أسرع وأعلى ربحاً، سعياً نحو تحقيق الربح الأقصى.
والآن لنحاول أن نطبق هذا الكلام العام السابق على حالة الشركات الصناعية العامة السورية، لنتساءل كيف تخسر هذه الشركات؟!
كيف تخسر الشركات
التي لا تهدف للربح؟
إذا تجاهلنا حالة الشركات المدمرة في ظروف الأزمة، وتوقفنا عند شركات تسميها وزارة الصناعة خاسرة أي: أنها مستمرة بالعمل ولكن تخسر بشكل سنوي وحدية أي: أنها على شفا الربح. وفي التساؤل حول الأسباب الأساسية نستطيع القول إن واقع السوق وصعوبات التسويق، أي عدم قدرة هذه الشركات على تصريف منتجاتها كاملة ليس السبب الأساسي للخسارة، بل تخسر هذه الشركات بالدرجة الأولى لأنها لا تنتج بما يكفي لتغطية التكاليف الثابتة والأساسية وتكاليف الأجور!
فعملياً، أغلب الشركات الصناعية العامة تمتلك قدرة على تصريف منتجاتها، وتحديداً مع أسعارها وهامش أرباحها المنخفض، رغم أنها بالطبع تعاني من صعوبات تسويقية عديدة ولا تمتلك المرونة في تصريف منتجاتها في السوق، كالمرونة التي يتمتع بها منتجو القطاع الخاص، إلا أن ظرف تراجع الإنتاج الصناعي الخاص يتيح لها في ظروف الأزمة الحالية مستوى منافسة أقل مما كان قبلها.
الشركة التي لا تنتج تخسر حكماً
هذه الشركات تخسر لأنها لا تنتج، وهنا بطبيعة الحال سيكون مجرد وجودها هو خسارة، فطالما أن وسائل الإنتاج والمستلزمات والعمال موجودون فإن تفاعل العمال اليومي مع هذه الوسائل عبر عملية العمل يخلق حكماً قيماً مضافة جديدة، ومنتجات تحمل في قلبها قيمة وسائل الإنتاج وقوة عمل العمال، وطالما أنها تسعر وفق منطق السوق أي بالتكاليف وهامش الربح، فإن مجرد بيع المنتجات سيؤدي حكماً إلى تغطية التكاليف بل وتحقيق هامش الربح الموضوع في التسعيرة.
ذرائع توقفات وتقطعات الإنتاج كثيرة، ويمكن إجمالها: صعوبات تأمين المواد الأولية واستمرارية التزود بمصادر الطاقة، وعدم توفر السيولة اللازمة لشراء المستلزمات وصيانة خطوط الإنتاج التي يعود بعضها إلى الثمانينيات، وعدم توفر عمالة كافية شابة ومؤهلة... وإذا ما نظرنا إلى مجمل هذه المعيقات فإن مصدرها هو واحد: عدم وجود نيّة بالإنفاق على القطاع العام الصناعي وحل مشاكله الاستثمارية، ولكن «النيّة» غير موجودة لدى من؟ لدى القائمين على إدارة المال العام والتصرف به، من أصحاب القرار، أو بمعنى آخر «مالكي» القطاع العام الصناعي. وهو ليس عاماً إلا اسماً، فكل سياسة إدارته والإنفاق عليه ومصير الإنتاج والتطوير فيه منذ عقود لا تخدم إلا بعض المصالح الخاصة، وتتناقض مع المصلحة العامة.
سعي نحو الربح الأقصى من الأموال العامة
عملياً ينطبق هنا أيضاً قانون السعي نحو الربح الأقصى، فالأموال العامة توظف وفق المصالح الخاصة، وفي المواضع والأماكن الأكثر ربحاً للقادرين على الربح من الأموال العامة، أي للفساد الكبير الذي يمد جذوره منذ عقود في السوق السورية، والذي كلما توغل في السوق كلما أصبحت إمكاناات تحقيق الربح من الصناعة العامة أقل بالنسبة له، ويصبح تخسيره واحدة من المهمات الموضوعة أمامها، كونه يتحول لعبء ثقيل، ومنافس للقطاعات الأعلى ربحاً كالاستيراد مثلاً أو كالاستثمار الخاص...
فمشكلة الصناعة العامة و«مبادرات إصلاحها» تعود إلى منتصف التسعينيات، وعملياً المشاكل المشخصة والواضحة جميعها لم يتم حلها، لأن الإنفاق الاستثماري إن وجد فإنه كان سيجد أيضاً مساربه ليصب بمعظمه مجدداً في علاقات الفساد الكبير بالسوق، أما في سنوات الأزمة بقدر ما زادت الشعارات حوله، إلا أنها عمّقت عملية «تخسيره» المستمرة منذ عقود، بالاستفادة من جملة ظروف العقوبات وصعوبة التمويل وغيرها من الذرائع التي يمتلك كل الجديين في المعامل العامة إجابتهم عن طرق ومخارج جدية للتخفيف من آثارها على الأقل.

(الفساد الطموح)
سيصطدم بالواقع..
علينا لفهم اتجاه ومصير الصناعة العامة أن نفكر من موقع الساعين للربح الأقصى، من القائمين على التصرف بالمال العام، ولا نتحدث هنا عن الموظفين الكبار بل عن مصالح قوى المال التي تحرك السياسات والقرارات التي تطبقها الحكومة، فهؤلاء يعتبرون أن نموذجاً مضيئاً واحداً للنجاح في الصناعة العامة هو نقطة ضعف لمشروع الاستثمار الخاص في سورية في المرحلة القادمة، ويهدد بإحياء دور صناعي هام لجهاز الدولة، وهو يعني (سوقاً مسحوبة من أصحاب السوق)، وهم يسعون جاهدين للبحث عن طرق «التدليل عليه» والبحث عن عقود استثمار والاستفادة من عقاراته وخبراته ودوره السابق.
ولكن على هؤلاء أن يكونوا واقعيين، فحجم أزمة البلاد الاقتصادية والاجتماعية لن يسمح بنماذج الاستثمار التقليدية، وبتصفيات، وستتطلب الظروف بشكل ملح أن تكون مفاصل صناعية هامة متحررة من الهدف الضيق للربح، أي خاضعة للمصلحة العامة وبالتالي للملكية العامة فعلاً لا اسماً، وسيكون هذا محمياً بضرورات التطور الموضوعية، وبقوة أصحاب المصلحة العامة عندما يمتلكون القوة السياسية للدفاع عن حقوقهم وممتلكاتهم بشكل جدي وفعّال.

الهوية الاقتصادية الضائعة!

ما هي هوية الاقتصاد السوري؟! واحدة من أكثر الجمل تكراراً لدى المهتمين بالشأن الاقتصادي السوري، حيث يعتبر البعض أن هذه الهوية الضائعة هي «لبّ المشكلة»، ولكن هل فعلاً الاقتصاد السوري بلا هوية؟! 

مليون هكتار من القمح... وإنتاج بـ 400 مليون دولار تقريباً..

1,1 مليون هكتار من الأراضي الزراعية التي لا تزال قيد الإنتاج في سورية، وقد زرعت بالقمح في موسم العام الحالي، كما تشير التقديرات، ومن هذه المساحات فإن الإنتاج المتوقع لموسم 2017 الذي بدأت بواكير حصاده قد يبلغ 2,17 مليون طن! وفق تصريحات رسمية لوزير الزراعة، ولكن بعيداً عن التصريحات الرسمية فإن أرقام الغلة الوسطية في العام الماضي تقول: بأن مساحة كهذه ستنتج قرابة 1.5 مليون طن..

تركيا.. ضد تركيا؟!

لا تستطيع الولايات المتحدة المتراجعة أن تحمي تحالفاتها الإقليمية في منطقتنا بل وتبدو وكأنها تستغني عن هذه التحالفات المتشكلة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، والمتعمقة خلال الحرب الباردة، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لتصل بها الأمور إلى مواجهة سياسية مباشرة مع حلفائها القدماء، وأبرزهم تركيا... 

القروض المتعثرة والجديدة.. «الحكي السهل والفعل الصعب»

(300 مليار ليرة إقراض للقطاع الإنتاجي) والكثير من الحديث الحكومي حول تحريك عجلة الإقراض المتوقفة منذ عام 2012 بشكل كلي تقريباً، إلا أن هذا الملف يأتي دائماً مع عبء القروض المتعثرة وملفها الشائك، فالمنطق يقول: إن توسيع الإقراض يرتبط بحل التعثر، وأكثر من ذلك بمنع أسبابه، وتوفير شروط نجاح الإقراض... ولكن كيف؟!

هل سيقرض أصحاب الأرباح الحكومة؟!

عاد الحديث عن سندات الخزينة الحكومية ليتجدد، أي: الحديث عن أن الحكومة عليها أن تجد مصادر للتمويل، من السيولة المتكدسة في السوق السورية، على أن تعطي هؤلاء أوراق دين على شكل سندات، وتضمن لهم سداد أموالهم مع فائدة، رفعها البعض سابقاً إلى 20%، وتتراوح اليوم بين 5-6% بحسب مقترحات أكاديميين سوريين.

 

«لا تتعبوا حالكن.. زيادة ما في»!

أكد رئيس الحكومة في أحد اجتماعاته المتتالية التي تنقلها وسائل الإعلام: أنه ما من زيادة للرواتب، وبنى تأكيده هذا على حقائق اقتصادية علمية: فزيادة الرواتب بتمويلها عبر العجز الحكومي ستؤدي إلى ارتفاع نسب التضخم، وإلى ارتفاع في الأسعار..

 

إلى أين وصل  «مرض» الاقتصاد السوري؟!

كان الاقتصاديون السوريون يقولون قبل عام 2010: إن الاقتصاد السوري «مشلول تنموياً»، ومصاب «بمرض عضال» يعيق النمو الاقتصادي، وبالتالي يعيق السير خطوات للأمام، وهذا المرض ناجم عن ثلاث اختلالات أساسية: 

 

 

من 45% إلى 63% من الناتج الربح الصافي للقطاع الخاص السوري!

في عام 2010 حصل أصحاب الأجور على 25% من الناتج، بينما الأرباح حصلت على 75% كما قلنا وكررنا، وهذه النسبة وصلت إلى 13% للأجور في عام 2015، ومقابل 87% للأرباح، وإلى 11% للأجور في 2016 مقابل 89% للأرباح، فما الذي يفعله «هؤلاء الرابحون» بهذه النسبة الكبيرة من الناتج؟!